المشاهد نت

العيش في اليمن.. كل شيءٍ بثمن

اليمن - صورة ارشيفية لنازحين من الحرب

المشاهد -خاص -صنعاء – ماجد صالح:

لا يعرف المواطن اليمني من الدولة شيئاً سوى أنها كرسياً تتصارع عليها القوى السياسية، وخلال الفترات السابقة والتي كانت شبه مستقرة فيها الأوضاع، كل ما عرفه المواطن اليمني عن هذه الدولة أنه يدفع ضرائب خدمات لا تصله، وبماله يحصل على خدمات رديئة.
هذه الخدمات التي من الواجب على الدولة توفيرها لرعاياها، ظلت غائبة في ظل وجود الدولة، ولم يكن غيابها بسبب الحرب الحالية، حسب ما يقوله المواطن محمود السلامي لـ”المشاهد” ويضيف: “منذ أن عرفت نفسي والخدمات الأساسية التي يتوجب على الدولة توفيرها غائبة تماماً، والمواطن من يتحمل مسؤولية توفيرها لنفسه”.
ويتابع السلامي بالقول: “كانت المياه تأتينا بصورة متقطعة، وهي في الأساس غير صالحة للاستخدام، ومع ذلك تصلنا بعدها فواتير باهظة، وكذلك الحال بالنسبة لخدمة الكهرباء التي كانت تنقطع لأيام وأسابيع، إلا أننا أيضاً لم نسلم من دفع قيمة خدمة رديئة، أما التعليم والصحة فجميعها خدمات ضعيفة ونحن من ندفع كُلفة الحصول عليها”.

الحصول على الخدمات.. رحلة مضنية

الآن وفي ظل الحرب الدائرة في البلد باتت مسألة الحصول على الخدمات مضنية، ولا يستطع أغلب اليمنيين توفيرها لأنفسهم كما كانوا قبل الحرب، حيث كان المواطن يتحمل مسؤولية توفيرها لنفسه وينفق من ماله للحصول عليها وإن كانت رديئة رغم أنه يدفع ضرائب متعددة الأوجه هي في الأساس مقابل الحصول على هذه الخدمات، فالحرب جعلت المواطن اليمني غير قادراً على توفير الخدمات الأساسية، خاصة في ظل انقطاع رواتب الموظفين منذ ما يزيد عن نصف عام، وكذلك الحال بالنسبة لموظفي القطاع الخاص الذين تم تسريح بعضهم، والبعض الآخر تقلصت أجورهم يقابلها ارتفاعات سعرية في مختلف الخدمات والمواد الغذائية وغيرها، وفيما يخص العاملين بالأجر اليومي فهم الأكثر معاناة جراء اختفاء فرص العمل، الأمر الذي خلف أوضاعاً مأساوية يعجز أمامها أغلب اليمنيون عن الحصول على الخدمات الأساسية بل إنها أصبحت حلماً يصعب تحقيقه.
من جانبه المواطن عماد حسان يقول لـ”المشاهد” إن أغلب سكان حيه وسط العاصمة صنعاء لا يفكرون في الحصول على كافة الخدمات، بل إنهم يحلمون بالحصول على المياه فقط، أما الكهرباء بالنسبة لهم هي الإضاءة فحسب.
ويشير حسان إلى أن أغلب الأسر في حيه تحصل على المياه من خزانات السبيل التي يقدمها بعضاً من فاعلي الخير، إلا أن هذه المياه لا تغطي حاجة هذه الأسر، حيث تتزاحم النساء والأطفال وفي طوابير طويلة أمام هذه الخزانات، والتي لا يُعرف صلاحيتها للشرب والاستخدامات المنزلية الأخرى.
بدوره المواطن عبدالرحمن الصوفي يقول لـ”المشاهد” إن أغلب الأسر في العاصمة صنعاء تعاني من انعدام الدخل، الأمر الذي يجعلها غير قادرة على شراء المياه التي هي أساس الحياة، وباتت هذه الأسر تواجه كارثة صحية فيما يتعلق بعدم وصولها إلى القدر الكافي من المياه الخاصة بالاستحمام والتنظيف وغيرها ناهيك عن الحصول على مياه صالحة للشرب.
وعن الطاقة الكهربائية يرى الصوفي أن الكثير من الأسر في العاصمة صنعاء باتت تتعامل معها بأنها ليست من الضروريات وكل ما تحتاجه منها هو الضوء فقط، حيث لجأت هذه الأسر إلى الحصول على الضوء عن طريق الطاقة الشمسية، ويشير إلى أن هذا الحل لم يكن مجدياً خاصة في ظل رداءة بطاريات الخزن والتي بات الكثير من المستخدمين أمام مشكلة تلفها وحاجتهم لتغييرها، إلا أن ذلك يستحيل أمام ما نسبته 90% من مستخدمي الطاقة الشمسية جراء ضعف القوة الشرائية المرتبطة بانعدام الدخل.

مواطنون: نبحث عن الخدمات التي تبقينا على قيد الحياة

إقرأ أيضاً  إعلانات زائفة وبرامج سطحية... عيوب الإذاعات في صنعاء

كثير من المواطنين في العاصمة صنعاء يرون أنهم لا يفكرون في الحصول على أبرز الخدمات والمتمثلة بالتعليم والصحة، وينظرون إلى أن الماء والغذاء أهم شيءٍ يمكنهم الحصول عليه لبقائهم على قيد الحياة، ويقول المواطن موسى محمد لـ”المشاهد”: “بلا شك أن ما وصلت إليه البلاد من تردي في الأوضاع يجبرنا على التخلي على أشياء مهمة وضرورية كالتعليم والصحة، لأن هناك أشياء أهم وهي التي تبقيك على قيد الحياة كالماء والغذاء”.

الحوثيون يدمرون ما تبقى من الخدمات الرديئة

منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء ووضعت يدها على مؤسسات الدولة نهاية العام 2014، زادت الأمور تعقيداً وظهرت الأزمات على السطح، حسب ما يقوله عدداً من المواطنين، ويقول المواطن أبو أحمد الوصابي لـ”المشاهد” إن جماعة الحوثي سخرت كل موارد الدولة التي وقعت تحت يدها لما يُسمى بالمجهود الحربي، فضلاً عن مشرفيها الذين أصبحوا أثرياء ويتسابقون على شراء العقارات، الأمر الذي جعلها ترفع يدها عن ما تبقى من خدمات رديئة كانت تقوم به الدولة كإسقاط واجب، ليصل الوضع إلى ما هو عليه الآن.

عقود من التهميش للإنسان

ظلت الدولة اليمنية طيلة العقود الماضية تهمل توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها، متجاهلة الاهتمام بالإنسان وتنميته فيما يخص التعليم والصحة وغيرها، كما أنها خلال هذه العقود التي شهدت ظهور النفط والغاز الذي كان يعول عليهما تحريك عجلة التنمية، إلا أن هذه الموارد وقعت ضحية الفساد وذهب لصالح فئة معينة ترتبط بالسلطة.

موارد التهمها الفساد

طيلة 4 عقود التهم الفساد مختلف الموارد خاصة “النفط والغاز” فضلاً عن الموارد الأخرى كالثروة السمكية وغيرها، لذا لم يتمكن المواطن اليمني من الحصول على عائدات موارد بلده على شكل خدمات، كما أنه لا يجد أي أثر للموازنات التي تُرصد لتوفير هذه الخدمات، وفي الوقت ذاته يدفع ضريبة متعددة الأوجه إلا أنه لا يلمسها كخدمات تُقدم له، ووفقاً للبيانات الرسمية فإن هناك قصوراً كبيراً في الخدمات الأساسية التي توفرها الدولة للمواطن، ففي المجال الصحي يبلغ متوسط معدل النمو السنوي للإنفاق الحكومي من الناتج المحلي الإجمالي سالباً -1.5%، كما يبلغ الإنفاق الحكومي على التعليم 5% من الناتج المحلي الإجمالي.

الحرب تضاعف الأوجاع

في الوقت الذي عجزت الدولة اليمنية عن تقديم خدمات لمواطنيها، وظلت رهينة الفساد المستشري، وتفاقمت المشاكل الاقتصادية كالبطالة والفقر، دخلت البلاد في حربٍ تجاوزت عامها الثاني، الأمر الذي يضاعف من أوجاع المواطنين، وفي ذلك تقول وزارة التخطيط اليمنية في أحدث إحصائيات لها -حصل عليها “المشاهد”- إن الصراع الدائر خلف أزمات متفاقمة، حيث بات 18.8 مليون إنسان يحتاجون إلى نوعا ما من المساعدة الإنسانية حتى نوفمبر 2016، منهم 54.8% في حاجة ماسة للمساعدة، فيما يعاني 14.1 مليون إنسان وبما نسبته 51 % من السكان انعدام الأمن الغذائي، فضلاً عن أن 7 ملايين نسمة يقاسون انعدام الأمن الغذائي الحاد.

90% من اليمنيين بلا كهرباء

تندرج الطاقة الكهربائية ضمن الخدمات التي عجزت الحكومات المتعاقبة عن توفيرها للمواطن، والتي ظلت رديئة ومُكلفة، إلا أنها انقطعت تماماً خلال السنتين الأخيرتين، ووفقاً لبيانات وزارة التخطيط فإن 24.3 مليون إنسان وبما نسبته 90 % من السكان لا يحصلون على كهرباء من الشبكة العامة، ولهذا وجد المواطن اليمني نفسه مجبراً على البحث عن بدائل، ليتجه بصورة ذاتية للحصول عليها عن طريق الشمس، إلا أنها كانت أيضاً مُكلفة للغاية، فضلاً عن غياب الرقابة على جودة مكونات منظومة الطاقة الشمسية، الأمر الذي يجعل المواطن عرضة للشراء المتكرر.

مقالات مشابهة