المشاهد نت

حكم الاعدام بحق الصحفي الجبيحي وتداعيات الرفض والاستنكار والتضامن الواسعة

الصحفي الجبيحي

المشاهد -أسماعيل أحمد الشرعبي -خاص –

احدث حكم المحكمة الجزائية الخاضعة للحوثيين والقاضي بإعدام الصحفي يحيى الجبيحي  قبل اسوع حالة غضب ورفض تلقائي واسع النطاق لدى المكونات الشعبية والرسمية عبرت عن نفسها بتنظيم حملات الكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي منذ صدور حكم الاعدام حتى اليوم   وايضا حملات تضامن مع الصحفي والطالبة بالإفراج عنه لقيت صدي عربي ودولى كبير  .

وكان الحكم  بالأعدام بحق الإعلامي والكاتب يحيى الجبيحي بتهمة التخابر لصالح السعودية وفقا لما بررته المحكمة الخاضعة لسيطرة الحوثيين بالاستناد إلى تقاريره التي تحفظت عليها في جهاز الأمن القومي كما اوردت حينها وكالة سبأ التى يسيطر عليها الحوثيون  .

نقابة الصحافيين بدورها رفضت حكم الإعدام بحق أحد منتسبيها كما رفضته قامات عديدة محسوبة على الوسط الإعلامية كما دشنت حملات تضامن عديدة تفتقر للتنسيق فيما بينها .

من هوالجبيحي وكيف تمت محاكمته  ؟

يحيى عبد الرقيب الجبيحي صحفي وكاتب يمني ستيني العمر ينتمي لمدينة تعز مديرية جبل حبشي .

تلقى تعليمه الأساسي في مدينة عدن جنوب اليمن وحصل على شهادة الثانوية والجامعية في تخصص الإعلام في المللكة العربية السعودية ثم حصل على الماجستير في الإعلام من جامعة إنديانا في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1986م.

عمل محرراً صحفياً ومراسلاً في عدة صحف يمنية وخارجية منها صحف سعودية ، وتقلد مناصب حكومية كمسؤول إعلامي في رئاسة الوزراء كما يعمل كمدرس جامعي وله عدد من التقارير والكتابات المنشورة .

شارك في العديد من المؤتمرات الدولية كعضو في نقابة الصحفيين واتحاد الصحفيين العرب وزمالة الصحفيين الدوليين .

وكان الجبيحي قد توقف عن عمله الصحفي كمراسل منذ العام 2014 ، حيث اقتصر عمله بعدها على وظيفته كمستشار اعلامي في السفارة السعودية التي غادر طاقمها صنعاء مطلع 2015 .

اعتقلته جماعة الحوثي المسلحة مطلع سبتمبر/ أيلول 2016  وأودعته المعتقل شأنه شأن مئات المعتقلين دون محاكمة ، بناء على مزاعم تفيد بتواصله مع قوات التحالف الذي تقوده السعودية .

وفي يوم الأربعاء 12 أبريل/ نيسان أصدر قاضي المحكمة الجزائية ضده حكماً بالإعدام في الجلسة الثانية دون أن يسمح له بالدفاع عن نفسه .

يقول محامي الجبيحي ،  في تصريح لمرصد الحريات الاعلامية التابع لمركز الدراسات والاعلام الاقتصادي ، ان القاضي اصدر الحكم بعد جلستين ، واجهه في الأولي الصحفي بقائمه ادلة الاثبات ، بينما خصص الجلسة الاخرى للاستماع لردود الصحفي ومحاميه كما كان مقرراً،  لكن القاضي اسرع بإصدار الحكم في الجلسة الثانية  دون الاستماع للمتهم أو محاميه في الدفاع عن نفسه .

وأشار المحامي ان التهمه الموجهة للصحفي هي التعاون مع المملكة العربية السعودية ، وان من ضمن الأدلة التي قدمتها المحكمة مجموعه من التقارير الصحفية التي كان يكتبها الصحفي لجريدة المدينة السعودية .

حملات التضامن : تطابق الغاية واختلاف المنطلقات .

شهدت قضية الحكم على الصحفي حملة إدانة واسعة وغير مسبوقة طالت كل الأوساط السياسية والإعلامية والحقوقية، حيث تميزت بكونها عابرة للانتماءات السياسية وغير مقتصرة على تيار أو جهة بعينها ، وذلك وفقاً لمراقبين،  إنما يعود لتواضع مشاركات الصحفي السياسية وابتعاده عن دوائر الاستقطابات الحزبية الحادة فضلاً عن تفضيلاته العمل بعيداً عن الأضواء الساطعة رغم صفته الإعلامية .

وفي سياق حملات التضامن ، نظم كتاب بارزون ونشطاء صحفيين كثر حملات رفض واستنكار ،  وإن كانت تفتقر للتنسيق والفاعلية ، إلا أنها تعكس حجم تفاعل النخب مع هكذا حكم بحق صحفي مهادن لم يُعرف كسياسي أو كصحفي معارض بشده للسلطة .

رصد لـــ” المشاهد “من حملات التضامن اتجاهين من اتجاهات الرفض والإدانة ، تتفقان في غاية اسقاط حكم الإعدام وتختلفان في المنطلقات والحيثيات ، حيث ينظر الأول  للقضية بوصفها قضية حقوقية بحته فيما ينحو الأخر لتوصيفها كقضية سياسية .

الاتجاه الأول :

تمثل بالكتاب والصحفيين والناشطين الواقعين ضمن سلطة الحوثي أو المناصرين لها ، حيث اتسم خطاب هذا التيار بالعاطفية والاستجداء دون التفريط بموقفهم الثابت تجاه حرية الرأي والتعبير وما تتعرض له من انتهاكات ممنهجة درجت الجماعة على ممارستها بحق الصحافة والصحافيين .

تصدر الكاتب محمد عايش رئيس تحرير صحيفة الأولى المعروف بميوله للجماعة هذا التيار بالتنديد والرفض من خلال منشور نشره على صفحته عشية صدور الحكم ، حيث أظهر فيه حجم الذهول الذي أصابه جراء سماعه لحكم صدر بساعة واحدة من محكمة غير دستورية وغير معترف بها سبق لها اصدار احكام عدة بالسجن وحتى الإعدام بحق كتاب وصحفيين حوثيين إبان حكم صالح ، في محاولة لاستثارة عواطف الحوثيين وتذكيرهم بما مورس ضدهم سابقا مما يمارسونه اليوم بحق حرية الرأي والصحافة .

واعتبر عايش في منشوره الحكم بمثابة صدمة وفخ وقعت فيه الجماعة أو جرى إيقاعها فيه تمهيداً لإسقاطها حيث قال ” صادم ومرعب إن كان انعكاساً لحالة من فلتان أعصاب السلطة أو كان انعكاساً لفقدان السيطرة وتعبيراً عن شغل نظيف يجري للحوثيين من داخلهم ، وبحيث يأتي يوم يكونون فيه الأسود وجهاً وسمعه بين كل الحركات في كل بلدان العالم بما فيها القاعدة وداعش ”

ولفت بقوله ” أياً يكن ، سيسقط حكم الاعدام هذا كما سقطت كل أحكام الإرهاب قبله ، بما فيها تلك التي طالت متهمين بالحوثية ”

إقرأ أيضاً  خديجة.. قصة التغلب على العنف وخذلان الأسرة

وفي نفس السياق تبنى الكاتب عبد الباري طاهر ، وهو أحد رموز حرية الصحافة ونقيب سابق للصحفيين ، حملة تضامن وتنديد بالحكم على صفحته بالفيس بوك دعا فيها الإعلاميين للمشاركة بتوقيعاتهم لإضافة أسمائهم للعربضة التي نشرها .

وفيما عدد الكاتب ذات الحيثيات التي سردها عايش للجماعة في معرض رفضه وادانته للحكم الفاجعة حد وصفه ، إلا أنه أشار للدوافع الجهوية والإجتماعية التي تقف خلف الحكم ، حيث اعتبر أن استهداف الرجل المسالم وتعريضه للتنكيل كان لمجرد افتقاره للسند القبلي في واقع تحكمه عقلية ماضوية تتقمص دور جلادها حسب تعبيره ، في إشاره لعجز الجماعة في إصدار أحكام مماثلة بحق كتاب وصحفيين أكثر جرأه ومجاهره في المعارضة ولكنهم ينتمون لجماعات قبلية نافذه ، وفي تلميح للصحفي النافذ علي البخيتي الذي كتب بصفحته يتحداهم  باصدار حكم ضده رغم إقراره بالتواصل مع السعوديين وهي ذات التهمة الموجهة للجبيحي .

وفي دعوته ، حاول طاهر توظيف ظروف الحرب التي تتصدرها الجماعة والتي يتطلع الناس للخلاص منها ، لا تلقي مزيداً من أحكام الموت الرسمي في مثل هكذا أحكام حسب تعبيره ، حيث يتوخى بهذا الخطاب ممارسة مزيد من الضغوط العاطفية على الجماعة للتراجع عن الحكم .

وفيما خاطب طاهر الحوثيين في دعوته بصفة سلطة الأمر الواقع كتعبير عن اعترافه بهم كسلطة يعمل تحتها ، كان عايش أكثر شجاعة في مخاطبته لهم بالاسم المجرد كحوثيين ، وذلك يعكس خلفيات القوة القبلية التي ينتمي إليها كل منهما ، حيث أن طاهر ينتمي لنفس الجهة المناطقية التي ينتمي اليها المحكوم عليه بخلاف عايش المنتمي لمناطق السيطرة القبلية ، ولعل هذا ما دفع الأول لتناول البعد الجهوي القبلي في سياق دعوته التضامنية .

الاتجاه الثاني :

تنطلق الحالة الثانية في رفضها للحكم وإدانته واستنكاره ومن ثم الدعوة للتضامن ، من منطلق عدم اعترافها بشرعية الحوثيين كسلطة انقلابية  ، حيث تؤكد الحملة وفقاً للبيان الذي تزعمه ونشره على صفحته رئيس نقابة الصحافيين الإعلامي سعيد ثابت ، علي أن القضاء في ظل سلطة انقلاب لا يمكن أن يتوفر فيه أي معايير للنزاهة والعدالة .

ووصف بيان التضامن الحكم الصادر عن سلطة المليشيات بحق الكاتب ، يالحكم السياسي والجريمة الكبرى الذي يؤكد منهج الجماعة في القتل والسحل ووأد أحلام اليمنيين .

وفي محاولة لتوظيف القضية سياسياً ،أكد بيان النقابة التضامني أن صدور مثل هذه الأحكام السياسية في ظل أجواء الحرب إنما يشير إلى أن الانقلابيين ليس بوسعهم الميل نحو الحوار والحلول السلمية .

ودعا البيان الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن بالتدخل في هذه القضية السياسية انطلاقاً من مسؤولية المجتمع الدولي تجاه حرية الصحافة وحقوق الإنسان .

وعلى هذا المنوال أدانت قيادات سياسية وحقوقية مناهضة للانقلاب الحوثي ، حكم المحكمة ورفضوه باعتباره صادر عن محكمة خاضعة لسلطة انقلابية غير معترف بشرعيتها ، وما بني على باطل فهو باطل وفقاً لرؤية هذا الاتجاه .

محكمة غير دستورية

أنشئت المحكمة الجزائية  بأمانة العاصمة بقرار جمهوري 1999 كمحكمة متخصصة في قضايا جرائم الإرهاب وقضايا أمن الدولة وفق قانون يجير الإعدام بحق تهم تتعلق بحريات الرأي والنشر والصحافة.

وسبق للمحكمة أن أصدرت أحكاماً بالسجن والإعدام ضد عدد من الصحفيين وكتاب رأي معارضين لنظام الرئيس السابق علي صالح جرى تنفيذ احكام السجن بحق بعضهم فيما علقت أحكام الإعدام بحق البعض .

وتعرضت المحكمة لموجة احتجاجات قانونية وحقوقية وصحفية باعتبارها محكمة استثنائية غير دستورية ، حيث يطعن القانونيون في شرعيتها كمحكمة سياسية تنظر في قضايا أمن الدولة أنشئت بالمخالفة لنص دستوري وقانوني قضائي ينص على عدم جواز إنشاء المحاكم الاستثنائية .

وأصدرت المحكمة منذ سيطرة الحوثيين على السلطة في العاصمة صنعاء أحكاماً بالإعدام غيابياً طالت الرئيس هادي وخمسة من مؤيديه بتهم الخيانة على خلفية الحرب القائمة بينه كشرعية وبين الحوثيين الذين سيطروا على السلطة مطلع 2015 .

ومن المقرر أن تبت المحكمة في جلساتها المقبلة بالتهم الموجهة لنحو حالياً 36  معتقلاً ممن تم اعتقالهم سابقاً وإحالتهم للمحاكمة بتهم عديدة متصلة بمواقفهم السياسية .

موقف العفو الدولية من حكم الإعدام

تعارض منظمة العفو الدولية شأنها شأن كثير من المنظمات المعنية بحقوق الإنسان عقوبة الإعدام حيث تعتبرها في الغالب أداة سياسية تستخدمها السلطات الحاكمة لقمع المعارضين .

وفي بيانها المقتضب الخميس 13 أبريل  أدانت المنظمة حكم الإعدام وطالبت الحوثيين بإعادة محاكمة المتهم  بطريقة عادلة أو الإفراج عنه ، ما اعتبره مؤيدو الشرعية اعترافاً ضمنياً بشرعية الحوثيين في السلطة .

انتهاكات صارخة

وتتهم منظمات محلية ودولية سلطة الحوثيين بارتكاب انتهاكات متجاوزة لك الحدود بحق الإعلاميين ووسائل الإعلام ، حيث تمارس ضدهم جرائم مختلفة ومتعددة من القتل والخطف والاعتقال والإخفاء القسري والتعذيب .

وتعرب المنظمات الحقوقية والإعلامية عن قلقها البالغ إزاء مصير نحو 18من الصحفيين الذين لا زالوا مختطفين لدى الجماعة التي سبق لها مصادرة جميع وسائل الإعلام ونهب مقارها وتدمير مكاتبها وإجبارها على مغادرة اليمن وإجبار الصحفيين اليمنيين على النزوح سواء إلى مأرب أو تعز رغم صعوبة الأوضاع .

 

مقالات مشابهة