المشاهد نت

“يوم المعلم” رمزية تبعث الألم للمعلمين في اليمن

ثلثي العاملين في التعليم لم يتقلوا أجورهم منذ 2016-ارشيفية

تعز – مجاهد حمود

يشكو عادل هزاع، اسم مستعار لتربوي في صنعاء، من انقطاع المرتبات منذ العام 2016، وتفاقم الحالة المادية لديه، وبصوت شاحب يقول في حديثه لـ”المشاهد”: “أعمل في إحدى المدارس الحكومية في العاصمة صنعاء منذ العام 2002، وكانت الأمور تسير طبيعيًا حتى العام 2016 حين انقطعت المرتبات وتدهور حالنا”.

ويضيف: “نحن مجبورون على الدوام، وكأن لا شيء يحدث، ولا نملك خيارًا آخر؛ إما أن تغادر وتترك وظيفتك التي تعيش بها، وإما أن تلتزم بالدوام رغماً عنك، ماذا نفعل؟”.

وعن تدابير حالته المعيشية وتوفير لقمة العيش يقول: “بعد انتهاء فترة الدوام في الصباح، ألجأ للعمل فوق الموتور، أجوب به شوارع صنعاء بحثاً عن لقمة العيش، والتي بالكاد أستطيع توفيرها”.

يحتفل العالم في 5 أكتوبر من كل عام، بيوم المعلم بهدف التركيز على «تقدير وتقييم وتحسين المعلمين في العالم»، وإتاحة الفرصة للنظر في القضايا المتعلقة بالمعلمين والتدريس. لكن هذا اليوم يتزامن في اليمن مع حرب مستمرة منذ نحو 8 سنوات، فاقمها أيضًا انقطاع مرتبات العاملين الحكوميين، بمن في ذلك المعلمون.

منذ العام 2016، يكافح مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين في المحافظات التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، من أجل الحفاظ على وظائفهم، فيعملون دون مرتبات، مجبورين على المواصلة خوفاً من الإقصاء والتصنيف لأطراف أخرى تحت مسميات مختلفة “العدوان، دواعش” وغيرها من المسميات الأخرى، حسب محمد سالم، اسم مستعار لتربوي في صنعاء.

وقالت منظمة اليونيسيف في تقرير نشرته في يوليو من العام الماضي، عن وضع التعليم في اليمن، إن 171.6 ألف معلم ومعلمة أو ثلثي العاملين في التعليم لم يتسلموا مرتباتهم بشكل منتظم منذ أربع سنوت. وأضاف التقرير أنه مع تعليق دفع الرواتب وتعرض المدارس للهجوم باستمرار، اضطر العديد من المعلمين إلى إيجاد مصادر بديلة للدخل لإعالة أسرهم.

المرتب لا يكفي

الحال لا يختلف كثيرًا في المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، رغم انتظام مرتبات المعلمين، إلا أن المرتب الحكومي لا يفي بالاحتياجات المعيشية.

يقول إبراهيم محمد، معلم في مدرسة عائشة ببير باشا محافظة تعز، الواقعة ضمن سيطرة الحكومة، إنه نتيجة غلاء الأسعار بسبب تدهور العملة الوطنية لا يكفي الراتب لشراء كيس دقيق ونصف كيس أرز فقط، بعد وصول الدولار إلى 1500 ريال يمني، وما أتسلمه كراتب حكومي 80 ألف ريال، مايعادل  71.36 دولار.

وكشف تقرير صادر هذا العام عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، بعنوان “تشابه الوضع واختلاف القِيمة بين صنعاء وعدن”، عن حجم الفجوة بين سعر صرف الريال مقابل الدولار وأسعار السلع الأساسية في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، وانعكاس ذلك على القدرة الشرائية والمعيشية للمواطنين، حيث وصلت نسبة العجز من حيث تغطية الاحتياج الشهري للأسرة الواحدة في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، إلى 85%، مقارنة بـ2% في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، التي تشهد انتظامًا نسبيًا في صرف رواتب العاملين في القطاع الحكومي.

إقرأ أيضاً  التحذير من تقلبات الطقس باليمن

وتوصل التقرير إلى أن الفارق السعري بين مناطق سيطرة جماعة الحوثي ومناطق الحكومة اليمنية، يصل إلى 21.8 دولارًا، بالنسبة للسلة الغذائية الأساسية الشهرية، إذ تحتاج الأسرة في صنعاء إلى 106.2 دولارًا شهريًا، بينما تحتاج أسرة مشابهة لها في عدد الأفراد بعدن إلى 84.4 دولارًا.

العمل في مهن أخرى

عابد طاهر، أحد المعلمين في محافظة تعز، يقول لـ”المشاهد”: “بعد أن وجدت نفسي عاجزًا عن توفير الاحتياجات الضرورية التي لم يغطها الراتب الحكومي، لجأت للعمل في أحد المخابز بالمدينة بالأجر اليومي، لاستكمال توفير المتطلبات المعيشية التي تبقينا على قيد الحياة”.

بهذه الكلمات اختصر عابد معاناة يعيشها ألاف المعلمين في اليمن، بعد أن وجدوا أنفسهم في واقع مأساوي يرثى له، ولا أحد يلتفت إليهم.

التربوي عبدالله مدهش هو مدرس آخر يعمل في حافلة صغيرة في المساء لتوفير الاحتياجات المعيشية، ويقول لـ”المشاهد”: “ما أتسلمه هو ٦٠ ألف ريال لا غير، ما يعادل 50 دولارًا، كوني من التربويين الذين حصلوا على درجاتهم الوظيفية متأخرًا آخر دفعة تم توظيفها نحن في العام ٢٠١٢”.

“وماذا أفعل بها مع غلاء الأسعار في ظل نفقات المعيشة والسكن والخدمات ومقتضيات الحياة الأساسية؟”.

حرب على المعلم

"يوم المعلم" رمزية تبعث الألم للمعلمين في اليمن
انفوجرافيك يوضح ضحايا المعلمين جراء الحرب-اليمن

يقول عبدالله، اسم مستعار لأحد الموظفين في وزارة التربية والتعليم بصنعاء، إن “قيمة المعلم أهدرت وخفت ضوؤه وضاعت هيبته بعد أن سلبت حقوقه المشروعة، وأُرغم على العمل مجبرًا، وآخرون تم إقصاؤهم بعد أن تم التلاعب بهيكلية المنظومة التعليمية، وإسناد الأمر إلى غير أهله من الكفاءات من خلال التعيينات التي تتم على أسس سلالية أو فئوية، وهو ما أخل بالمنظومة التعليمية، وأدى إلى انهيارها كما لم يحدث من قبل”.

وكان لهذه الأمور تداعيات أخرى، حيث أوضح تقرير لليونيسف أن التعطيل المستمر للعملية التعليمية بسبب النزاع في اليمن، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلًا، كان له تأثير بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية لكافة الأطفال في سن الدراسة، البالغ عددهم 10,6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

وقالت نقابة المعلمين اليمنيين إنه منذ 21 سبتمبر 2104 حتى منتصف العام 2021، قتل 1572 معلمًا، منهم 18 إداريًا.

وشهدت محافظة عدن 19 عملية اغتيال لمعلمين وتربويين، وكانت محافظة الحديدة الأعلى من حيث عدد الانتهاكات، بواقع 126 واقعة، تليها محافظة ذمار بواقع 113 واقعة انتهاك، ثم محافظة صنعاء بـ89 حالة انتهاك طالت معلمين وتربويين منذ سبتمبر 2014  حتى منتصف العام 2021.

مقالات مشابهة