المشاهد نت

محاولات الوصول للسلام والتعايش الديني في اليمن

عدن – رقية عمر دنانة

“تلعب القيادات الدينية في اليمن بمختلف طوائفها دورًا حيويًا وفعالًا في توجية سلوك الفرد”.

بهذه الكلمات يتحدث سعيد القطيعي حول السلام والتعايش الديني في اليمن.

سعيد القعيطي تربوي متقاعد، عمل لمدة أربعة عقود بمحافظة عدن في المجال التربوي والديني بمسجد التقوى، وتخرج على يديه طلابُ علمٍ ودين.

يقول القعيطي: تُنشيء خطب الجمعة والدروس والمواعظ وحلقات تحفيظ القرآن بالمساجد والمراكز الدينية أفرادًا موجهين نحو فكر عقائدي معين.

ويضيف أن هذا الفكر يحتم علية الكثير من الأمور، ما يجعل هناك مجموعة من الصراعات الدينية في اليمن.

الأخوة والسلام

يقول وزير الأوقاف اليمني، محمد شبيبة: “السلام والتعايش سلوك متجذر في وجدان الشعب اليمني، ولكننا بحاجة لتعزيزه والحفاظ عليه عبر منابر التوجيه الديني”.

ويضيف الوزير شبيبة لـ«المشاهد» أن علينا نبذ الممارسات المضرة بمبدأ التعايش السلمي، ولا سيما الممارسات التي تنتهجها جماعة الحوثي.

لافتًا إلى سلوك الجماعة “العنيف” ضد كل من يخالفها الرأي السياسي أو المذهب.

وأشار شبيبة إلى أن تبذل وزارة الاوقاف والإرشاد اليمنية جهودًا حثيثة للتوعية بأهمية التعايش السلمي والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

بالإضافة للتحذير من الأفكار الحوثية التكفيرية والطائفية التي تسعى لمزيد من تقسيم المجتمع وشيطنة الآخر واستباحة دمه وأمواله وحرياته وحقوقه.

ويواصل الوزير اليمني: من أهم ركائز ديننا الإسلامي الحنيف الأخوة والسلام، وهي أيضًا تنص عليها القوانين والمواثيق الدولية في جميع الأديان.

فرسولنا الكريم، كانت لديه علاقة جيدة مع جارة اليهودي، كما دعا المسلمين إلى انتهاج مبدأ السلام والأخوة مع الجميع، بحسب شبيبة.

لافتًا إلى دور القيادات الدينية في الدعوة إلى تعزيز الوحدة والأخوة الإسلامية.

الحوثيون والتعايش

وتطرق وزير الأوقاف إلى المساءلة المتعلقة بالإرادة السياسية للحكومات الإسلامية، ودعم أسس الوحدة ورفض التدخلات في شؤون الدول، والكف عن دعم الأذرع المسلحة العنيفة.

“لذلك هناك من يستخدم شعار الوحدة الإسلامية وهو يهدمها من الأساس بسبب سلوكه العبثي كما تفعل إيران على سبيل المثال”.. يقول شبيبة.

وتابع: “تعزيز التعايش السلمي مسؤولية مشتركة بين السلطات جميعها، ومنها السلطة الدينية عبر منابر التوجيه والإرشاد والصحافة والإعلام وغيرهما”.

موضحًا أن من مظاهر الحرص على التعايش السلمي التحذير من الأفكار المتطرفة والمنحرفة الداعية إلى الطبقية والعنصرية والطائفية، لا سيما الأفكار التي تروج لها جماعة الحوثي بطبيعة الحال”.

وبيّن شبيبة أن اليمنيين “كلهم متدينون بالفطرة، فإن المشكلة ليست في ما تسميه التكتلات الدينية اليمنية، وإنما المشكلة في الجماعة الحوثية”.

معتبرًا أن الحوثيين عندما يقررون أن يكونوا جزءًا من المجتمع اليمني لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، وعندما يكون أفرادها مواطنين صالحين ويتخلون عن العنف؛ فسوف تنتهي معظم مشاكل اليمن.

منوهًا بالاتفاق الذي فرضه الحوثيون في ذمار بحكم القوة القهرية والذي يقضي في مضمونه بالرضوخ لحكمهم، معتقدًا أنه اتفاق فاشل حتى وإن كان تحصيل حاصل.

لأنه في المحصلة جماعة الحوثي جماعة متمردة انقلبت على الدولة والمجتمع وهناك من لا يرغب في مواجهتها وآثروا السلامة.

وختم حديثه: الحوثيون لم يكفوا أذاهم عن مركز الشيخ الإمام ومسجده في ذمار، فهم يتعمدون بين الفينة والأخرى التهجم على المسجد، والاعتداء عليه، ومحاولة فرض خطباء من عناصر الجماعة بالقوة، وغير ذلك من الممارسات التي يمكنكم الاطلاع على تفاصيلها من وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية.

إقرأ أيضاً  الكويت تدعم اليمن بثلاث طائرات مدنية

التوافق الروحي

يرى إمام وخطيب مسجد العيدروس بعدن، عبدالقادر احمد حسن، أن التعصب الديني يهلك المجتمعات ويدخلها في فتن وحروب كبيرة الكل في غنى عنها.

ويضيف: فرجل الدين مهمته الأولى نشر السلام والمحبة بين جميع الأفراد، فهو يعلم مدى أهمية الكلمة التي سيقولها أثناء الخطبة.

وهذا بدوره ستوجه الشخص نحو التعايش مع جارة أو طائفة متواجةه معه في نفس الحي، بعيدًا عن مشاعر البُغض، بحسب الشيخ حسن.

ويعتقد أن الأحوال الاقتصادية التي تعيشها البلاد زادت من مشكلة عدم استقرار التعايش والسلام في المجتمع، معتبرًا أن تأثير الدعاة في الخطب يقل ويكون تأثيرها أقوى في حالة الشبع والدخل الاقتصادي المتوسط للفرد.

ويواصل: فقد يتواجد هناك في بعض الخطب ألف شخص، وهناك خمسمائة فرد، جميعهم يفكرون بماذا سيأكل أطفاله في الغدا،ء ويكون وجودة مجرد جسد بلا روح.

ويزيد: “نحن في زمن لابد أن تكون فيه الألفة والإنسانية والسلام بين المجتمع، ولابد أن تسود الرحمة بين الناس، الجار يعطف على جاره ويطمئن عليه مثلما كان يحدث قديمًا”.

ويقول: في زمن الفتن إذا رأيت أنك ستقاتل أخيك المسلم وإن كنت على الصواب ومنتصر اجنح للسلم، وإذا أرادت أي جماعة، الحوثيون أو غيرهم، التعايش والسلام للحقيقي بيننا وبينهم فلابد لهم من الدخول كأي حزب سياسي عبر الانتخابات بعيدًا عن قوة السلاح.

تجنب التطرف

يرى الصحفي اليمني والباحث في مجال السلام والتعايش الديني، أحمد شوقي أحمد، أن هناك خطباء مساجد يدعون إلى السلام والتعايش الديني.

مشيرًا إلى أن لهم تصورات إيجابية ودفاع عن قضايا الناس ورفض للممارسات الخاطئة من اعتداءات وبلطجة ونهب المواطنين.

وقال شوقي إن خطاب التعايش الديني يعتمد أولًا على نزع الأفكار المتطرفة التي يحاول البعض إلحاقها بالدين، وأن تكون مرفوضة.

كما اقترح سن قانون يُجرم جميع الدعوات المناهضة للتعايش، وأهمها الإمامة وإدعاء الحق الإلهي والاصطفاء العرقي، والخمس والتكفير والتمييز الطبقي والاجتماعي والقبلي.

ويضيف شوقي: يجب أن يتضمن القانون معاقبة أي دعوة مخالفة للنظام الجمهوري والديموقراطية، سواء كانت خلافة أو ولاية أو غيره وتجريم الهاشمية السياسية.

إشكالية التعايش في اليمن

اليمن معني بشكل كبير بإشكالية العلاقة بين مختلف الطوائف الدينية، كالسنة المتواجدة في مناطق الحكومة المعترف بها.

وذلك بالنظر للطبيعة التي يكتسبها المنهج السني السلفي وتأثيره القوي على نمط التفكير بشكل يغلب فيه الانتماء الطائفي الديني.

بالإضافة إلى الزيدية المتواجدة في مناطق سيطرة الحوثيين في صورة دينية مختلفة لم تقبلها جماعة السنه في البلاد؛ بسبب مواقف الحوثيين السياسية التي انتهجتها ضد السنة في دماج والحرب التي شنتها منذ 2015 في مناطق عدة من اليمن إلى وقتنا هذا.

فالمشكلة الحالية في اليمن أن اليمنيين يعيشون اليوم في ظل فُرقة كبيرة بين جميع الطوائف، حيث يتم الاصغاء لأجندة خارجية، فكانت النتيجة أن زادت هوة الخلاف والشقاق حتى صار اليمنيين أعداء فيما بينهم لأجل إدعاءات دينية.

مقالات مشابهة