المشاهد نت

سيئون مدينة الترانزيت والتاريخ وجوهرة في جغرافيا مشتعلة بالحروب

مدينة سيئون - المشاهد

المشاهد- سيئون – خاص:
بعد رحلة شاقة وصلنا سيئون الرابعة فجرا، الفنادق ممتلئة بالبشر، مدينة الترانزيت لا تخلو من المسافرين. إنها الوجهة الممكنة في زمن الحرب.
الشمس تمد عنقها على قمم الجبال المحيطة بالمدينة المسكونة بالهدوء، رويدا، رويدا تبدأ الحياة تدب في الشوارع الممتدة إلى عمق التاريخ وردهات الحاضر، تاريخ المكان يتأمل الشمس، والناس، يتأمل الإيقاع اليومي لحركة الصباح والمارة.
في زاوية من الشارع الرئيس يجلس الشاعر الشعبي أحمد باتيس يتلو كلماته المعبرة عن الواقع للجالسين حوله أمام البوفية المتنقلة، النادل يبتسم أمام الكاميرا، التفاؤل رفيقه الدائم كما تخبرني ملامح الناس هناك. يقدم الخمري والشاهي البخاري لزبائنه ثم ينصرف مبتسما أيضا.
“لا شأن لنا بالحرب”يقول الشاعر باتيس. ويضيف باتيس لـ(المشاهد):”سيئون جزء من هذا الوطن الجريح، لكنها أكثر هدوء من غيرها كما ترى، وربما هذا ما جعلها اليوم مكانا لتجمع المسافرين من المحافظات ومن ثم إلى دول أخرى”.

سيئون مدينة الترانزيت والتاريخ وجوهرة في جغرافيا مشتعلة بالحروب
قصر سيئون – المشاهد

السابعة صباحا تبدأ الحركة الدءوبة في المدينة، المطاعم على غير العادة مزدحمة، السوق يضج بالحياة، المكان يهتز تحت أقدام العابرين.
على بعد نظر يترأى قصر سيئون التاريخي، وكأن العمال انتهوا من بنائه للتو، يا الله كيف يبدو شامخا في هذا الحاضر الملء بالألم؟ يقع إلى جواره مسجد الجامع الأقدم في المدينة حيث تعانق منارته فناء القصر، ويعانق الاثنين أشعة الشمس المتدلية كقوس.
الحمام، والناس لا فرق كل منهم يتأمل الأخر دون خوف، إنه المكان الوحيد في اليمن ربما تتمشى فيه الحمام بين أقدام العابرين، هناك رابط إنساني مع هذا الطائر الأليف، ورابط إنساني بين السكان الأصليين والزائرين لهذه المدينة المتأصلة في الصحراء المترامية الأطراف.
يقول المواطن سالم الخليفي لـ(المشاهد):”كلنا يمنيون، ولا فرق بيننا، وكل ما يحدث لشق الصف مفتعل من قبل بعض المرضى”.
لا وجود هنا للأعلام الشطرية، لا وجود للعبارات الداعية إلى الانفصال والفرقة، فقط يوجد لوحات كبيرة تحث الناس على الصلاة والإخاء، يا لها من مدينة تنشر التسامح وتبث الروح النقية في الأجساد المريضة.
“مدينة مثيرة للدهشة”يقول الزائرين لها. دورية الجيش الوطني لا تتوقف، بكل هدوء تعبر الشوارع، وبكل هدوء تتحسس الأزقة المتراصة أسفل أقدام الجبال.
لا أحد يسألك: من أين جئت؟ وإلى أين ذاهب؟ فقط يبتسمون في وجهك وينصرفون، وحين تغادر المكان أنت يكون المساء قد أسدل ستاره على بواسق النخيل المحتضنة للمدينة.
نشاط تجاري.
على بعد أمتار قليلة يقع مطار سيئون الذي ظل شبه متوقفا طيلة سنوات كثيرة، وبدأ حركته النشطة بعد توقف مطار صنعاء منتصف هذا العام، كما هو حال المدينة التي وجدت في هذه الحاجة إليها متنفس للنشاط التجاري طالما افتقدته في سنوات مضت.
يقول التاجر ناصر النقيب لـ(المشاهد):”لم تكن المدينة بهذا النشاط التجاري قبل أن تبدأ رحلات اليمنية من مطار سيئون إلى دول أخرى، لقد تحول المطار إلى مطار دولي، واشتغلت الفنادق، والمطاعم، والمحلات التجارية”.
تقلع الطائرة بالمسافرين وتترأى المدينة في الأسفل كما لو أنها جوهرة في جغرافيا مشتعلة بالحروب والأحداث الساخنة.
تودع الناس ولا تنسى ابتساماتهم المليئة بالتفاؤل والأمل.

مقالات مشابهة