المشاهد نت

تصعيد عسكري يهدد بإغلاق طريق تعز-الحوبان

تجدد الاشتباكات المسلحة بين قوات الحكومة والحوثيين، وتخوف شعبي من إغلاق طريق الحوبان-تعز مجددًا.

تعز- محمد عبد الله

شهدت جبهات محافظة تعز، جنوب غربي اليمن، في الأيام القليلة الماضية، معارك محدودة وقصف متبادل بين القوات الحكومية وجماعة أنصار الله (الحوثيين). خلال العامين الماضيين، توقفت المعارك العسكرية وتراجعت حدتها في العديد من المحافظات، وذلك بفعل هدنة أممية تضمنت عدة بنود، منها إيقاف إطلاق النار والعودة إلى الحوار.

ومع إعادة فتح طريق الحوبان تعز في 13 يونيو/ حزيران الجاري، للمرة الأولى منذ تسعة أعوام، تجددت الاشتباكات بين قوات الحكومة والحوثيين، وسط تحذيرات عسكرية من استغلال الحوثيين لفتح الطريق لتنفيذ “هجوم مباغت وأعمال عدائية”، وفقًا لمصادر في وزارة الدفاع، التابعة للحكومة اليمنية.

ودارت المواجهات بين الطرفين بتعز خلال الأيام الماضية في مناطق تطل على المنافذ الرئيسة للمدينة، وهذه المناطق هي الكريفات ووادي صالة القريبة من الطريق الوحيد الذي أعيد فتحه مؤخرًا.

وشهدت جبهتي عصيفرة (المنفذ الشمالي) والأحطوب القريبة من المنفذ الغربي للمدينة مواجهات مسلحة وقصف متبادل، سقط خلالها قتلى وجرحى، وفقًا لبيان لقيادة محور تعز العسكري، واتهم البيان الحوثيين بـ”التصعيد تزامنًا مع فتح طريق جولة القصر”.

 وفي وقت سابق من هذا الشهر، نجا أركان حرب محور تعز اللواء عبد العزيز المجيدي من قصف منسوب للحوثيين غرب المدينة، ما أسفر عن إصابة مدير مديرية القاهرة، سمير عبدالإله وأربعة جنود آخرين.

العقيد عبد الرحمن اليوسفي، مدير المركز الإعلامي لمحور تعز، يقول لـ “المشاهد” إن التصعيد الحوثي مؤخرًا في المحافظة تمثل بـ”الأعمال الهجومية والقصف المدفعي والاشتباكات إضافة إلى إنشاء تحصينات وخنادق والاستطلاع بالطيران المسير”.

يضيف: “قوات الجيش تتعامل مع هذه الأعمال من خلال الرد على القصف المدفعي بمختلف الأسلحة وإفشال جميع التسللات والهجمات، بالإضافة إلى ممارسة أعلى درجات اليقظة والحذر”.

يعتقد اليوسفي أن جماعة الحوثي تهدف من هذا التصعيد إلى “إغلاق الطريق مجددًا وتختلق الذرائع من أجل ذلك، بخاصه وأنها رفضت مناقشه تدخل الأمم المتحدة والتوقيع على ضمانات لاستمرار فتح الطريق بوساطة أممية”.

يسيطر الحوثيون على الضواحي الشرقية والشمالية للمدينة، بما في ذلك المنافذ الرئيسية التي تربطها ببقية محافظات البلاد. يتقاسم الطرفان، جماعة الحوثي والحكومة اليمنية، السيطرة على محافظة تعز، حيث تخضع 60 في المئة من مساحتها الإجمالية- المقدرة ب 12 ألف كم²- لسيطرة الحكومة، بما في ذلك مركز المحافظة، فيما تسيطر جماعة الحوثي على 40 في المئة من بقية المساحة، بما فيها المنافذ الشرقية والشمالية للمدينة بما في ذلك المنافذ الرئيسية التي تربطها ببقية محافظات البلاد.

وكانت هيئة العمليات المشتركة في وزارة الدفاع، تحدثت في برقية، تأكد “المشاهد” من صحتها عبر مسؤول في الوزارة، عن أن جماعة الحوثي تسعى لإسقاط جبهة كرش في محافظة لحج، والسيطرة على خط الضباب الأحكوم جبل حبشي غرب تعز، والتوجه إلى الساحل الغربي.

إقرأ أيضاً  اللون الغنائي التعزي.. هوية وتراث

البرقية الصادرة في 21 يونيو/حزيران الجاري، ذكرت أن “الحوثيين يخططون لهجوم مباغت وغادر في أي لحظة على محافظتي مأرب وتعز”، ودعت وزارة الدفاع اليمنية القوات الحكومية إلى “أخذ الحيطة والحذر واليقظة العالية والتصدي لأي أعمال عدائية”.

إجراءات أمنية

تزامنت هذه التحذيرات والمخاوف مع تأكيدات الأجهزة الأمنية في مدينة تعز ضبط عشرات الأشخاص يُشتبه بأنهم على علاقة بجماعة الحوثي. يقول مصدر أمني لـ”المشاهد” إنّه منذ فتح طريق الحوبان ضبطت الأجهزة الأمنية في مداخل المدينة ووسطها 100 شخص ثبت تورطهم بالعمل لدى الحوثيين. يضيف المصدر: “تم التحقيق من أولئك الأشخاص، وإحالتهم إلى الجهات الاستخباراتية والعسكرية”.

وكانت شرطة تعز في مناطق الحكومة الشرعية، أعلنت عن خطة أمنية قبيل فتح الطريق لتأمين المسافرين، وتبعتها إجراءات لتأمين مركز المدينة، حيث وجهت عقال الأحياء السكنية برفع تقارير يومية تتضمن بيانات الوافدين، وخصصت أرقامًا للإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة.

خلال الأيام الماضية، عقدت السلطة المحلية لقاءات موسعة مع مشائخ وأعيان ومديرو مديريات المحافظة، بهدف “توحيد الصف الجمهوري وتعزيز التلاحم الوطني لتعزيز الأمن والاستقرار” في المحافظة.

“مبرر لإغلاق الطريق مجددًا”

المحلل السياسي عبد الواسع الفاتكي يرى أن جماعة الحوثي تسعى من خلال إرسال عناصرها إلى المدينة “لتحقيق جملة من أهدافها العسكرية والأمنية، منها تسهيل دخول خلايا لإثارة القلاقل والاختلالات والفوضى”، مشيرًا إلى أن موافقة الجماعة على فتح الطريق “لم يكن بدوافع إنسانية”.

يقول الفاتكي لـ “المشاهد”: “إنّ عودة المواجهات في تعز خلال الأيام الماضية بعد أن توقفت نسبيًا حوالي عامين تشير يعني أن جماعة الحوثي تريد جر القوات الحكومية لمواجهة عسكرية، وتتخذ من ذلك ذريعة ومبرر لإغلاق الطريق مجددًا، وإفشال أي جهود لفتح بقية الطرق”.

يضيف: “هناك محاولة لإرباك الوحدات العسكرية والأمنية في مدينة تعز، وإفشال وتشتيت الجهود الأمنية بهدف إضعاف اليقظة والحس الأمني والعسكري والاستخباراتي بواسطة العودة للمواجهات المسلحة”.

وتتهم جماعة الحوثي السلطات بمدينة تعز بالتسبب بعرقلة حركة سير المواطنين في الطريق الرابط بين المدينة ومنطقة الحوبان. وفي الأسبوع الماضي، قال أحمد المساوى، القائم بأعمال محافظ تعز، المعين من قبل الحوثيين، إن الإجراءات الأمنية تسير بسلاسة وسهولة دون أي عوائق، متهمًا الطرف الآخر بعرقلة حركة المواطنين، ودعا السلطات في مدينة تعز إلى “معالجة الإشكالات الناتجة عن صعوبة عبور المواطنين من المسافرين الذين ينتظرون في طوابير طويلة لسياراتهم ساعات لاستكمال إجراءات العبور.”

مقالات مشابهة