المشاهد نت

تنوع الحياة الطبيعية باليمن.. كنزٌ مهددٌ بالزوال  

غابات المانجروف_شمال جزيرة كمران
غابات المانجروف-شمال جزيرة كمران، البحر الأحمر

سقطرى-يحيى الضبيبي

في قلب الخريطة البيولوجية العالمية، تنبض اليمن بتنوع بيولوجي يُثري تراثها الطبيعي ويعكس جمالها المتنوع. 

يكمن جمال هذا التنوّع في الارتباط الوثيق بين التضاريس الجبلية الشاهقة والمناخ المتنوع، والذي يُشكل سمات بيولوجية فريدة.

هذه السمات، تمثل موروثًا طبيعيًا يجمع بين العديد من الأصناف النباتية والحيوانية والطيور النادرة.

التنوع البيولوجي أسهم في تعزيز المزارات السياحية والاقتصاد المحلي من خلال السياحة البيئية، خصوصًا في فترات ما قبل الحرب والصراع.

موقع استثنائي 

الموقع الاستثنائي لليمن؛ جعلها من أغنى الدول بالتنوع الحيوي فقد أسهم الموقع الجغرافي بوجود تنوع كبير في البيئة الطبيعة.

فهي تقع بالجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية، وجنوب غرب آسيا، وتشرف على مضيق باب المندب، أهم الممرات المائية بالعالم.

موقعٌ ميّز اليمن بانتشار جزرها البحرية في مياهها الإقليمية على امتداد بحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر. 

وباتت اليمن محطةً للهجرة الموسمية للطيور وموطنًا للحشرات والأصناف النباتية، إذ تعتبر نقطة تجمعًا مهمًا للتنوّع البيولوجي. 

كما تتميز اليمن بتنوع حيوانيّ وبرّي فريد نتيجة تنوع موائلها وموقعها عند ملتقى ثلاثة أقاليم جغرافية حيوية.

وهي المناطق القطبية القديمة، والأفريقية الاستوائية، والمنطقة الأفريقية الشرقية. 

ارتبط هذا التنوع الفريد بتنوع التضاريس والمناخ، فالجبال الشاهقة والسهول الساحلية والهضاب المرتفعة والأودية المتشعبة.

كلها أسهمت في خلق بيئات متباينة تؤوي أنواعًا نباتية وحيوانية متنوعة.

ووفرت بيئات متعددة ساهمت في استضافة مجموعة متنوعة من الكائنات الحية والنباتات المختلفة.

موروث شعبي

اشتهر اليمن على مر التاريخ بالاهتمام بالزراعة، ومثلت الزراعة بالنسبة للسكان عماد الحياة، والمرتكز الأساس للاقتصاد.

والزراعة عماد ثروة اليمن، لاسيما وأن زراعة تلك النباتات كانت مصدرًا رئيسًا للمنتجات الغذائية.

وكذلك النباتات الأخرى، العطرية والطبية، والمقدسة التي لا تقل أهمية عن الغذائية، وفقًا للباحثة زينب أحمد (النباتات واستخداماتها في بلاد اليمن القديم- دراسة تاريخية، يونيو 2023).

وبحسب الباحثة زينب، فإن تنوع النباتات، ولاسيما الطبية كانت تمثل طبًا شعبيًا في الحضارة اليمنية، وتلك النباتات هي موروث شعبي في التداوي.

وتميزت اليمن القديم بتقديس بعض النباتات التي كان لها أثر كبير عند الناس ومفاهيمهم وأفكارهم، وقدموا لها كل الاحترام والتقديس.

وقالت: “تم تسمية الآلهة بتلك النباتات وقدموا لها أبكار الثمار، اعتقادًا منهم أن تلك الآلهة سوف تزيل عنهم الغضب”.

وتمثل هذا الغضب بحبس الأمطار وقلة إنتاج المحصول، ونسجوا عدة معتقدات خاطئة حول بعض النباتات.

نباتات اليمن 

ما يميز التنوع البيولوجي في اليمن هو وجود تضاريس متنوعة من جبال وهضاب وسهول وسواحل ممتدة

تشير تقارير رسمية، إلى أن عدد أنواع النباتات في اليمن بلغ (3000) نوع، بينها قرابة (10%) نباتات مستوطنة.

ويوجد (850) نوعًا من النباتات في جزيرة سقطرى، منها حوالي (293) نوعاً منها مستوطن ومعظمها من النباتات العصارية.

إقرأ أيضاً  وفيات بانهيار سور في صنعاء 

وتنتمي أنواع النباتات في اليمن إلى (1065) جنسًا و(179) عائلة، منها (2679 متجنس، 126 مزروعة و109 إدخال).

في حديثه لـ”المشاهد” يقول المهندس عبدالله أبو الفتوح، مدير عام التنوع الحيوي ونقطة اتصال الاتفاقيات الدولية للتنوع الحيوي في الهيئة العامة لحماية البيئة، أن نباتات اليمن غنية وغير متغيرة الخواص.

وأضاف أنه ونتيجة للتغيرات المناخية الكبيرة في الفترات السابقة؛ ما مكّن الأنواع المختلفة من البقاء في الموائل البيئية المختلفة.

وأشار إلى أن غالبية الأصناف المستوطنة في اليمن تستوطن في المناطق الجبلية والسهلية والساحلية التي توفر مجموعة متنوعة غنية من المناطق البيئية.

كما توفر درجة من الاستقرار البيئي خلال فترات التغيرات المناخية، وعادة ما يكون التوطن عاليًا جدًا بين النباتات المزدهرة.

الموائل

تنوع الموائل الطبيعية في اليمن

يشير المهندس أبو الفتوح إلى أن اليمن تمتلك مجموعة متنوعة من الموائل، تتراوح بين أشجار المانغروف الساحلية والأراضي الشجرية والكثبان على طول السهول الساحلية إلى الصحاري الشرقية.

وكذا مجموعة من الموائل الجبلية التي تصل إلى ارتفاع ٣٧٦٠ مترًا في جبل النبي شعيب، وهي أعلى قمة في شبه الجزيرة العربية.

ويبيّن أن هذه الموائل تحتوي على عدد كبير من الأنواع الفريدة من النباتات.

ثدييات مهددة

سجلت الدراسات في اليمن (71) نوعًا من الثدييات البرية تعود إلى (8) رتب حيوانية بما فيها الخفاشيات، إلى جانب خمسة أنواع من الغزلان.

وأكثرها شيوعًا هو غزلان “الآدمي” أو الغزال الجبلي الغربي، أما الأنواع الأربعة الأخرى فهي نادرة جدًا عند ملتقى ثلاث مناطق حيوية.

وبحسب المهندس أبو الفتوح، فثلث الثدييات من الأنواع الكبيرة نسبيًا، وتكون نادرة في أجزاء أخرى من شبه الجزيرة العربية مثل الذئب العربي والضبع والنمر العربي وريما الفهد.

وقال: “للأسف تم إدراج جميع هذه الأنواع في القوائم الخارجية، ولم يكن لدى اليمن عينات مسجلة في مجموعاتها”.

وفي دراسة علمية بعنوان” وضع الوعل النوبي في اليمن” ذكر الدكتور “عمر باعشن” ضمن رسالته لنيل الماجستير من جامعة الأندلس الدولية بإسبانيا عام 2010، أن الوعل الموجود في اليمن هو” الوعل النوبي carpa nubiana وهو واحد من أصغر أنواع الوعول.

الطيور 

شبه الجزيرة العربية جسر مهم بين أفريقيا وآسيا وأوروبا لما يقارب من ثلاثة مليارات من الطيور المهاجرة سنويًا على طول الطرق بين الشمال والجنوب أو الشرق والغرب، وفقاً أبو الفتوح.

مبينًا ن اليمن تتمتع بحياة طيور غنية للغاية حيث تم تسجيل أكثر من (٣٦٣) نوعًت حتى الآن، تمثل (۱۸) رتبة و(٦١) عائلة و(۱۷۷) جنسًا.

كما أنها موطن لعدد كبير من الأنواع المستوطنة في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية.  

مقالات مشابهة