المشاهد نت

الصواعق الرعدية.. موت موسمي في اليمن

وفاة وإصابة 173 شخصا بالصواعق الرعدية في اليمن خلال السنوات الثلاث الماضية

عدن – مازن فارس

لايزال صِدِّيق عبدالكريم يعاني من آلام في اليد اليمنى والرقبة جراء تعرضه لصاعقة رعدية أثناء هطول أمطار غزيرة على محافظة لحج (جنوب اليمن)، مطلع يونيو الماضي.

كان صِدِّيق وأربعة من رفاقه يحتمون في كهف على قمة جبل شندود بمديرية طور الباحة شمالي لحج، لحظة هطول المطر المصاحب لصواعق رعدية ورياح شديدة.

“وميض برتقالي أضاء المكان، تبعه رعد كان صوته مُفزعًا”، يتذكر صِدِّيق لحظة حدوث الصاعقة التي نجا منها هو وثلاثة من أصدقائه، بينما الخامس توفي على الفور.

ويستمر البرق حوالي 0.2 ثانية. ويبلغ معدل وميض البرق النموذجي حوالي 300 مليون فولت و30 ألف أمبير، حسب وكالة الأرصاد الوطنية الأمريكية.

يقول صِدِّيق: “فقدت وعيي لنحو ربع ساعة، وإحساسي بأطرافي السفلية. لم أستطع الكلام. ألمٌ شديد في يديَّ وأعصاب قدميَّ استمر لمدة يومين”.

“لغزارة المطر وكثرة الرعود كان يخيل لي قبل الحادثة أن البرق سيضربنا، خصوصًا وأن هذا المكان سبق أن وقعت فيه حوادث مماثلة”، يضيف لـ”المشاهد”.

وتعد المرتفعات الجبلية والأجسام الطويلة غالبًا عُرضة للبرق والبرق المتكرر من السحابة إلى الأرض، وفق المختبر الأمريكي للعواصف.

الكلفة البشرية

لا توجد إحصاءات رسمية بأعداد الأشخاص الذين يفقدون حياتهم في اليمن بسبب البرق كل عام. ورصد معد التقرير وفاة وإصابة 173 شخصًا خلال الأعوام 2020-2022، استنادًا إلى تقارير أممية ووسائل إعلام محلية.

رسم بياني تفاعلي يوضح إحصائيات ضحايا الصواعق الرعدية خلال الأعوام الثلاثة الماضية

انفوجرافك تفاعلي يوضح الضحايا للصواعق الرعدية خلال السنوات الثلاث الماضية

ويتوزع الضحايا على 15 محافظة يمنية، وجميعهم سقطوا خلال مواسم الأمطار السنوية ما بين مايو وسبتمبر. ويعد موسم العام الجاري الأكثر مطرًا منذ نحو 40 عامًا، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.

ويشير تقرير لمركز “سيفيك” الأمريكي، نشر مطلع أكتوبر الماضي، إلى أنه في السنوات الأخيرة، أصبحت الظواهر الجوية المتطرفة أكثر تواترًا في اليمن، بما في ذلك الأعاصير والأمطار الغزيرة والفيضانات المدمرة.

أسباب الصواعق

يرجع حدوث الصواعق الرعدية في اليمن إلى الرطوبة وارتفاع درجات الحرارة، التي ينتج عنها كميات كبيرة من الهواء الرطب الذي يرتفع إلى الغلاف الجوي، ويتفاعل مع الغيوم التي تحتوي على ملايين من قطرات الماء الباردة، يؤدي إلى توليد الصواعق الرعدية، بحسب الدكتور محمد الخطيب، أستاذ الفيزياء النظرية في جامعة تعز.

وتعتبر مرتفعات اليمن وجنوب غرب السعودية وجنوب السودان أكثر المناطق العربية تعرضًا للصواعق الرعدية، حيثُ يتعرض الكيلومتر المربع الواحد من هذه المناطق إلى ما يقارب الـ50 صاعقة رعدية، نتيجةً لتأثير سحب ممطرة، بحسب موقع طقس العرب.

ويُعرّف البرق بأنه شرارة عملاقة للكهرباء في الغلاف الجوي بين السحب والهواء والأرض، وهو إحدى أكثر الظواهر إثارة للرعب في الطبيعة.

أما الرعد فهو الصوت الذي يأتي من الانتشار السريع للهواء على طول ضربة البرق، غير أنه أبطأ من البرق، لأن الضوء أسرع من الصوت.

ويمكن قياس المسافة الفاصلة عنك وعن العاصفة الرعدية، من خلال حساب عدد الثواني بين وميض البرق ودوي الرعد الذي يتبعه، وقسمة هذا الرقم على 3، وسيخبرك هذا بعدد الكيلومترات التي تفصلك عن العاصفة، حسبما ذكر المختبر الوطني للعواصف الشديدة بالولايات المتحدة.

وتحدث الصواعق الرعدية نتيجةً لعدم توازن الشحنات الكهربائية بين السحب أو بين السحب والأرض (عندما يكون الجو غير مستقر)، كما يقول الخطيب لـ”المشاهد”، موضحًا أنه عند “هطول الأمطار تتراكم شحنة سالبة على الجانب السفلي للسحابة، وتتراكم شحنة موجبة على سطح الأرض أو على سحابة أخرى، ونتيجةً لذلك يصبح الغلاف الجوي في حالة عدم توازن للطاقة، فيتم إطلاق صاعقة من السحابة إلى الأرض أو من سحابة إلى سحابةٍ أخرى”.

إقرأ أيضاً  مرآة الدراما اليمنية في رمضان للعام 2024

ويضيف: “تختلف الصواعق بحجمها وشكلها، ولا تحمل جميعها نفس كميّة التيار الكهربائي، وحتى الغيمتان اللتان لهما نفس الحجم قد تنتجان كميات مختلفة من الصواعق، حيث يعتمد حجم الغيمة أو السحابة على مقدار الشحنة الكهربائية فيها، وعلى أمور أخرى كثيرة، مثل: سرعة الهواء الذي يتحرك داخلها، وكميّة البلورات الجليدية التي تشكّلت فيها”.

أنواع الصواعق

أما بالنسبة لأنواع الصواعق الرعدية؛ فيُبيّن الخطيب أن هناك “صواعق بين السحب، وهي لا تصل إلى الأرض، بل تحدث بين السحب فقط”.

والنوع الآخر هو صواعق من السحب إلى الأرض، وعادةً ما يتلقى هذه الصواعق أجسام مرتفعة تطلق طاقة موجبة للأعلى، وهذا النوع من الصواعق يؤثر على الأرض.

ويُقسِّم الخطيب إصابات الصواعق إلى “مباشرة وجانبية، والأخيرة تحدث عندما تصيب الصاعقة الأرض وتنتشر في الهواء. بالإضافة إلى شحنات أرضية تحدث عندما تصيب الصاعقة الأرض وتنتشر منها إلى المصاب، وهي الأكثر انتشارًا”.

إرشادات

ولتجنب التعرض لضربات الصواعق الرعدية، ينصح الخطيب بالبقاء في المنزل، وعدم استخدام أية أدوات موصولة بالكهرباء، والابتعاد عن المرتفعات والأماكن الخطرة، بالإضافة لاستخدام المواد العازلة للصواعق.

كما يُنصح بتجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية بكافة أنواعها، والهواتف السلكية، وعدم الاستلقاء على أرضيات خرسانية.

أما بالنسبة لاحتياطات السلامة في الهواء الطلق، فإنه يُنصح بعدم الاحتماء بالصخور، والابتعاد عن الأجسام المائية، واللجوء إلى المباني الكبيرة والمركبات ذات السقف الصلب، وتجنب ركوب المركبات المفتوحة مثل السيارات المكشوفة والدراجات النارية، والابتعاد عن المساحات المفتوحة والهياكل العالية، مثل أعمدة الهاتف والأشجار، لأن البرق يميل إلى ضرب أطول جسم حوله.

إنفوجراف إرشادي – السلامة من الصواعق الرعدية

الصواعق الرعدية.. موت موسمي في اليمن
انفوجرافك إرشادي-الصواعق الرعدية

خرافات وأساطير

هناك العديد من الأساطير والخرافات حول الصواعق الرعدية، ومنها ما يتعلق بكيفية التصرف أثناء حدوث هذه الظاهرة الطبيعية. ونرصد هنا أبرز خمس خرافات شائعة، وتفنيدها استنادًا لمعلومات ودراسات نشرتها خدمات أرصاد جوية عالمية.

الخرافة: الانحناء للأسفل أثناء الصواعق الرعدية يقلل خطر التعرض للبرق.

الحقيقة: لا jجعلك القرفصاء أكثر أمانًا، إذا كنت عالقًا في الخارج أثناء الصواعق، بل يزيد الاستلقاء بشكل مسطح من فرصتك في التأثر بتيار أرضي مميت. يجب عليك التحرك نحو ملجأ آمن.

الخرافة: البرق لا يضرب نفس المكان مرتين.

الحقيقة: يمكن أن يضرب البرق نفس المكان بشكل متكرر، وغالبًا ما يفعل ذلك، بخاصةً إذا كان جسمًا طويلًا ومعزولًا.

الخرافة: يمكن أن تكون الشجرة بمثابة مأوى كافٍ أثناء عاصفة رعدية.

الحقيقة: الوقوف تحت أو بالقرب من الشجرة هو ثاني أخطر مكان خلال العاصفة الرعدية.

الخرافة: ضحايا البرق يحملون شحنة كهربائية إذا لمستهم، فقد تتعرض للصعق.

الحقيقة: ليس صحيحًا، لا يخزن جسم الإنسان الكهرباء. من الآمن تمامًا لمس ضحية البرق لمنحه الإسعافات الأولية.

الخرافة: الهواتف المحمولة تجتذب البرق.

الحقيقة: الهواتف المحمولة هي أجهزة منخفضة الطاقة، وليس لها أية خصائص تجعلها جاذبة للصواعق، لاسيما وأن كمية المعدن الموجودة فيها لا تكفي لزيادة خطر التعرض للصاعقة.

مقالات مشابهة