المشاهد نت

الحرب تفاقم تسرب الأطفال من المدارس 

تدهور المعيشة جراء الحرب تدفع بتسرب الأطفال من المدارس-اليمن

تعز – مجاهد حمود

يعمل الطفل شادي (16 عامًا) على إحدى الدراجات النارية في مدينة تعز، بعد أن غادر مدرسته في عزلة حلية، مديرية شرعب الرونة شمال محافظة تعز، في نهاية العام 2020، وهو في الصف الثامن أساسي 

يقول شادي لـ”المشاهد”: “بسبب الظروف المعيشية وغلاء الأسعار وعدم قدرتي على تسديد الرسوم للمدرسة، لجأت للعمل على الدراجة لتوفير احتياجات المنزل لمساعدة والدي الذي يعمل على باص في مدينة تعز، وما يحصل عليه لا يكفي لشراء المستلزمات الأساسية للمنزل، بخاصة ونحن نعيش في شرعب الرونة، وما يتم تحويله أكثر من نصف المبلغ يذهب فارق السعر بين العملة القديمة والجديدة”.

ويضيف: “أرغب في مواصلة تعليمي، ولكن الظروف هي من تحكم”، وبنبرة حزن يتساءل: “ماذا أفعل؟ هل هناك حل للمشكلة؟! من سيوفر لنا الاحتياجات الأساسية؟ لذلك لم يكن لدي خيار آخر غير مغادرة المدرسة، والعمل والكفاح من أجل توفير لقمة العيش لأسرتي”.

لا تختلف قصة شادي عن محمد رشاد ذي الـ16 ربيعًا، والذي لجأ للعمل في العام 2018، بعد إصابة والده بحالة نفسية، واضطراره للعمل لتوفير احتياجات الأسرة، اضطر محمد رشاد لترك المدرسة، والعمل في معمل للكيك وسط مدينة تعز.

وتُعرّف ظاهرة التسرب المدرسيّ بأنّها انقطاع الطالب عن الدراسة، وعدم إتمامه لهذه المرحلة، وهي من الظواهر الخطيرة المنتشرة بشكل كبير في مختلف المجتمعات، حيث إنّها تؤثر في الطفل سلبًا، وتعوق نمو المجتمع وتطوره، وتقدّمه في مختلف مجالات الحياة.

يقول التربوي حزام حميد لـ”المشاهد” إن “ظاهرة التسرب تعد من المشاكل التي فاقمتها الحرب في اليمن، والتي تنتج عادة عن مجموعة من الأسباب تتنوع وتتعدد حسب البيئة الاجتماعية والثقافية والمستوى المعيشي للأسرة والنظام التعليمي”.

لجوء الطالب إلى العمل أثناء هذه المرحلة بسبب فقر الأسرة أو تدني دخلها، يعد من الأسباب الرئيسية للتسرب في الوقت الحالي في اليمن، حسب حميد.

تدهور المعيشة

بدوره، يرى التربوي عبدالرحمن الشرعبي أن أبرز أسباب التسرب للطلاب من المدارس، هي الظروف المعيشية التي تمر بها البلاد جراء الحرب من غلاء في الأسعار وانهيار الريال، لذا أصبح الراتب للموظف لا يكفي لإعالة الأسرة وتوفير احتياجات أبنائه المدرسية وغيرها من الأمور المعيشية، لذلك يلجأ بعض الطلاب لمغادرة المدرسة والذهاب للعمل لمساعدة أسرهم.

إقرأ أيضاً  تعز: العيد دون زيارات في ظل الحصار

ويقول حميد إن للتسرب المدرسي نتائج كارثية تؤثر على الفرد والمجتمع بشكل مباشر أو غير مباشر، وأحيانًا يكون تأثيرها على المدى البعيد من خلال زيادة نسبة الجهل والأميّة في المجتمع، وانتشار ظاهرة التسرب المدرسي بشكلٍ كبير في المجتمع، يعني أن عددًا كبيرًا من أفراده هم من غير المتعلمين، ما يتسبب بانتشار الأميّة بينهم، وارتفاع مستوى الجهل في المجتمع، الذي يكون له انعكاسات كبيرة مثل انتشار الخرافات، وتدني المستوى الصحي للفرد بسبب غياب الثقافة العامة لدى الفرد والمجتمع.

ويستطرد حديثه بأن التسرب المدرسي سبب رئيسي بارتفاع مستوى العنف والجريمة في المجتمع، فانتشار الأميّة وارتفاع مستوى البطالة يؤديان إلى تدني المستوى المعيشي للفرد في المجتمع، ما يزيد من نسبة انخراطه في أعمال غير قانونية وغير أخلاقية من أجل الحصول على الأموال، أو قد يجبر الفرد على اللجوء إلى السرقة لأسباب مادية، وانخفاض مستوى التعليم للفرد يعني انخفاض فرصة الحصول على عمل، إذ إن غياب المؤهلات الدراسية الضرورية في هذا العصر يقلل مجالات الأعمال التي يستطيع القيام بها، ما يزيد نسبة البطالة في المجتمع، وهذا يسهم في تدني الازدهار الحضاري للبلد بشكل عام .

الحد من التسرب

يقول مدير مكتب التربية بمديرية شرعب الرونة الأستاذ فؤاد محفوظ، لـ”المشاهد” إن الحلول الممكنة للحد من تفشي ظاهرة التسرب تتمثل في وقف الحرب التي تسببت في نزوح آلاف الأسر، ومعالجة الوضع الاقتصادي وتسليم مرتبات الموظفين بانتظام، وكذلك الحد من عمالة الأطفال من خلال دعم الأسر المحتاجة، وتوفير بيئة ملائمة للتعليم، وتوفير مراكز مهنية وتقديم التسهيلات للملتحقين بها ودعمهم، ونشر مراكز محو الأمية للمتسربين، وتوفير تعليم مهني يتناسب مع قدراتهم، إضافة إلى توفير كادر متخصص وبنية تعليمية متكاملة وحوافز للمعلمين 

مقالات مشابهة