المشاهد نت

نازحون .. رمضان لم يجمع شتاتهم

صورة ارشيفية نازحون من الحرب في اليمن

المشاهد-خاص-صنعاء :

نزح أحمد النعامي(55عاما)من مدينة تعز إلى صنعاء في فبراير/شباط2016 بعد أن دمرت الحرب منزله بالكامل وجرحت والدته وشقيقته جروحا بليغة لا زالتا تعانيان منها حتى الآن.

منزل النعامي المكون من طابقين قبل أن تدمره الحرب يقع في منطقة المواجهات بين المقاومة الشعبية المسنودة بالجيش الوطني وقوات التحالف العربي وبين جماعة  الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح في حوض الأشراف.

ويقول النعامي لــ”المشاهد”:”طيران التحالف العربي ضرب منزلي بالتدريج، ففي البداية ضرب الدور الثاني وبقينا بالدور الأول، وبعد شهر من ضرب الدور الثاني ضرب الدور الأول وجرحت أمي وشقيقتي، ولم يتبقى لنا سوى غرفتين كانتا بالحوش، حينها قررنا النزوح إلى صنعاء”.

نزح النعامي برفقة والدته وشقيقته الجريحتان وبنتاه تاركا أبنه الأكبر في مدينة تعز يواجه مصير الموت في أي لحظة.

وكانت زوجة النعامي قد سافرت مع طفليها إلى بريطانيا في بداية 2015لإكمال دراسة الدكتوراة في الطب البشري ولم تتمكن من العودة بسبب الحرب”هكذا تشردت الأسرة بين تعز وصنعاء ، وبريطانيا”يقول زوجها.

تواجه أسرة النعامي ظروفا صعبة في صنعاء في ظل انقطاع المرتبات للشهر الثامن على التوالي وهو الدخل الشهري الوحيد للأسرة.

لم تلتفت المنظمات الدولية العاملة في اليمن والمنظمات المحلية لوضع النعامي وهو يتنقل بين المنزل المستأجر في الجراف الغربي شمال العاصمة صنعاء وبين المستشفيات بغية علاج جرحاه.

عشرات الأسر تعاني من الأمر عينه، وتحلم أن يجمع رمضان شتاتهم، لكنه المستحيل كما يقول النعامي، متسائلا:”كيف لنا أن نلتقي في هذه الظروف”؟ ويستدرك بالقول:”الأسرة مبعثرة بين صنعاء وتعز وبريطانيا وكلنا ظروفنا سيئة، الزوجة لم تتسلم مرتبها ضمن الدارسين خارج اليمن إلا بالنادر وتتحمل مسئولية طفلين، وأنا بدون مرتب منذ أشهر وفوق هذا أتحمل مسئولية علاج والدتي وشقيقتي، وأبني مع زوجته في تعز دون دخل يذكر..الوضع صعب جدا”.

إقرأ أيضاً  مخاوف الصيادين من تداعيات "روبيمار"

كان النعامي يعيش طقسه الخاص في رمضان من كل عام، طقس يجمع الأسرة على سفرة الفطور، وصلاة التراويح، طقس يحسد عليه في مدينة تعز حيث يأتلف المكان بحميمة الشهر الكريم، يضعون رؤوسهم مطمأنين في منزلهم لا يفكرون إلا بمستقبل الصغار وحسب.

“فقدنا الحاضر والمستقبل حتى لمة رمضان فقدناها..فقدنا كل شي وبتنا مهددين بالطرد من بيت الإيجار بعد أن عجزنا عن دفع إيجارات عاما كامل”يقول النعامي.

لم تترك الحرب متسع للتنفس، لم تترك مكانا للالتقاء..شردت الآلاف وعجز رمضان عن لم شتاتهم، منهم من ترك اليمن قسرا وترك أمه تتلوى ألما وحسرة على ولدها الذي اعتادت على رؤيته في رمضان، وأب يحلم أن يرى أبنه حرا طليقا بعد أن اختطفته مليشيات الحوثي وأودعته في سجونها كما هو حال من هاجر خارج اليمن، وحال من قضى سنتان ومن قضى أشهر في أقبية السجون السرية التابعة لجماعة الحوثي.

“لم تترك الحرب منزلا يأوي فيه أصحابها، أو وطنا يتسع للجميع..اللون الواحد هيمن على حياة الناس وبات المتحكم بمصائر الملايين في الداخل والخارج”يقول رضوان غالب نازح في صنعاء يعاني نفس الظروف التي يعانيها النعامي.

يعيشون رمضان الثاني على التوالي بعيدون عن بعضهم البعض، أسر اعتادت على العيش تحت مظلة رمضان وغيره من الشهور وجدت نفسها مشردة قسرا ووجد أفرادها العزلة كطوق نجاة من بطش الحاضر ومتاهة المستقبل.

 

 

 

مقالات مشابهة