المشاهد نت

رمضان في اليمن … صوم بطعم الحزن والفقر

المشاهد-فردوس حمود-خاص :

يعود رمضان هذه العام ، لكن ليس كما يتمناه اليمنيون، حيث ترزح البلاد تحت حمل ثقيل من الأعباء اليومية خلفتها الحرب المستمرة والصراع السياسي المتصاعد والأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تعصف بالبلاد . الكثير من المظاهر التي كانت تميز مدن اليمن اختفت ، كما تلاشت الفعاليات الثقافية النوعية التي كانت ترافق قدوم الشهر المبارك مثل مهرجان الإنشاد اليمني الذي كان بمثابة بصمة خاصة من بصمات المدينة الموغلة في التاريخ، ليحل مكانها أنين الناس وشكواهم التي لا تنقطع نتيجة التدهور المستمر في الوضع الاقتصادي وما يرافقه من غلاء فاحش في الأسعار، إضافة إلى المعاناة الأساسية التي رافقتهم من العام السابق والمتمثلة في انقطاع التيار الكهربائي بصورة كلية والاستعاضة عنه بالطاقة الشمسية لدى الميسورين من الناس، والانعدام التام للمشتقات النفطية والغاز المنزلي .

في رمضان هذا العام تتساءل ام رقية كيف سيأكل الناس او يتراحمون فيما بينهم وهم في ظل مجاعة حقيقية”؟ وتشكو ام رقية من عدم قدرتها على توفير متطلبات الشهر الكريم من طعام وشراب، وتؤكد أن معظم اليمنيين يتشاركون هذا الواقع السيء” . وبحرقة تقول انها مُجبرة على الاستغناء عن أطعمة كثيرة تعوّدت عليها اسرتها في شهر رمضان بل الاستغناء عن متطلبات تعتبر اساسيه لحياتهم.

البحث عن هدنة ..

سمير مجلي طالب جامي ينظر الى شهر رمضان كمحطة إيمانية ينتظرها ليعيد شحن البطاريات المستفرغة خلال العام ويجدد روحانية الوجود الآلهي بداخله ليتقرب الى الله . وما أحوجنا جميعا الى الله وخاصة في هذه الشهر الكريم يؤكد مجلي . إلا ان رمضان يحتاج لهدوء وسكينة ويترقب مجلي توقيع أي هدنة او اتفاق لوقف الحرب لأن البلد لم تعد تحتمل .

شر البرية ما يضحك.. رمضان مختلف جذريا هذا العام من وجهة نظر مروى العريقي والتي تأسف لما سمعته وشاهدته من مواقف وقصص تدمي القلب بعد ان بدء الكثير من المواطنيين ببيع أجزاء من ممتلكاتهم حتى يستطيعون العيش ، جل همهم الآن أن ينعموا بالعافية ( شر البرية ما يضحك تقول مروى في تعجب ) وتواصل التساؤل : من يصدق ان لدينا حكومتان فيما موظفو الدولة يعيشون بلا رواتب لثمانية اشهر ؟

وتضيف العريقي : يستقبل اليمنييون رمضان هذا العام بغير العادة فالأسواق لا تكتظ بالمشترين ككل عام ، وحال لسانهم يقول اللهم استرنا بالعافية خاصة ونحن نعيش على تهديد تفشي وباء الحرب ” الكوليرا” الذي يفتك بارواح العديد من الناس في ظل عجز المستشفيات لاستقبال مرضى هذا الوباء

 

أسوق تشكو الركود..

ما زال سوق الملح الشهير في صنعاء القديمة يعج بكثير من البضائع التي كانت تزدهر تجارتها في رمضان مثل الفضيات والنحاسيات والعقيق والأحجار الكريمة، كما ما زال الدخان يتصاعد من المطاعم الشعبية حيث تتم صناعة أشهر أطباق المائدة التقليدية اليمنية مثل «السلتة» و»القنم» وحلويات «الرواني» و»بنت الصحن». تعج الأسواق بالحركة والمتسوقين ولكنها تعاني من ضعف قدرتهم الشرائية كما يقول أحد الباعة وعلى رغم استمرار الباعة في عرض كثير من المنتجات والمأكولات الشعبية المخصصة لشهر رمضان، إلا أن حركة البيع والشراء تراجعت إلى حد غير مسبوق كانعكاس مباشر للتدهور الاقتصادي وانخفاض سعر العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية.

إقرأ أيضاً  الإصابة بالسرطان في ظل الحرب

حلقات حول المائدة بتفاؤل..

يتحدث مفيد الراشدي عن مكانة شهر رمضان والعادات المتوارثة لدى اهل اليمن والتي لا يزال يعمل بها رغم الظروف التي تعيشها البلد وهي ظاهرة مائدة الافطار الجماعي بحيث يأتي كل واحد منهم بشيء من إفطاره إلى المسجد ليجتمعوا هناك ويفطروا معا ، الامر الذي يقوي الروابط الاجتماعية ويزيد في تعميق أواصر التقارب ، كما أنه مواساة للفقراء الذين لا يجدون ما يفطرون عليه ويقوم الصائمون وقت الافطار بالجلوس داخل المسجد على هيئة حلقات حول مائدة لتناول طعام الافطار ويكون الأكل جماعيا ، على سفرة ممتلئة بالمأكولات الشعبية يتسيدها (الشفوت)، و(الحلبة والمرق والشوربة والسمبوسة)، وكذلك الباجية والحامضة وغيرها من المأكولات .

 

الصوم عن التسامح …

ارتبط شهر رمضان في اليمن بأنه موسم للتسامح والعفو والصفح فيما بين الناس لكنه ليس كذلك هذا العام اذا اختفت مظاهر التسامح حتى في اطار الاسرة الواحدة بعد ان كان شهر رمضان محطة لتصفية النفوس بين الناس وخاصة المتخاصمين وهذا ما تؤكده ليلى الحمادي التي لاحظت ان الحرب غيبت مبدأ التسامح والعفو كقيمة اصيلة كان يتغنى بها اليمنييون في شهر رمضان وتضيف : رمضان شهر يراجع فيه الإنسان نفسه وعلاقاته مع الآخرين فيطلب الصفح منهم ويصفح هو عنهم ليتقبل الله صيامه وقيامه ويعينه الله على أن يكون قلبه عامراً بذكر الله .

طقوس روحانية …

بالنسبة للبعض فان رمضان يرتبط بقائمة المأكولات التي تشعرهم بالطقوس الروحانية التي اعتادوا عليها لتضيف رونقا مختلف عن بقية الاشهر الاخرى كما يرى اياد عبد الجبار ‘ فأمه لديها برنامج رمضان يشمل تجهيز المأكولات المختلفة و الحلويات والمشروبات المتنوعة , لكن ما تغير مؤخرا هو انها تهتم بتوفير اشياء بسيطة للفطور بسب تردي الوضع المأساوي في اليمن فلا يوجد دخل يساعد في تسديد الاحتياجات الضرورية لاستمرارية الحياة , ويضيف: هناك الكثير ممن تغير حالهم الى الأسواء بسبب الوضع مما جعلهم لا يهتمون بقدوم رمضان او للاستعداد لبعض الطقوسات الرمضانية

لا ماء ولا اكل ولا صحه ..

المشاكل التي تحدث من حولنا هي التي اثرت سلبا على انفسنا بشكل سلبي يقول محمد جلب فلا ماء ولا اكل ولا صحه فكيف سيستقبل اليمنيون شهر الخير, والوضع الخانق جعل الناس غير قادرين على تهيئة انفسهم لطقوس رمضان ، ومعظم الناس ذهبوا للقرى حيث الحياة البسيطة وقله الاحتياجات. اليمنيون يحاولون ان يتماشوا مع الوضع الذي يمرون به بحسب جلب .

وتشاركه الراي اميرة محمد بالقول : كنا زمان نستقبل رمضان كما كنا نستقبل الاعياد السنوية بفرحة واجواء مختلفة وما يحدث الان هو ان الاوضاع الحالية غيرت كل شيء جميل , فهناك الكثير ممن يهمون مصاريف رمضان التي تختلف عن بقية المصروفات الاعتيادية في بقية الاشهر الاخرى , توقف الراتب زاد الوضع سوء حيث يعتمد اليمنيين عليه في توفير المشرب والمأكل والمأوى . هكذا هي الضغوطات التي تحدث من حولنا تجعل من الشهر الفضيل شهر تعب ممن من يحمل على عاتقة الهموم .

 

مقالات مشابهة