المشاهد نت

زراعة الحبوب في اليمن… تحديات مستمرة

زراعة الحبوب في اليمن حققت نجاحا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، إلا أن المزارعين يواجهون تحديات كبيرة.

صنعاء- عبد الوهاب حسين:

تضاعفت جهود المزارعين لإنتاج الحبوب في بعض المحافظات في شمال اليمن خلال السنوات القليلة الماضية، ونجح الكثير منهم في إمداد السوق المحلية بكميات كبيرة من الحبوب. حتى اليوم، لا تزال مزارع الحبوب في عدة محافظات يمنية مستمرة في الإنتاج، حيث يرى العديد من المزارعين أن إنتاج الحبوب مسؤولية وطنية، قبل أن يكون مهنة زراعية.

مع أن تجربة زراعة الحبوب حققت نجاحا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، إلا أن المزارعين يواجهون تحديات كبيرة قد تعيق استمرار الإنتاج وتجبرهم على التوقف. في المرتفعات الجبلية الشمالية والغربية من اليمن، يعتمد الكثير من المزارعين على مياه الأمطار لسقي الأرض الزراعية، ويمثل تناقص معدل هطول الأمطار من ضمن التهديدات الأولى لعملية استمرار إنتاج الحبوب في اليمن، وفقًا لمزارعين.

تحديات أخرى تواجه مزارعي الحبوب في اليمن، ويجد المزارعون صعوبة في التغلب على تلك العقبات. يتحدث أحد المزارعين في محافظة الجوف عن الصعوبات التي تواجههم، ويقول لـ “المشاهد”: “التحديات التي نواجهها متعددة، بخاصة ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية من بذور وأسمدة ومبيدات، وكثرة الآفات الزراعية خلال السنوات الأخيرة، وعدم دعم المزارعين بأصناف من البذور المحسنة لرفع كفاءة الإنتاج، وانخفاض سعر الحبوب في الأسواق مقارنة بتكاليف إنتاجها”.

كشف تقرير سابق لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) عن اتساع رقعة معاناة المزارعين اليمنيين، إذ واجه 76 بالمائة من المزارعين الذين شملتهم عينة  المسح في 22 محافظة يمنية عام 2023، صعوبات أثناء إنتاج المحاصيل، لا سيما “عدم كفاية هطول الأمطار ومياه الري”. وتحذر دراسات من أن الاعتماد على مياه الأمطار قد يصبح أقل فعالية في المستقبل على صعيد الإنتاج الزراعي في اليمن بسبب التغيرات المناخية.

تحسين الإنتاج الزراعي

المهندس وجيه المتوكل، مدير عام الإنتاج الزراعي بوزارة الزراعة والري بصنعاء، يقول لـ”المشاهد”: “إن التوجه لإنتاج المدخلات الزراعية من بذور وأسمدة ومبيدات وآليات زراعية محلياً، سيرفع مستوى الإنتاج الزراعي، وينعش الزراعة في اليمن، وستتحسن جودة المحاصيل التي يتم إنتاجها”.

تشير تقارير إلى أن زراعة الحبوب في اليمن تستحوذ على أغلب المساحة المزروعة بنحو 57%، بينما لا تتجاوز مساحة البقوليات 3%، وتتوزع النسبة المتبقية(40%) على الفاكهة والخضروات والمحاصيل النقدية والأعلاف والقات.

يرى المتوكل إن تحسين كفاءة الإنتاج الزراعي في اليمن يعتمد على إدخال التقنيات البحثية، بحيث يكون هناك توجه لتطوير نظم الزراعة التي تقلل من نفقات الإنتاج، ويوضح قائلًا: “مشكلة المزارع اليمني تبدأ من ارتفاع نفقات الإنتاج مقارنة بالمزارعين في البلدان الأخرى، لهذا دائماً يفوز المستورد في سعره، فنستورد الثوم وسعره أرخص من المحلي، وكذلك اللوز والزبيب”.

إقرأ أيضاً  تصعيد عسكري يهدد بإغلاق طريق تعز-الحوبان

يضيف: “ومع أن المنتج اليمني ذو جودة عالية، لكن تكاليف الإنتاج دائماً مرتفعة، ولو استخدمنا الآليات اللازمة التي تقلل من تكاليف الإنتاج للمزارع، لتفوقنا على المستورد وازدادت الصادرات، وعندما تقل تكاليف الإنتاج،  يزداد ربح المزارع وعائده الاقتصادي”.

يؤكد المتوكل إن نفقات إنتاج الحبوب كثيرة، إذ يحتاج المزارع إلى المدخلات الزراعية، مثل البذور والأسمدة، والمبيدات والآلات الزراعية والمستلزمات الأخرى.

الحاجة لتقنيات وسياسات زراعية

يستورد اليمن قرابة 3.8 مليون طن من القمح الأجنبي سنوياً من أمريكا واستراليا وأوكرانيا وكندا، بالإضافة إلى استيراد ما يعادل 750 ألف طن سنوياً من الذرة الشامية، وفقًا لتقارير.

ولكي ينافس الإنتاج المحلي المنتج الخارجي، يرى خبراء ضرورة تحسين عملية الإنتاج الزراعي في اليمن.

في حديثه لـ “المشاهد”، يقول المهندس صالح العماد، نائب مدير عام الإعلام والإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة والري بصنعاء، إن تحسين الإنتاج الزراعي في اليمن يتطلب العديد من الخطوات، مثل نشر التقنيات الزراعية التي تطور الإنتاج والجودة، وتطبيق مفهوم الإدارة المزرعية الجيدة والمتكاملة المساعدة على تنمية الإنتاج الزراعي وموارده، ودعم البحوث الزراعية في إنتاج التقنيات الزراعية الآمنة، وتكييف التقنيات المدخلة مع النظم الزراعية المحلية والمؤسسات العامة للإنتاج التعاوني، والاستخدام الآمن للمخصبات والمبيدات الزراعية عند الضرورة، بما يحقق التوجه نحو الزراعة النظيفة والآمنة (الزراعة العضوية) في إنتاج غذاء صحي وسليم وبجودة عالية، بما يلبي رغبات المستهلك المحلي والخارجي.

يؤكد العماد على أهمية المحافظة على البيئة والنظم الزراعية الإنتاجية ومواردها الحيوية المحلية، واستدامة الاستهلاك للمنتجات المحلية، ورفع الطلب عليها محليًا ودوليًا، ورفع الكفاءة التسويقية والقدرة التنافسية للمنتجات المحلية وتعزيز صادراتها، والمحافظة على صحة وسلامة العاملين في القطاع الزراعي.

ويدعو العماد إلى “تقديم الحوافز والتسهيلات والمساعدات لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة، وتشجيع الاستثمارات الزراعية للرأسمال الوطني، وتوفير وحدات مالية للائتمان والإقراض الزراعي غير الربوي المشروط بتشجيع صغار المزارعين على الإنتاج، ودعم مشروعات توطين صناعة وإنتاج المدخلات والمستلزمات الزراعية والغذائية المعتمدة على خامات زراعية محلية”.

مقالات مشابهة