المشاهد نت

اليمن: واقع مرير ومأساة من جوع وموت ووباء !!

صورة من واقع معاناة الاطفال في اليمن اثناء الحرب في الحصول علي الماء

المشاهد- فردوس حمود-خاص :

  “باباه.. باباه.. أحبك، وقضم أظافره، ثم سأل باباه: هل ستروح معك اليوم الظهر دجاج مشوي”.. أخبرني بالكلمات هذه وأغرورقت عيناه بالدمع

.. إنه موظف حكومي وأحد الأقارب.. لمحته ذات يوم وهو جالس على رصيف شارع بعيد عن مقر سكنه.. قصدته وسلمت عليه.. لم يرد أو يبادلني التحية.. سألته ما بك.. وظل لازم الصمت، ترجيته وبعد توسل ومدارة له، قال لي: “صرت لا أطيق الحياة، أتمنى الموت من أن نفسي عاجزاً عن توفير طلب لطفلي ذو الأربعة أعوام”

.. صمت وهو يجول بنظره في الأفق _ولم أرغب في مقاطعته فقد أحسست بثقل كبير يضغط على جسدي، ثم واصل حديثه “اليوم وأنا خارج الصباح ولا أعرف إلى اين اتجه، استوقفني ابني شادي ذو الأربعة أعوام وهو ينادي عليا باباه باباه فتوقفت لأودعه فإذا به وعلى غير عادته في هكذا وقت قال لي باباه أحبك، ثم قضم أطافره وهو ينظر لي ورأسه إلى الأرض، بعدها سألني هل ستروح لنا اليوم الظهر دجاج مشوي حتى ولو قليل، وركض نحو الداخل”

. توقفت كلمات هذا الموظف وعيناه مغروقتان بالدمع.. وبحشرجة ردد: “يلعن أبوها حياة، الموت أعز وأرحم لي من أن أجد نفسي عاجزاً عن تلبية طلب بسيط لفلذة كبدي والذي لم يسبق له أن طلب مني شيء.. كيف سأعود البيت وكيف سأقابله وماذا أقوله وقد عدت ويدي خالية مما طلبه”

 

 الحرب.. الفقر.. توقف الراتب.. الحرمان.. الموت جوعاً، مفردات بسيطة تلخص تفاصيل مأساة الإنسان اليمني الذي صار بفعل هذه العوامل ضمن أفقر البشر على الكرة الأرضية المأهولة بالسكان وفقاً لتقارير كثيرة.

“عاصفة الراتب”

وفي بلدي_اليمن، الذي ينهشه الحرب منذ ما يقارب الثلاثة الأعوام، فقد عاظم توقف الراتب منذ بضعة أشهر، في توسيع رقعة الكارثة، وصار موظفي الدولة واقعين تحت مطرقة مشاكل ووضع مالي صعب جعل بعضهم عرضة للاعتداءات والطرد من السكن، وبعض غير قادر على توفير لقمة العيش وتوصيفات أخرى موجعة.

يقول ستيفان دو جاريك المتحدث الرسمي باسم الأمم المتحدة “إن سبعة ملايين شخص في اليمن لا يعرفون من أين سيحصلون على وجبتهم التالية”.

 ويضيف إنه في حين أن الأمم المتحدة وشركاءها على استعداد لرفع مستوى الاستجابة في اليمن، هناك حاجة إلى تمويل بمقدار 1.2 مليار

“”بروفسور لا يجد ما يقتات به””

 وصُعق اليمنيون، بمنشور للبروفسور، آمنة يوسف، أستاذة النقد الأدبي الحديث في كلية اللغات في جامعة صنعاء، نشرته على حائطها في شبكة التواصل الاجتماعي الفيس بوك، قالت فيه: “لا أجد ما أقتات به أنا وأسرتي، ولا أمتلك منزلاً يؤويني بعد أن أفنيت شبابي في خدمة الوطن كبروفيسورة في جامعة صنعاء لأكثر من 20 عاما، وحالياً أصبحت مهجرة في وطني وراتبي مغتصب

إقرأ أيضاً  توقف الزراعة في بساتين صنعاء القديمة 

“اليمن في جياع الأرض”

تقرير دولي حديث يقول إن اليمن البلد العربي الوحيد الذي صار سكانه ضمن “جياع الأرض”، وصارت اليمن ضمن أفقر عشر بلدان على مستوى العالم، التقرير استخلصه المعهد العالمي للبحث في السياسات الغذائية في تصنيف للدول التي تعاني المجاعة.

ويوسف شاعرة وناقدة أيضا وصدر لها عدد من الكتب النقدية، وقصتها تلخص واقع اليمنيين في ظل الحرب التي سحبت أفراد الطبقة المتوسطة إلى القاع ليصبحوا فقراء، أما الفقراء وهم أغلبية فقد أصبحوا يصارعون الموت جوعاً.

وأضافت: إن “معاناتي ومعاناة زملائي من أساتذة جامعة صنعاء تمتد إلى بداية العام الدراسي 2015/2016، فقد صودرت ميزانية الجامعة والكليات التشغيلية، ولم يبق لنا حتى الحد الأدنى لأداء رسالتنا التعليمية، وعلى الرغم من ذلك كنا نقوم بأداء مهامنا التدريسية على حسابنا الخاص، وعندما وصل الأمر إلى مصادرة رواتبنا أصبحنا عاجزين عن استكمال رسالتنا التعليمية، أضف إلى ذلك انتهاك الصرح التعليمي من قبل الجماعات المسلحة وتهديد زملائنا وفقدان الأمان الشخصي والمعيشي”.

وتابعت يوسف: “كل ذلك أدى إلى تجميد الدراسة في الجامعة، لأننا لم نعد قادرين على إعالة أنفسنا وأسرنا، وبتنا نتعرض لضغوط معنوية ونفسية من قبل الدائنين الذين عجزنا عن تسديد ديونهم، وكذلك المؤجرين الذين عجزنا عن تسديد إيجار بيوتهم، بعد أن بعنا كل مدخراتنا القابلة للبيع، وأصبحنا عاجزين عن معرفة ما الذي يخبئه لنا القدر”.

“”مدير عام على الرصيف””

 موظف حكومي بدرجة مدير عام، بالعاصمة اليمنية صنعاة، جراء عجزه عن دفع ايجار المنزل الذي يقطنه لعدة أشهر_ منذ توقف الراتب، وجد نفسه في الشارع مرمياً وسط عجز كلي عن دفع الضرر عن نفسه.

حرصاً على عدم جرح مشاعره وانسانيته نكتفي بالاشارة إليه بالترميز..”ع_ س_ ع”، والذي يقول ليس عليا أي متأخرات إيجار إلى ما قبل ما توقف الراتب إطلاقاً فقد كنت أسدد كل شهر في حينه، ومنذ الشهر الأول لتوقف الراتب بدء صاحب المنزل في مضايقتي شيء فشيء، مرور باغلاق السكن عدة مرات، وصولاً إلى طردي من السكن إلى الشارع.

 “محطة توقف”

أمام هكذا مشهد يتسأل المرء إلى اين تمضي الحرب والسياسة في اليمن بهذا العدد من البشر الذين صار أغلبهم لا يفكر إلا بكيف يمنكه تأمين رغيف الخبز..!؟

 

 

مقالات مشابهة