المشاهد نت

في زمن الحرب .. فنيون يتحولون إلى أطباء وأخصائيين

صورة ارشيفية

 المشاهد – هشام المحيا – خاص:

 تسببت جماعة  الحوثية بانقلابها على السلطة وسيطرتها على مؤسسات الدولة في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م بمضاعفة مشاكل القطاع الصحي باليمن ، حيث أُجبر الكثير من الأطباء الأخصائيين على مغادرة البلد بالتزامن مع إغلاق مئات المرافق الصحية أو تدميرها وكذا غياب الرقابة وذلك باختطافها للمؤسسة الصحية والعبث فيها وقد أدى ذلك كله إلى  بروز  الكثير من السلبيات والظواهر الصحية الخطيرة وفي مقدمتها تفشي ظاهرة قيام الفنيين بعمل الأطباء المتخصصين في المستشفيات والمراكز الطبية والعيادات الصحية الأمر الذي جعل من الأخطاء الطبية الفادحة أمرا معتادا من جهة ورداءة الخدمة الصحية المقدمة للمواطن من جهة أخرى

 

  تؤكد التقارير الصحية الدولية والمحلية وكذا الأطباء الأخصائيون أن عدم كفاية وكفاءة الكادر الصحي في اليمن شكل معضلة حقيقية في القطاع الصحي اليمني ، فقبل الانقلاب الحوثي وحليفه صالح  تذكر الاحصائيات الرسمية أن عدد الأخصائيين والأطباء العموم في القطاع الصحي اليمن  يبلغ قرابة ستة آلاف أخصائي وطبيب تقريبا من إجمالي الكادر الصحي البالغ قرابة 41 ألف طبيب وفني موزعون على مختلف الأقسام الصحية بشهادات دراسية عليا نادرة وجامعية بقلة ودبلوم بوفرة  ، وذلك باستثناء الكادر الإداري في القطاع ، وبعد أن اجتاحت مليشيا الحوثي العاصمة صنعاء وبقية المحافظات وشنها حربا شعواء على جميع أطياف المجتمع اليمني ونهبها لمقدرات وممتلكات المؤسسات ومنها المؤسسة الصحية تقلص عدد الكادر المؤهل في الصحة بشكل كبير حيث أجبر عشرات الأخصائيين في مختلف المحافظات على مغادرة البلد إلى دول مجاورة وبعيدة طلبا للأمان والعمل كما قامت المليشيا بتدمير وإغلاق مئات المرافق الصحية مما أدى إلى تعطيل كوادرها ،  ويأتي ذلك الشح في الكادر من جهة وتدني مستوى الكفاءة عند الكثير منهم من جهة أخرى في الوقت الذي يعاني فيه اليمن من تفشي لبعض الأمراض الوبائية وتوسع دائرة الأمراض المستعصية  حيث تشير بعض التقارير إلى أن قرابة 90% من السكان البالغ تعددهم 27 مليون نسمة مصابون بمرض معين وبعضهم مصاب بأكثر من مرض ، وتؤكد الإحصائيات الرسمية والتقارير الدولية  أن اليمن تقع في مقدمة الدول العربية في نسب المصابين بالأمراض المختلفة كالقلب والضغط والسكر والكبد والكلى والسرطان وأمراض المعدة المختلفة بالإضافة إلى مرضى الأمراض العقلية والنفسية الذين يتجاوز عددهم مليوني مريض وانتشار وباء الكوليرا مؤخرا، والجدير بالذكر هنا أن نسبة كبيرة من هؤلاء المرضى يفارقون الحياة بسبب غياب الكادر الطبي المتخصص من جهة وعدم وجود البنية التحتية الصحية من جهة أخرى

 

من الأسباب

مدير عام الصحة بمار الدكتور عبدالعزيز الشدادي أكد على أن عدم كفاءة وكفاية الكادر الطبي في اليمن يمثل معضلة حقيقية تحول دون تقديم خدمة صحية متميزة للمواطنين وذكر حال الكادر الطبي في محافظة مأرب كنموذج ومثال لبقية المحافظات حيث قال أن نسبة الكادر المؤهل في مأرب لا تتجاوز 37% من إجمالي الكادر ، واستدرك الشدادي حديثه بالإشارة إلى الكادر المتخصص في المحافظة رغم قلته لا يتواجدون في المرافق الصحية سوى قلة قليلة فمن إجمالي 49 طبيبا محسوبين على مأرب لا يوجد لدينا بالميدان سوى أخصائي واحد لطب الاطفال و9 أطباء عموم ، يذكر أن إجمالي عدد الكادر الطبي في محافظة مأرب يبلغ 1336

من جانبه قال مدير ادارة الجودة بمستشفى الهيئة بمارب ان قيام الفنيين بعمل الاطباء امر سيؤدي الى الكثير من الاخطاء الطبية لكنه يؤكد ان وجود هذه المشكلة كان بسبب قلة الكادر الطبي المتخصص وعليه يتوجب على وزارة وضع معالجات للمشكله

إقرأ أيضاً  وفيات بالكوليرا في عدن

نتائج

الأخصائي والباحث في الصحة الاجتماعية الدكتور فهمي العبيدي قال أن قلة الكادر المتخصص والذي تقلص بعد سيطرة المليشيا على الدولة وكذا غياب الرقابة على المرافق الصحبة بالإضافة إلى انتشار الأمراض والأوبئة جعل العبء على القطاع الصحي يزداد يوما بعد آخر وأدى ذلك إلى قيام آلاف الفنيين وغير المتخصصين للعمل مكان الأطباء المتخصصين فمثلا يتحول الكثير من  المخبريين والممرضين والصيادلة وغيرهم من الفنيين إلى أطباء أخصائيين أو أطباء عموم فيستقبلون المرضى ويقررون لهم العلاج بشكل عشوائي وقد سبب هذا العمل ــ وما يزال ــ في حدوث  الكثير من الأخطاء الطبية القاتلة أدت إلى وفاة الكثير من المرضى أو إصابتهم بعاهات وإعاقات دائمة

فاطمة الهمداني من محافظة صنعاء تبلغ من العمر 59 عاما شعرت ــ ذات ليلة قبل حوالي شهرين ونصف من الأن ــ بصداع حاد يكاد يشق رأسها فطلبت النجدة من ابنها الاكبر علي والذي لم يتأخر في إجابة نداء أمه فأخذها مسرعا إلى أحد مستشفيات الأمانة وعرضها على طبيب مختص داخل المستشفى قام بتشخيص حالتها وصرف لها أقراص ” باندول اكسترا ” وقال بأنه صداع سينتهي باستخدامها المسكنات ، وقبل أن تصل إلى المنزل عائدة من المستشفى وكانت قد استخدمت العلاج الموصى به  دخلت في غيبوبة  الأمر الذي جعل ابنها يدير السيارة مرة أخرى إلى مستشفى الثورة وهناك أفادوها الأطباء أنها اصيبت بجلطة في الدماغ لم تمهلها الكثير من الوقت حتى فارقت الحياة والسبب ــ بحسب إفادة أحد الأطباء الذين شخصوا الحالة ــ يعود إلى استخدامها أقراص مسكنة للصداع الذي لم يكن صداعا طبيعيا كما قال الطبيب السابق بل صداع ينذر ببداية جلطة وهو أحد أعراضها ، ويفيد الطبيب مروان شهاب الأخصائي في أمراض الأوعية الدموية بأن الأشخاص المصابون بالجلطات يشعرون في البداية بصداع شديد في الرأس وفي حال استخدم المسكنات الخاصة بالصداع عند ذلك تتطور الحالة إلى درجة يصعب السيطرة عليها أو إنقاذها .

    أخطاء قاتلة

المواطن محمد عبدالكريم الحجري من ابناء الحجرية محافظة تعز ــ 43 عاما ــ ذهب إلى أحد المستشفيات في تعز ليكشف عن الألم الذي داهمه فجأة في الأسبوع الأول من شهر رمضان الجاري وبعد تحويله إلى عيادة الطبيب المعالج الذي قام بتشخيصه ومن ثم تحويله إلى المختبر للفحص وكتابة وصفة العلاج تفاجأ الرجل بأنه مصاب بمرض في القلب وأمره الطبيب باستخدام العلاج المخصص للمرض .. يقول محمد مواصلا الحكاية ” عدت إلى المنزل وبدأت باستخدام العلاج وكان ذلك في الساعة التاسعة مساء من ثالث أيام رمضان ولم تمر علي سوى ساعتان وبدأت أشعر بألم شديد في قلبي وكان الألم يزداد شيئا فشيئا حتى دخلت في غيبوبة فقام ابنائي بأخذي إلى مستشفى قريب غير الذي ذهبت إليه أول المساء وبعد الكشف تبين أنني كنت على وشك الموت بسبب استخدامي علاج  لمرض القلب وأنا لست مصابا بأي مرض فيه ، وما كان يؤلمني في صدري هو التهابات بسيطة في الرئة فقط  ، وبعد متابعة العيادة التي كادت تقتلني اكتشفنا أن من قام بعلاجي ليس طبيبا بل فني مختبرات حصل على شهادة دبلوم سنتين بعد الثانوية

ختاما

تسببت المليشيا الحوثية بهذه الفوضى ورغم أن الشرعية قد استعادة أكثر من 80% من أراضي الدولة إلا أن المشكلة ما تزال مستمرة إذ لم تحرك الجهات المعنية ساكنا تجاه المشكلة وهذا يتطلب تحركا سريعا من قبل الحكومة الشرعية لوقف هذه العشوائية وإنقاذ أرواح الأبرياء

مقالات مشابهة