المشاهد نت

عشرات الموقوفين بمأرب بين تلكؤ النيابة وقضبان السجن

المشاهد – فؤاد العلوي-خاص:

أمام مبنى النيابة العامة في محافظة مأرب افترشن عدد من النساء بلاط بوابة المبنى لأيام عدة للضغط على السلطات المعنية (أمنية – قضائية) للإفراج عن أبنائهن وأقارب لهن تحتجزهم سلطات محافظة مأرب منذ أشهر.

يحاولن النساء ممارسة الضغط على المعنيين في إدارة أمن المحافظة للإفراج عن أبنائهن، فهن يعتقدن أن بقاء أبنائهن في الاحتجاز بات غير مبرر خصوصا وأنه لم يتم البت في قضايا أبنائهم قضائيا.

تخضع محافظة مأرب التي تقع شرق صنعاء لسلطة الحكومة الشرعية برئاسة عبدربه منصور هادي، وباتت تحتضن أكثر من مليون و300 ألف نازح بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.

كما أن محافظة مأرب خاضت حربا واسعة مع مسلحي الحوثيين وصالح قبل عامين تمكنت خلالها من إرغام تحالف الحوثي وصالح على التقهقر من جميع مديريات المحافظة، والتراجع إلى محافظتي صنعاء والبيضاء وأجزاء صغيرة من مديرية صرواح غرب المحافظة.

53 محتجزا

لاتنكر السلطات الأمنية بمحافظة مأرب وجود محتجزين لديها بحاجة للبت في ملفهم للإفراج عنهم أو إحالتهم للقضاء خصوصا وأن قضاياهم يصعب البت فيها إلا عن طريق النيابة.

وبحسب مدير عام شرطة محافظة مأرب العميد/ علي عبدالله طاهر فإن إدارة أمن المحافظة رفعت إلى النيابة العامة 53 ملفا لموقوفين لديها بهدف البت في قضاياهم أو الإفراج عنهم، إلا أن النيابة لم تنظر إلى ملفاتهم، في حين أنهم في إدارة الأمن غير قادرين على اتخاذ أي قرار فيها باعتبار ذلك من اختصاص القضاء.

العميد طاهر في حديث مع “المشاهد” اتهم النيابة العامة بمحافظة مأرب برفض التعاون مع إدارة أمن المحافظة في حلحلة كثير من القضايا ومن أبرزها قضايا السجناء الذين ينبغي أن تتدخل النيابة للبت فيها.

وقال: “نحن في إدارة أمن المحافظة رفعنا عشرات القضايا لموقوفين يفترض الإفراج عنهم، وبعض هذه القضايا مر عليها أكثر من سبعة أشهر ولم يتم البت فيها من قبل النيابة”.

وأشار إلى أن رفض النيابة لممارسة عملها هو بحجة أن مبنى النيابة يستخدم من قبل إدارة الأمن منذ محاولات تحالف الحوثي وصالح السيطرة على مدينة مأرب قبل عامين. لكنه في المقابل ذكر أن المحافظة عملت على توفير مبنى آخر لتقوم النيابة بأداء مهمتها.

طاهر حذر من استمرار توقف النيابة عن عملها وأكد أن ذلك سيفاقم المشكلة أمامهم وأمام رجال الأمن، داعيا النيابة العامة إلى القيام بدورها في سرعة النظر في القضايا المرفوعة إليها، حتى لاتتراكم القضايا أكثر مما هي عليه الآن.

 

نريد المبنى

لم يتوقف “المشاهد” عند اتهامات مدير عام شرطة محافظة مأرب وحاول معرفة ما لدى الطرف الآخر وهي “النيابة العامة”، من ردود على تلك الاتهامات، لكن إضراب موظفي النيابة العامة حال دون الوصول إلى أي أحد منهم للرد.

أجرينا اتصالات بعدد من المحامين وحصلنا على رقم لوكيل النيابة العامة بالمحافظة القاضي نبيل الأديمي – المتواجد بعدن – وبعد يومين من التواصل المتكررة والرسائل التوضيحية رد الأديمي على اتصالاتنا مؤكدا أن النيابة ليست مسؤولة عما يجري، وأن النيابة بصدد اتخاذ عدد من الإجراءات ضد إدارة أمن المحافظة.

الأديمي اتهم إدارة أمن المحافظة بعرقلة عمل النيابة بسبب استيلائها على المبنى الخاص بها ورفضها تسليمه – حسب قوله.

لكن وفي رد على سؤال عن توفير السلطة المحلية لمبنى آخر لهم أجاب الأديمي متسائلا: ” كيف يعطونا مبنى آخر ونحن لدينا مبنى ولسنا بحاجة إلى مبنى آخر؟ .. نحن نريد المبنى الخاص بنا ونطالبهم بتسليم المبنى”.

وبخصوص السجناء الموقوفين لدى إدارة الأمن وهم 53 سجينا بحاجة إلى بت النيابة في ملفاتهم، أجاب الأديمي أن السجناء الذين تنتهي مدة حبسهم يتم إطلاق صراحهم مباشرة.

وجدد وكيل النيابة اتهامه إدارة الأمن بعرقلة عملهم. وقال: إن إدارة الأمن ترفض إطلاعهم على أوضاع السجناء عندما تنزل لتفتيش السجن.

وأكد المسؤول القضائي أنهم تخاطبوا مع النائب العام بالجمهورية اليمنية القاضي علي الاعوش في عدن لرفع الضبطية القضائية، لأن مدير أمن محافظة مأرب – بتأكيده – يرفض تنفيذ أوامر النيابة.

 

إجراءات للسلطة المحلية

إذا أين تقف السلطة المحلية في محافظة مأرب مما يجري؟ .. سؤال حاولنا البحث عن إجابة له باعتبار أن السلطة المحلية مطالبة بحل هذه الإشكالية، ووجدنا أن السلطة المحلية سبق وأن خاضت في هذا الجانب وعقدت بتاريخ 7 مايو 2017 اجتماعا ناقش توقف عمل النيابة في المحافظة.

إقرأ أيضاً   الحلويات الصنعانية... عادة رمضانية

وبحسب مصادر حضرت الاجتماع تحدثت لـ”المشاهد” فإن المجتمعين برآسه علي بن علي الفاطمي وكيل محافظة مأرب أبدوا استياءهم من استمرار توقف النيابة العامة وإضرابها عن العمل, واعتبروا استمرار النيابة في توقفها عن العمل عرقلة لأداء السلطة المحلية وأجهزة الأمن.

وذكرت المصادر أن السلطة المحلية استأجرت مبنى آخر للنيابة بدلا عن المبنى الحالي نظرا للحاجة إلى هذا المبنى حاليا، مشيرة إلى أن السلطة المحلية تدفع منذ ثلاثة أشهر مبلغ 600 ألف ريال مقابل إيجار المبنى الذي تم استئجاره للنيابة.

وقالت: المصادر إن الاجتماع أقر توجيه دعوة إلى النيابة الاستئنافية والابتدائية للبدء في ممارسة عملها في مقرها المؤقت، مشددا على حل القضايا العالقة واستكمال إجراءاتها وإحالتها إلى القضاء بحسب الاختصاص، وتفعيل دور القضاء والنيابات في المحافظة.

 

لم تؤدي واجبها

وأمام الإتهامات المتبادلة بين إدارة الأمن بمحافظة مأرب والنيابة العامة يرى سليم علاو – رئيس فريق منظمة هود بإقليم سبأ – أن النيابة العامة لم تقوم بواجبها منذ بداية الأحداث في 2014م.

وأضاف: “كانت هناك أسباب كثيرة في السابق جعلت النيابة تتوقف عن العمل منها تعذر المبنى والجانب الأمني، لكن حاليا لا يوجد أي سبب أو مبرر لاستمرار النيابة في التوقف والإضراب عن العمل.”

علاو أشار في حديث مع “المشاهد” إلى غياب التنسيق من قبل السلطات المحلية بمحافظة مأرب مع وزير العدل والنائب العام لإيجاد بدائل أو انتداب أعضاء للعمل في النيابة خلال الفترة الحالية التي يقوم فيها موظفي النيابة بالإضراب عن العمل لحجج ليست مقنعة، لا سيما وأن جهاز النيابة العامة بمحافظة مأرب يتشكل من نيابة استئناف ونيابة ابتدائية في حين أن اللازم وجود نيابة جزائية متخصصة،  ونيابة للبحث والسجون.

وأكد علاو أن عدم عمل النيابة في الوقت الحالي يزيد من الضغوط على الجهات الأمنية وتزيد أعداد المحجوزين في أماكن الاحتجاز وتضييع حقوق الناس خاصة القضايا المطلوب الفصل فيها من قبل القضاء.

 

رأي آخر

لكن وبعيدا عما سبق هناك من يطرح رأيا آخرا بعيدا عن حجج إدارة أمن المحافظة والنيابة العامة بحديثه عن امتداد تأثير التيار الزيدي ورجال أمن صالح على السلطة القضائية ما جعل أداءها في المناطق المحررة ضعيفا أو شبه منعدم.

يقول: رمزي إبراهيم – محامي – “لدي قناعة مترسخة وتراكمية أن السلطة القضائية مثلت عقبة كأداء أمام الشرعية منذ 2012 إلى اليوم، ولازال الجميع يتذكر كيف أن القضاة أسهموا إسهاما فاعلا في تأجيج الإنقلاب على حكومة باسندوة، من خلال إضرابات عبثية عطلت سير عمل المحاكم في جميع المحافظات طوال فترة حكومة باسندوة”.

وأضاف لـ”المشاهد”: “كان مايسمى بنادي قضاة اليمن يدعو لإضراب لأتفه الأسباب من بينها أن قاضي في عمران تعرض للتهديد، وأحيانا للمطالبة بعلاوات قضائية أصبحت مقرة وتسير الحكومة في تنفيذها، وأتذكر أن العام 2013 لم يتلزم فيه القضاء بالدوام سوى شهر واحد على أكثر الأحوال”.

وتابع: “جاءت حكومة باسندوة ورفعت مرتبات القضاة بنسبة وصلت إلى 45% ودفعت كل العلاوات المتأخرة، وحققت تراجعا في نسبة الاعتداءات على القضاة، لكن القضاء الذي يتغول فيه المذهب الزيدي ورجال أمن صالح عمل كأداة للإسهام في تأجيج الرأي العام ضد الحكومة”.

المحامي إبراهيم وكدليل منه على ما سبق قال: “منذ سيطرة الحوثيين وصالح على صنعاء لم ينفذ نادي قضاة اليمن سوى إضراب جزئي عن العمل بعد قطع راتبه، وعندما اجتمعت قيادة النادي بمجلس القضاء المعين من الحوثيين أصدروا بيانا تراجعوا فيه عن الإضراب دون مبرر”.

وأضاف: “الآن مرت 8 أشهر على قطع رواتب القضاة وسجلت عشرات الإعتداءات على القضاة وصلت حد القتل والاعتقال من قبل المشرفين واقتحام أماكن الحجز والإفراج عن محتجزين وسجناء بالقوة دون أن يحرك القضاة ساكنا أو يصدروا مجرد بيان إدانة”.

وفي ختام تعليقه لـ”المشاهد” دعا المحامي رمزي إبراهم الحكومة الشرعية إلا إجراء تغيير وإصلاح في بنية السلطة القضائية وإنهاء ما اعتبره تغولا لسلطة صالح والمذهب الزيدي في القضاء باعتبار أن القضاء هو أهم ركيزة لتحقيق الإستقرار والتقدم.

مقالات مشابهة