المشاهد نت

في اليمن.. شركات اتصالات خارج نطاق الموافقة الرسمية

تعبيرية

تعز – محمد عادل :

سقطرى المحافظة ليست كسقطرى الجزيرة؛ فالأرخبيل المكون من ست جزر محاذية للمحيط الهندي قبالة سواحل القرن الإفريقي بالقرب من خليج عدن، لا ينعم بالخدمات العامة والبنية التحتية التي يحتاجها سكان المحافظة المعلن عنها في ديسمبر 2013 كأحدث محافظة يمنية تتكون من مديريتين.

التنوّع البيولوجي المميز للجزيرة لا تحظى به المحافظة على مستوى المشاريع الأساسية، ومن بينها قطاع الاتصالات الذي جعل منها خارج نطاق الجمهورية اليمنية؛ فالمسافة البعيدة عن البر اليمني لم يكفِ لجعلها جزيرة معتزَلة، بل هناك شركة يمنية وحيدة للهاتف النقّال، وهي الأخرى لا يصل نطاق بثها إلى كافة التجمعات السكانية، إلا إن حضورًا آخر لشركتي هاتف نقّال تواجدا مؤخرًا في الجزيرة التي لا يختلف حالها كثيرًا عن ما يدور في البلاد منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، واندلاع الحرب اليمنية في مارس 2015.

 شركات غير يمنية

يجد “منذر علي” صعوبة بالغة في استكمال أعماله التي تحتاج إلى شبكة إنترنت بسرعة جيدة تمكنه من حضور اجتماعاته عبر الزوم، وإرسال واستقبال الملفات المهمة، وكذا مراسلة الأشخاص المعنيين والمرتبطين بعمله عبر البرامج المغلقة كواتساب وسيجنال وتيليجرام.

“أضطر إلى تأخير الكثير من أعمالي يوميًا، وهناك اجتماعات أعتذر عن حضورها لعدم الحصول على إنترنت مناسب يؤمّن لي اتصالًا كافيًا للحضور دون انقطاع، للأسف، لا نحصل على هذه الخدمة كما نريد، هناك شركة يمنية واحدة لا تغطي خدمة الإنترنت”، هكذا يعبر منذر عن معاناته اليومية مع الإنترنت في سقطرى في حديثه لـ” المشاهد”.

ويضيف بنبرة حزينة: “ندفع مبالغ باهظة لتأمين باقة إنترنت من شركة اتصالات غير يمنية، تتواجد بأسعار مبالغ فيها، مقارنة بالخدمة المتوفرة، نحن مضطرون للدفع، وإلا سنتوقف عن العمل”.

يمن موبايل هي الشركة اليمنية الوحيدة في الأرخبيل، لكنها تتوفر بخدمة الاتصال دون الإنترنت، والخدمة التي توفرها الشركة لا تغطي كافة أنحاء الجزيرة أو أماكن التجمعات السكانية حيث الاحتياج، فمستوى بث التغطية ضعيف جدًا، وهناك أماكن محدودة يصلها إرسال موجات الاتصال.

في اليمن.. شركات اتصالات خارج نطاق الموافقة الرسمية
أبراج اتصالات تابعة لشركة الاتصالات اليمنية تستخدمها شركة الاتصالات الأماراتية في سقطرى – خاص المشاهد

التواجد العسكري للقوات الإماراتية والسعودية في الجزيرة جعلها تعيش وضعية خاصة، خصوصًا مع سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على الجزيرة بدعم إماراتي في يونيو 2020، بينما تحضر السعودية بقوات تتواجد في مطار وميناء الجزيرة مع لواء عسكري بعتاد كامل منذ مايو 2018 بعد اعتراض الحكومة اليمنية على إرسال الإمارات لقوات عسكرية دون التنسيق معها، ما دفع السعودية للتدخل بإرسال قوات تابعة لها لحماية المطار والميناء واحتواء الأزمة بين الجانبين، لكن هذه الوضعية لم تحد من التواجد الإماراتي  الذي امتد ليصل قطاع الاتصالات.

تسيطر شركة اتصالات الإماراتية على الاتصالات في الجزيرة، حتى إن باقتها الشهرية تصل إلى مائة درهم إماراتي “32000” ريال يمني، بينما تنتشر أبراج بث الشركة في الجزيرة فإن الشرائح غير متاحة للبيع ولا توجد منافذ أو مواقع خاصة بها، بينما يضطر أبناء الجزيرة القادمون من الإمارات لشراء الشريحة قبل وصولهم إليها؛ من أجل تأمين اتصال وإنترنت يضمن لهم استمرار أعمالهم ومعرفة ما يدور في العالم.

إقرأ أيضاً  عادات وتقاليد العيد في المحويت

القوات السعودية هي الأخرى لديها أبراج خاصة بها، في أماكن تواجدها، مع وصول البث إلى كيلومترات محدودة في محيط سيطرتها، وهو ما يدفع السكان الذين يتواجدون بالقرب منها ولديهم شرائح سعودية للاستفادة من خدمة الإنترنت التي قال لنا مواطنون أنها تتوفر بتقنية 4G.

اختراقٌ للقانون

تواجد عسكري استند إلى طلب الرئيس السابق عبدربه منصور هادي بالتدخل لإعادة الشرعية، والذي على إثره أعلنت السعودية تحالفًا عسكريًا عربيًا شن عملية واسعة أطلق عليها عاصفة الحزم في مارس 2015، لكن التواجد الخدماتي المدفوع لم يعلن عن أي اتفاق رسمي بين وزارتي اتصالات البلدين أو توجيهات حكومية بالسماح لهذه الشركات بالعمل من أراضٍ يمنية، وهو ما بحثنا عنه ولم نجد أي إجابة عنه من جهة حكومية تفنّد أو تؤكد ذلك.

المحامي الحيدري : من حق الشركة اليمنية للهاتف النقال يمن موبايل التقدم بدعوى قضائية للحصول على تعويضات نتيجة المنافسة غير المشروعة من قبل الشركة الإماراتية، إضافة إلى ما لحق بها من أضرار

إلى ذلك يحتوي القانون 33 لعام 1996 موادًا واضحة حول قطاع الاتصالات، إذ تشير المادة الثانية من القانون إلى إن “الدولة هي الجهة الوحيدة ممثلة بوزارة المواصلات التي لها الحق في إنشاء مرافـق الاتصالات السلكية واللاسلكية وتشغيلها وصيانتها واستخدامها في أراضي الجمهورية وفيما بينها وبين الدول الأخرى ولها تفويض ذلك الى المؤسسة أو أي شخصية اعتباريه دون الإخلال بمبدأ السيادة الوطنية ومع مراعاة القوانين النافذة”.

المادة الثالثة من القانون تنص على “تكون الوزارة أو من تفوضه مسئولة عن تأمين خدمات الاتصالات ضمن أراضي الجمهورية منها أو إليها حسب الإمكانيات المتاحة لها في هذا المجال”، وتتيح إنشاء خطوط الاتصالات بما في ذلك إرسال الرسائل عبر الدوائر واستقبالها وحق إنشاء الشبكات المعدة للاستعمال الخاص وصيانتها وتشغيلها وتأجيرها، وتأسيس خدمات الاتصالات وصيانتها وتشغيلها وإدارتها واستثمارها والإشراف والرقابة على جميع العاملين فيه، إضافة إلى تأسيس خدمات الاتصالات وصيانتها وتشغيلها وإدارتها واستثمارها والإشراف والرقابة على جميع العاملين فيه، ومنح التراخيص لأي شخص بتأسيس شبكة الاتصالات أو صيانتها أو استعمالها ضمن أراضي الجمهورية.

وفي ذات السياق القانوني يقول المحامي نجيب الحيدري في حديثه لـ” المشاهد” أن “مثل هذه مشاريع يجب الاتفاق مع الحكومة اليمنية كجهة سيادية، وبعد معرفة التفاصيل المتعلقة بالمشروع للحكومة حق إبرام الاتفاق أو رفضه، وما يحدث يعتبر مخالفًا، ويعرض هذه الشركات للمساءلة القانونية إن لم يكن اليوم فمع أي تطورات قادمة”.

الحيدري يرى إن من حق الشركة اليمنية للهاتف النقال يمن موبايل التقدم بدعوى قضائية للحصول على تعويضات نتيجة المنافسة غير المشروعة من قبل الشركة الإماراتية، إضافة إلى ما لحق بها من أضرار”.

لم تعد اليمن ساحة مفتوحة للصراع العسكري وحسب، هناك تدخل من نوع آخر في قطاعات مختلفة كالاتصالات، فبالإضافة إلى سقطرى، قال سكان محليون في المهرة إنهم يعتمدون على شبكات عمانية للحصول على الإنترنت، كمحمد عبدون الذي يرى “إن الإنترنت العماني يصل بسرعة مناسبة، فيضطر للاشتراك فيه”.

مقالات مشابهة