المشاهد نت

“تحدي الصديق” يقود يمنيًا للفوز بجائزةٍ عالمية

تتويج هشام نعمان بجائزة الوعي لزيادة رفع الوعي الصحي

صنعاء – بشرى الجرادي

بعيون مليئة بدموع الفرح، وهتافات تملأ المكان ابتهاجاً بلحظة الفوز، عاش هشام نعمان، لحظات تتويجه بجائزة “وعي”، أحد أهم الجوائز العربية التي تهدف لتشجيع مواطني العالم العربي على إنتاج محتوى إبداعي، يُساهم في إثراء المحتوى التوعوي في المجال الصحي.

ينحدر هشام نعمان 27 عامًا من محافظة تعز، وتخرج من جامعة صنعاء تخصص هندسة معمارية، وهو واحد من شباب اليمن الذين قرروا أن يجعلوا من الحرب وضراوتها وتداعياتها المدمّرة منطلقاً للبناء والإعمار بطريقة مختلفة، وهي بناء الذات وتطوير الأداء والقدرات، وتحويل الموهبة إلى شغف وتفوق والتميز.

البداية

انطلقت بدايات هشام، نحو النجاح من تحدٍ دار بينه وبين صديقه صادق الحراسي، بأن يتعلم “الموشن جرافيك” خلال أسبوع ليحصل على عمل، بحسب حديثه مع “المشاهد”.

ويضيف: قبلت التحدي وعملت جاهدًا في البحث والاطلاع والتطبيق طيلة الأسبوع، ومن هنا كانت محطة انطلاقتي الأولى، واليوم أصبحت “آرت دايركتور” (الشخص الموكل بإدارة الفنيات) ومختص انيميشن وموشن جرافيك.

تجاوز التحدّيات

الكثير من الشباب يمتلكون مواهب، لكن الموهبة وحدها لا تكفي؛ فالجهد والشغف هو من يصنع الإبداع والتميز، ويجعلك قادراً على تجاوز الصعاب والتحديات.. يقول هشام.

ويتابع: عندما قبلت تحدي صديقي لم أكن أتوقع أن تواجهني صعوبات، إلا أني اكتشفت أن مجال الموشن جرافيك ما يزال محدوداً في بلادنا، ومن يعمل في هذا المجال ليسوا ظاهرين على الساحة إلا نادرًا ومن الصعب الوصول إليهم والحديث معهم.

وعن طريقته في تجاوز الصعوبات، قال هشام: اعتمدت على دروس اليوتيوب التي هي أيضًا لا تؤهل بالشكل الكامل؛ فكان من الضروري أن أعمل على نفسي وأتعلم وأطبق حتى أفهم وأتمرّس، وأخذ مني التعلم عبر استخدام التطبيق الخاص بالموشن أكثر من أسبوع.

واجه هشام، صعوبات كثيرة فإلى جانب خطواته الثقيلة في تعلم الموشن وشحّة المعلومات والفيديوهات التعليمية، كان يكابد تخصصه الأساسي المتمثّل في الهندسة المعمارية.

ويواصل: “عقب ذلك أوفى صديقي بوعده معي، ومن هنا بدأ إعجابي بالمجال وكل يوم كنت أتعلم فيه شيئًا جديدًا”.

فرص ونجاحات

وبعد ثلاثة أشهر من بدايات هشام، التحق بمخيم تدريبي “Visualize data bootcamp” 2020، تابع للبوابة العربية للتنمية هو وثلاثة معه في الفريق اختارهم المسؤولون عن المخيم، وهم صديقه صادق الحراسي، ومحمد عيسى، وعلاء الجبلي.

وطُلب منهم في المخيم إنتاج فيديو معلوماتي كمخرج من مخرجات التدريب، مشيرًا إلى إحدى المشاكل التي تواجه المجتمع اليمني من ناحية الاستدامة ورؤية 2030، وكان اسم المشروع الذي اشتغلوا عليه بلقيس ويحيى ويناقش قضية التعليم وصعوبتها والمتطلبات المادية لها في ظل جائحة كورونا.

وبعدها، تمكن هشام من الالتحاق بأوّل مخيم تدريبي فني متخصص في الآنيميشن، نفّذته شركة نيردو للانيميشن، وتعرف من خلاله على أساسيات هذا الفن.

يقول: بعد أن تم قبولي في المخيم وبدأت معهم أنا والفريق المختار جلسنا نتدرب ونعمل طيلة 7 أشهر متواصلة، واستطعنا عمل فيلم مدته أربع دقائق كمخرج نهائي للتدريب، وشرط من شروطه.

إقرأ أيضاً  انقطاع «الاتصالات» بمناطق بين لحج وتعز

ويضيف: عملت أنا وصديقي عمرو دلاق، على إنتاج فيلم اسمه “Stray Flower”، وكان يتحدث عن أضرار البلاستيك على البيئة في المجتمع اليمني.

وحول هذا العمل، يؤكد أنه بذل فيه كل جهده وسهر ليالي كثيرة لإنجازه، وبات من أهم الأعمال التي يفتخر بها وباتت تربطه بها علاقة روحية لما سببته من تعب وإرهاق.

وكان شعور هشام الأجمل، هو العمل مع الأصدقاء الذين تعرف عليهم في المخيم وتشارك معهم الجهد والسهر، ويقول: “أفادوني وعرفوني أكثر في مجالي وفي مجالات أخرى مرتبطة”.

إلى التفوّق

وعن تجربته في مسابقة وعي، يؤكد هشام، إنها كانت تجربة جميلة ومليئة بالتحديات الصعبة التي تجاوزها بمساعدة فريق من أصدقائه الذين ساندوه من خلف الكواليس وهم  “علي الواسعي، هديل مجلي، لمياء قحطان، مهند الحدي، الحارث هزاع”، والذين استعان بهم للتسجيل في المسابقة وتقدّم للجائزة بدعمهم وتشجيعهم.

إضافة إلى أصدقاء آخرين، قال إنهم ساندوه وساعدوه قبلها، حيث كانت المدة قصيرة للإنجاز واختيار الفكرة قبل انتهاء موعد التسليم بأسبوعين فقط.

ويضيف: كان اختيار الفكرة والموضوع وجمع معلوماتٍ حوله أمرًا شاقًا، إضافة إلى كتابة سيناريو وتسجيل صوت بطل القصة، يليها رسم المشاهد وتحريكها، وأخذ منا الرسم والتحريك تقريبًا أربعة أيام.

وبعد الجهد الكبير الذي بذله هشام وأصدقائه، يتحدث عن النتيجة: الحمد لله فزت بالجائزة وحصلت أنا على المرتبة الثانية على مستوى الوطن العربي، وعندها فقط شعرت أن حلمي تحقق وأن التعب والجهد الذي بذلته طيلة مدة محاولاتي كان شيئًا أفتخر به، وأفتخر أني أصبحت موشن جرافيك محترف من خلال التعلم والمتابعة والبحث والاطلاع والتطبيق.

معبرًا عن سعادته بوقوف الفريق معه منذ بداية المسابقة وحتى نهايتها وحصوله على الجائزة.

رسالة

ما يهم هشام، في أعماله الفنية هو أنها اهتم بالمجال التوعوي، وتناول قضايا مهمة كالأمراض النفسية وكيف يمكن للأهل أن يكونوا سببًا في عرقلة علاج المريض، في حال قلة وعيهم في هذا الجانب، حيث تكون معاملتهم للمرض وكأنه سحر.

وبالنسبة لفيلم “Stray flower” يقول إنه تحدث عن الحالة الاجتماعية للطفل الذي يصبح يتيمًا ويتشرد ولا يجد من يقف إلى جانبه ويساعده، بالإضافة إلى تطرقه للأثر السلبي البيئي الذي تتسبب فيه المخلفات البلاستيكية، وكيف يمكن أن نعالج هذه المشكلة بطريقة بسيطة لتجنب تلوث التربة والبحار، والتي تعد من أهم العوامل المؤثرة اقتصاديًا على اليمن.

وفي ختام حديثه لـ”المشاهد” أهدى هشام، نجاحه “لكل شخص يثابر ويجتهد على نفسه ويتعب من أجل الوصول لحلمه من خلال شغفه وعدم استسلامه، كما أهداه “بشكل خاص لأبيه وأمه الذَين وقفوا معي ودعموني معنويًا وماديًا”.

مقالات مشابهة