المشاهد نت

الحوثيون يجتاحون عقول الطلاب بتعديل المناهج

المشاهد-على سالم :

دخلت المناهج الدراسية على خط الصراع في اليمن الذي وإن دار حول السلطة إلا أنه يتضمن محاولة السيطرة على عقول الناشئة في شكل يستحضر نزاعات موغلة في القدم.

فمنذ اجتياحهم صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) 2014 وتمددهم الى عدد من المحافظات سعى الحوثيون (حركة أنصار الله) المدعومة من إيران الى السيطرة على العقول بالتوازي مع سيطرتهم على المناطق. ووفق مصادر رسمية تم اكتشاف تحوير في محتوى كتب بعض المواد مثل التربية الإسلامية والقرآن الكريم واللغة العربية والتربية الوطنية ليتوافق المحتوى مع نظرة الحوثيين وتفسيرهم للأمور.

وعليه، أصدرت وزارة التربية والتعليم في الحكومة الشرعية التي تتخذ من عدن جنوب اليمن عاصمة مؤقتة لها، تعميماً يقضي بمنع تداول عدد من كتب منهج التعليم العام التي طبعت في صنعاء.

وونقلت  مصادر مطلعة  لصحيفة «الحياة» بأن التغيير في محتوى الكتب المدرسية حمل طابعاً طائفياً واضحاً، موضحة أن الحوثيين الذين يسيطرون على مطابع الكتاب المدرسي عمدوا الى حذف مواضيع تتعلق بالخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) والسيدة عائشة زوجة نبي الاسلام محمد (صلى الله عليه وسلم) وكثفوا من آيات الجهاد التي كانت الحكومة اليمنية قلصتها تحت ضغوط أميركية عقب أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001.

وفي وقت صار التعليم والمعرفة عنواني الولوج الى العصر ومفتاح سباق الدول لإحراز التقدم يبدو إثقال التعليم في اليمن بصراعات وثارات تاريخية عقبة كبيرة أمام النهوض بالبلد الأفقر والمثخن بالنزاعات.

وتقول المعلمة الثانوية نجاة عبدالحليم لـ «الحياة»: «من كهف أسامة بن لادن الى كهف عبدالملك الحوثي تتواصل عملية تدمير اليمن ليس من طريق دورات العنف المسلح فقط بل وعبر صفحات الكتاب المدرسي أيضاً»، متهمة مختلف القوى السياسية في إعاقة تحديث التعليم.
وفي المقابل، قلل اخصائي المناهج عبدالسلام النقيب من محاولة تكييف المناهج لأغراض سياسية ومذهبية، مؤكداً لـ «الحياة» وجود وثيقة ناظمة تحكم صوغ المناهج وينبغي عدم خرقها. لكن النقيب يعترف بأن التغيير يمكن أن يحدث في محتوى بعض المواد مثل التربية الإسلامية والتربية الوطنية واللغة العربية، خصوصاً خلال شرح النصوص في قاعات الدراسة وليس بالضرورة ضمن الكتاب المدرسي نفسه. وتصف مصادر تربوية طلبت عدم الكشف عن هويتها إبقاء مؤسسات التعليم في دائرة الصراعات السياسية والمذهبية بالكارثة غير المنظورة، موضحة أن «تلويث العقول» عبر قنوات التعليم ليس حكراً على جماعات الإسلام السياسي السنّي والشيعي.

إقرأ أيضاً  الهروب من البشرة السمراء.. تراجيديا لا تدركها النساء

فعلى مدى أكثر من نصف قرن عكست مناهج التعليم تحولات السلطة في اليمن. وفي مقابل المنهج التعليمي الذي طبق في جنوب اليمن والذي استلهم تجربة ألمانيا الشرقية حينها أستلهم المنهج التعليمي في الشمال التجربة المصرية واتسم بالتقليدية. وبعد قيام الوحدة بين الشمال والجنوب في 1990 ظل العمل بالنظامين التعليميين سارياً على أن يتم لاحقاً إقرار منهج موحد يستلهم إيجابيات النظامين التعليميين.

وعقب حرب صيف 1994 الأهلية التي انتهت بانتصار القوات الشمالية وخروج الحزب الاشتراكي الشريك الجنوبي في الوحدة من السلطة شرع الطرف المنتصر في فرض نمطه ومنه مناهج التعليم.

وكان أن أطلقت ذراع التنظيمات التي سعت الى تكريس رؤيتها الايديولوجية لتشمل التعليم الحكومي والخاص ونموذجه الأبرز جامعة الايمان التي أسسها القيادي في حزب الإصلاح الشيخ عبدالمجيد الزنداني المتهم دولياً بدعم الإرهاب. وينظر الى محاولة الحوثيين فرض ايديولوجيتهم المذهبية بوصفها النسخة الشمالية المذهبية الأخرى لما حدث بعد حرب 1994.

وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي شكل الانقلابيون حكومة في صنعاء لم تلقَ اعترافاً دولياً وأعطيت حقيبة التربية والتعليم ليحيى الحوثي شقيق زعيم المليشيات. ووفق سيرته المنشورة تقتصر مؤهلات الوزير على دروس دينية تلقاها من والده، فيما أعطيت وزارة التعليم العالي للشيخ حسين حازب القيادي في حزب المؤتمر الشعبي شريك الحوثيين في الانقلاب وفي الحكومة معاً.

ونقلت وسائل إعلام يمنية عن يحيى الحوثي قوله إنه بصدد تطهير المناهج مما سمّاه «فكر الدواعش»، في وقت يستمر الحوثيون في إحلال عناصرهم في مؤسسات الدولة ومنها المؤسسة التعليمية.

ويرى عبدالسلام النقيب أن كلاً من الجماعات الشيعية والسنية المتشددة تحاول أن تثير مثل هذه القضايا بغرض الشحن الطائفي الذي يصب في النهاية في مصلحتها.

ومنذ سيطرتها على صنعاء ومدن شمالية عدة فرضت ميليشيات الحوثيين نمطاً طائفياً تمثل بشعارات واحتفالات إسلامية من دون غيرها. وانتشرت في الشوارع شعارات عدة مثل: «عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ «، و «من كنت مولاه فعليّ مولاه». كما يوصف مؤسس الجماعة حسين الحوثي بـ «القرآن الناطق» في وقت يتساءل كثيرون عن مدى قدرة اليمنيين التعايش مع اصحاب الأديان الأخرى طالما ظلوا عاجزين على التعايش في ما بينهم.
المصدر “الحياة “

مقالات مشابهة