المشاهد نت

ماذا تريد اليمن من قمة المناخ؟

اليمن ضمن تكتل دولي في مفاوضات المناخ لتقليل أضرار التغير المناخي على الدول النامية

عدن-محمد علي محروس

منذ السادس من نوفمبر 2022، تتجه أنظار العالم إلى مدينة شرم الشيخ المصرية ولمدة أسبوعين؛ حيث تعقد قمة المناخ أو ما تعرف بـ COP27، إذ تناقش وفود أكثر من 190 دولة حلولا مقترحة لحماية الأمن الغذائي العالمي، ولإنقاذ كوكب الأرض من تداعيات الظواهر المناخية المتفاقمة، كالتصحر وحرائق الغابات والجفاف.

تدخل اليمن القمة بملفاتٍ حساسة، فرضتها الحرب الدائرة في البلاد منذ ثمان سنوات، وما نتج عنها من انعكاسات تشكل خطرًا وشيكًا على البيئة اليمنية؛ فناقلة النفط صافر الرابضة قبالة ساحل مدينة الحديدة غربي البلاد، تمثل قنبلةً موقوتة تنذر بكارثة بيئية مهددة للحياة البحرية في البحر الأحمر، إضافة إلى انعكاسات أخرى سببتها الأسلحة التي استخدمتها أطراف الصراع، وكيف ساهم الوضع في تفاقم حالة إهمال الأراضي الزراعية والمحميات الطبيعية والحيوانات النادرة في البلاد؟

تحضر اليمن قمة شرم الشيخ بقضايا من العيار الثقيل، وبملف فيه الكثير مما يجب أخذه في الحسبان؛ حتى لا تتسع رقعة المشكلة التي جعلت البيئة اليمنية واحدة من ضحايا الحرب.

ماذا تريد اليمن؟

ما يدور في اليمن منذ مارس 2015، أغلق الباب أمام الاهتمامات الحكومية بالقضايا البيئية، إذ طغت ملفات ذات أولوية آنية فرضتها الحرب كالأزمات الإنسانية، تفشي الأوبئة ، والمواجهات العسكرية وما نتج عنها من ضحايا مدنيين، قتلى وجرحى، إضافة إلى المفاوضات السياسية التي وصلت في نهاية المطاف إلى طريق مسدود.

وفقًا لكلمة اليمن التي ألقاها الرئيس العليمي فإن اليمن تضع على رأس أولويات حضورها القمة أن البلاد كانت على الدوام أحد أكثر بلدان المنطقة المهددة بالجفاف، ما يمثل مصدرًا آخر للاقتتال الأهلي على الماء، والأرض، حيث يعتمد أكثر من 72 بالمائة من السكان على النشاط الزراعي الذي تنخفض إنتاجيته بشكل كبير.

كما ستلفت النظر إلى مساهمة التغيرات المرتبطة بارتفاع درجة الحرارة واضطراب مواسم الأمطار في انتشار المستنقعات، نتيجة الفيضانات، والسيول التي تؤدي إلى فقدان آلاف الأرواح، بأمراض كان يمكن علاجها، أو الوقاية منها.

يضاف لذلك ما تتعرض له المقومات البيئية والسياحية، من آثار مدمرة جراء التغيرات في ظل انهيار شبكة الحماية الحكومية تحت وطأة الحرب، وهو ما يتطلب التسريع بتعهدات خفض الانبعاثات، وبناء القدرات على التكيف ومضاعفة التمويلات لهذا الغرض، وقبل ذلك تعزيز فرص السلام بموجب قرارات الشرعية الدولية، والمرجعيات ذات الصلة.

الحرب والبيئة

ينظر للحرب بأنها انعكست بشكل سلبي على البيئة اليمنية ليس فقط من حيث تعدد الاهتمامات، بل كأضرار مباشرة، سببها إقحام أطراف الصراع لقضايا ذات تأثير بيئي في التجاذبات الحاصلة، كسفينة صافر التي تحمل على متنها 1,1 مليون برميل من النفط الخام، وترسو قبالة سواحل مدينة الحديدة، غربي اليمن.

السفينة المتهالكة تمثل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار بسبب حمولتها النفطية، وعدم خضوعها لصيانة كلية منذ اندلاع الحرب اليمنية، ففي حال حدوث أي تسرب نفطي فإن النظم الإيكولوجية البحرية في البحر الأحمر، وخاصة الشعاب المرجانية الجنوبية في البحر الأحمر والأراضي الرطبة الساحلية الهشة، مثل أشجار المانغروف والأعشاب البحرية في خطر؛ فالمكونات النفطية سامّة بالنسبة للنبات والأحياء البحرية، بما فيها العوالق والأسماك واللافقاريات والثدييات. ويمكن أن تسبّب الأمراض والمشاكل الإنجابية وإعاقة النمو والموت. كذلك، يمكن لتسرب النفط أن يخنق الكائنات والموائل البحرية، هذا ما توصلت إليه دراسة لمنظمة السلام الأخضر “Greenpeace” نشرت في كانون الأول/ ديسمبر 2021.

إقرأ أيضاً  لحج: «الكثبان الرملية» تودي بحياة مرتادي الطرق

الحرب صرفت النظر عن المحميات الطبيعية التي أصبحت عرضة للتدخلات البشرية، بالاستيلاء على بعض أراضيها واستزراعها بشكل غير قانوني، في تعدٍ خطير على خصوصية التنوع النباتي والحيواني في تلك المحميات. كما أن التراجع في ضبط صيادي الحيوانات النادرة بمحافظات أبين شبوة حضرموت الضالع. وينطبق الحكم على الاحتطاب الجائر المهدد للغطاء النباتي، والذي لجأ إليه اليمنيون بفعل أزمة الحصول على الغاز المنزلي، وسهولة الوصول إلى الأشجار في المناطق الريفية، على الرغم من صعوبة استمرار المزارعين في مناطق الاشتباك في زراعة أراضيهم بسبب الألغام المزروعة، وتعرض بعضها للتدمير جراء قصفها، وآخرين تسببت الأسلحة المستخدمة في الحرب بتلوث تربتهم ما أدى إلى تحلل وتبخر المواد العضوية الموجودة فيها.

بينما يذهب تقرير “تقييم تأثير الحرب في اليمن على تحقيق أهداف التنمية المستدامة”، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “UNDP” في نيسان/ أبريل 2019 إلى إن النزاع المطول لم يوقف التنمية في اليمن فحسب، بل إنه عكس مكاسب التنمية التي تحققت بشق الأنفس في البلاد لمدة 21 عامًا، كما أن الصراع الدائر يتسم بحجم معاناة غير متناسب، وموت غير مباشر، بسبب آثار الحرب على الحصول على الغذاء والخدمات الصحية والبنية التحتية المادية والاجتماعية. 

قمة المناخ واليمن

اليمن عضو في مجموعة 77 والصين  (G-77) التي ترأستها عام 2010، وهو تحالف للدول النامية يضم 134 دولة، تشكل تكتلًا للتعبير عن مصالحها الاقتصادية الجماعية وتعزيزها وتعزيز قدرتها التفاوضية المشتركة بشأن جميع القضايا الاقتصادية الدولية، تأسست في حزيران/ يونيو 1964.

تضم المجموعة دولًا عدة بما في ذلك الهند والصين والبرازيل ومصر وباكستان وجنوب أفريقيا، وتضم تحت مظلتها تكتلات ومجموعات أخرى، مثل المجموعة الأفريقية والمجموعة العربية وتحالف الدول الأقل نموًا وغيرها.

كما تعتبر المجموعة من أكبر وأبرز التكتلات في مفاوضات المناخ؛ لأنها تضم عددًا كبيرًا من المفاوضين الذين يمتلكون خبرات كبيرة في عملية التفاوض، وشاركوا في المفاوضات باسم الدول النامية لفترات طويلة.

ونجحت المجموعة التي تعد اليمن عضوًا فيها في جعل الخسائر والأضرار على جدول المؤتمر العالمي لهذا العام، بحسب منصة أوزون المصرية المتخصصة في قضايا البيئة والمناخ، كما تسعى خلال المفاوضات لإنشاء صندوق منفصل يمول الخسائر والأضرار التي تعرضت لها، إضافة للحصول على التمويل، وتحقيق الهدف العالمي للتكيف، وتفعيل شبكة سنتياجو للربط بين الدول النامية المتضررة من تغير المناخ، والكيانات والدول التي تستطيع تقديم الدعم لهذه الدول.

مقالات مشابهة