المشاهد نت

نهب ممتلكات الخصوم تحت مسمى الحارس القضائي

بشكل ممنهج، تقوم جماعة الحوثي بنهب ممتلكات الخصوم تحت مسمى "الحارس القضائي"
قاضي في صنعاء: الحارس القضائي لا ينفذ الأحكام الصادرة بإلغاء ما قام مه من إجراءات ضد الملكية الخاصة

صنعاء-بشرى الحميدي

تتخذ جماعة أنصار الله (الحوثيين) مصادرة الملكية الخاصة للخصوم  السياسيين وسيلة تهدف إلى ترهيب ومعاقبة المعارضين السياسيين، وبدأت بتطبيق هذه السياسة منذ إحكام سيطرتها على صنعاء عام 2015. 

آخر حالات النهب المنظم تحت مسمى “الحارس القضائي” في صنعاء تم مطلع يونيو الجاري بحق شركتين طبية، هما العالمية للصناعات الدوائية، والدوائية الحديثة.

وبحسب بيان صادر عن الاتحاد اليمني لمنتجي الأدوية صادر بتاريخ 12 يونيو 2024، فإنه تم اقتحام الشركتين تم اتوقيف واعتقال عدد من موظفي الشركتين، وتعطيل كافة أنشطة الشركتين المالية، الفنية، الإدارية والإنتاجية وتجميد الأرصدة المالية للشركتين، بحجة وجود مساهمين في الشركتين صدرت أحكام قضائية بحجز حصصهم في الشركتين.

لم يتوقف الأمر عند هذا، بل تم أيضا الاستيلاء على النظام الآلي للشركتين، حسب بيان الاتحاد.

بيان الاتحاد اليمني لمنتجي الأدوية بشأن السطو على شركتين طبية في صنعاء-12 يونيو 2024

السطو على شركتين طبيتين تحت مسمى “الحارس القضائي” ليستا الأولى ولن تكون الاخيرة لسلطات صنعاء التي تقوم بمثل هذه الأعمال بشكل ممنهج منذ سطرتها على صنعاء أواخر 2014. 

حارس قضائي لنهب المنازل

 في عام 2015، اقتحم مسلحون حوثيون منزل البرلماني المعارض عبد الله السنباني ، وأمروا بالإخلاء فورًا،وهددوا بتفجير المنزل. رفضت العائلة مغادرة المنزل آنذاك ،فعمدت الجماعة إلى مضايقتهم بكل السبل بما في ذلك مداهمة المنزل فجأة ، ومضايقة الساكنين فيه، بحسب أحد الأشخاص الذي كانوا يسكن في ذلك المنزل. 

  يضيف :” في عام 2020، عاودت الجماعة اقتحام منزل السنباني بأمر من الحارس القضائي، وحصروا محتوياته، ثم صادروا الأشياء الثمينة، وأجبروا أفراد العائلة على التوقيع ومغادرة المنزل، ثم قاموا بتأجيره لأحد الموالين لهم”. 

خلال السنوات الماضية، تعرضت ممتلكات العديد من المعارضين لجماعة الحوثي للمصادرة من قبل الحارس القضائي، وكان المبرر “التعاون مع العدوان”.  

وهذه التهمة توزععها جماعة الحوثي على كل من يعارض سياستها في مناطق سيطرتها.

محمد قيزان، وكيل وزارة الاعلام في الحكومة المعرتف بها دوليا، يقول في حديثه ل “المشاهد”: “إن منزلين يملكهما في صنعاء تعرضا للنهب والمصادرة بكل محتوياتهما بحجة أنه معارض للحوثيين.  ولم تكتف الجماعة بمصادرة الممتلكات، بل عملت على فصلي من الجامعة، وأصدرت حكم الإعدام ضدي، وهددت كل من يتواصل بي”.

في يناير مطلع العام الجاري، وجه الحارس القضائي بالمحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة، بحجز منزل الناشط الحقوقي خالد الآنسي بصنعاء، كونه متعاون مع العدوان. قال الآنسي ردا على قرار الجماعة: “أما عني فلن أقول إلا الحمد لله ، والله يكون في عون الضعفاء الذين تم إيذاؤهم تشريدهم من مسكنهم”.

وثيقة إخلاء منزل معارض بصنعاء-2 يناير 2024

بحسب قواعد البيانات التي جمعتها منظمة سام، أغلب الضحايا من المعارضين السياسيين بين عامي 2015 و2017 كانوا من المنتمين  لحزب الإصلاح والمنشقين عن المؤتمر الشعبي العام، أما أغلب الضحايا بين عامي 2017 و2021 فكانوا إما من حزب المؤتمر الشعبي العام الفصيل الذي بقي موالياً لصالح بعد مقتله، أو قيادات الحكومة المعترف بها دوليا.

مصادرة الأموال

يقول الباحث القانوني، محمد الشويطر، في حديث للمشاهد، أنه لا يوجد نص قانوني لما تقوم به المحكمة الجزائية المتخصصة بصنعاء من مصادرة أموال الخصوم السياسيين، والاستيلاء غير المشروع، كما أن هذه التصرفات تنتهك الحقوق الأساسية لحقوق الإنسان التي تنص عليها المعاهدات الدولية.

يشير الشويطر إلى أن مصادرة أموال الخصوم واحدة من الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها الحوثيون ضد المعارضين والتي تهدف إلى تجريد المعارضين من مصادر رزقهم،  وإجبارهم على القبول بالسلطة في صنعاء.

وفي ذات السياق، يقول المحامي الحقوقي، ياسر المليكي، في حديث للمشاهد، إن القانون اليمني لايجيز مصادرة المساكن أو الأموال إلا بحكم قضائي عادل، لكن الحوثيين يستخدمون مسمى الحارس القضائي لتبرير مصادرة أموال المعارضين.

ويؤكد المليكي أن القانون اليمني ينص على أن حرمة المسكن مصونة، ولا يجوز دخوله أو تفتيشه إلا بأمر من السلطة المختصة، وبحضور صاحب المنزل، وأن القانون الدولي لحقوق الإنسان ينص على نفس الحقوق.

إقرأ أيضاً  مسؤول محلي يوضح سبب ضعف الإنترنت في حضرموت

يضيف المليكي :”ما يفعله الحوثيون هو إنشاء جهاز خاص يقوم بالحجز على الأموال والممتلكات ومصادرتها دون أي حكم قضائي، وهو يشكل انتهاكا صارخا لحق الملكية”.

بعد أن تمكنت الجماعة من السيطرة على صنعاء، أنشأت نظام الحارس القضائي، رأسه اللواء صالح مسفر الشاعر. حاليا يرأس هذا الجهاز، صالح دبيش، أحد قيادات جماعة الحوثي. ومنحت الجماعة الحارس القضائي صلاحيات واسعة تمكنه من مصادرة الأموال والممتلكات الخاصة. 

الاستخفاف بالقضاء

يقول أحد القضاة الذي رفض ذكر اسمه في حديث للمشاهد، عن أن جماعة الحوثي أنشأت جهاز غير قانوني يسمى الحارس القضائي والذي يقوم بالحجز على أموال الناس ومصادرتها دون سند قانوني. 

 ويقول القاضي في حديثه لـ “المشاهد” : “هذا الجهاز يتمتع بسلطات واسعة بما في ذلك المصادرة وقبل صدور أي أحكام أو قرارات قضائية”

يضيف:”على الرغم من صدور بعض الأحكام والقرارات التي ألغت بعض قرارات ما يسمى بالحارس القضائي على الأشخاص إلا أنه لم يتم تنفيذ هذه القرارات والأحكام من قبل الحارس القضائي”.

49 واقعة نهب 

يقول رئيس منظمة سام، توفيق الحميدي، في حديثه لـ “لمشاهد ” إن جماعة الحوثي أنشأت محاكم خاصة، وأصدرت هذه المحاكم أحكاما بالإعدام ومصادرة أموال المعارضين السياسيين والصحفيين والأكاديميين وغيرهم دون مراعاة للإجراءات القانونية أو حقوق الإنسان. 

يوضح الحميدي أن الجماعة صادرت مئات المنازل والشركات بقيمة إجمالية تتجاوز 4 مليارات دولار. 

وكانت منظمة سام قد تحققت من 49 واقعة نهب ارتكبتها جماعة الحوثي في السنوات السبع الماضية، شملت أشخاصا من مختلف الفئات الاجتماعية، 5 سياسيين، و4 مسؤولين حكوميين، و8 شيوخ قبائل، و7 تجار ورجال أعمال، و4 قادة عسكريين، و3 إعلاميين ومؤسسات إعلامية، و2 ضحايا نساء، و3 تربويين، و3 مستشفيات، و4 مؤسسات إنسانية وخيرية، وجامعة واحدة، وأكاديمي واحد، و4 مزارعين.

المحامي والناشط الحقوقي عبد المجيد صبرة يقول إن الحارس القضائي هو مجرد غطاء لما يسمى بـ “لجنة حصر واستلام ممتلكات الخونة” التي أنشأتها جماعة الحوثي، فهذه اللجنة هي التي تطلب من النيابة الحجز التحفظي على أموال أي شخص، والنيابة تتجاوب مع طلبها مباشرة، وتطلب الحجز من المحكمة بناءً على طلب رئيس لجنة الحصر، تصدر المحكمة قرارها بالحجز وتكلف الحارس القضائي باستلام هذه الأموال.

يؤكد صبرة في حديثه لـ “المشاهد”  أن المصادرة لا تقتصر على المنازل بل شملت العقارات والأراضي والبنوك والمستشفيات والشركات والجامعات وحتى المنظمات أحيانا. 

عقاب للمعارضين

يعتقد الحوثيون أن كل الإجراءات التي يقومون بها ضد معارضيهم لا تتعارض مع القانون لأن اليمن تتعرض لعدوان خارجي، وكل من يتعاون مع العدوان الخارجي لا يسلم من العقاب. 

حامد البخيتي، صحفي في صنعاء، يقول لـ “المشاهد”: “إن الخصوم السياسيين كانوا في غنى عن مساعدة العدوان الخارجي لمعالجة فشلهم السياسي في الداخل اليمني واضمحلال شعبيتهم في اليمن. 

يشير البخيتي إلى أن الإجراءات الحوثية لا تخالف القانون أو الدستور اليمني الذي يعترف به ويؤمن به كل الفرقاء السياسيين في اليمن. يختم حديثه، ويقول: “في كل الأحوال، عمل الحارس القضائي يأتي لتنفيذ القوانين اليمنية السارية بشأن التعاون مع العدوان الخارجي “. 

حاليا نحو 1,100 موظف في الشركتين الطبية مصادر عيشهم متوقفة بعد السطو على مقار الشركة وتوقيف جميع أنشطتهما. يقول الاتحاد اليمني لمنتجي الأدوية أن الإجراء الأخير للحارس القضائي في جماعة الحوثي يهدد نحو مصدر رزق 1,100 أسرة يمنية عاشت خلال السنوات الماضي على نشاط الشركتين.

مقالات مشابهة