المشاهد نت

القريطي .. مقرئ اليمنيين في رمضان منذ 70 عام

المشاهد – خاص – فؤاد العلوي:
“نكهة رمضان .. روحانية رمضان .. حلاوة رمضان .. حق رمضان .. يشعرني بالجوع .. يعني رمضان .. يذكرني بالبلاد .. موش غريب …. إلخ”. .. ماسبق كانت إجابات لتساؤل طرحناه على عدد من رواد وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات واتس آب مفاده ( أجب بكلمتين .. من هو القريطي في اليمن؟).
البعض ممن لا يعرفه توقع أنه نوع من الأطعمة التي يتناولها اليمنيون خلال شهر رمضان لكنهم خارج اليمن، ولم يسبق أن سمعوا عنه، في حين أن الغالبية العظمى ربط بينه وبين رمضان.
إسم الشهرة
تقول موسوعة أعلام اليمن إن القريطي هو إسم الشهرة للمقرئ محمد بن حسين القريطي، والذي عاش في القرن العشرين ميلادية، وهو من مواليد مدينة صنعاء عام 1922م.
تربى القريطي وترعرع في صنعاء وتوفي أيضا فيها عن عمر أربيعن عاما، أي عام 1962 عام انطلاق ثورة 26 سبتمبر ضد النظام الامامي.
تعرفه موسوعة أعلام اليمن بأنه “عالم، مقرئ، حافظ، حسن التلاوة، شجي الصوت، التحق بحِلَقِ الدروس في الجامع الكبير في مدينة صنعاء، وتخرج فيها على شيخه العلامة (حسين بن مبارك الغيثي)، شيخ شيوخ القراء في عصره، وتردد كثيرًا على مكة المكرمة في مواسم الحج، واشتهر فيها، وكان يجتمع إليه بعض الحجاج من مختلف البلدان؛ لسماع تلاوته الجميلة”.
وعندما افتتحت إذاعة صنعاء، لأول مرة عام 1366هـ/1947م، كان القريطي مقرئها الأول، واستمر على ذلك حتى توفي بعد قيام الثورة الجمهورية التي أطاحت بالنظام الملكي ولا زالت بعض الإذاعات اليمنية تعرض تلاوته المسجلة – بحسب الموسوعة.
تنافس إذاعي
ظلت إذاعة صنعاء تنفرد بنقل تلاوات قرآنية للمقرئ القريطي قبيل تناول طعام الإفطار بشكل سنوي في رمضان منذ العام 1947م حتى وقت قريب من القرن الحالي، ماجعل من المقرئ وفق إعلاميين لصيقا بإفطار اليمنيين في رمضان.
خلال السنوات الأخيرة وبعد دخول تقنية FM في الراديو انطلقت إذاعات محلية جديدة على نطاق واسع ليس في صنعاء وحسب، وإنما أيضا في محافظات يمنية مختلفة، إلا أنها أيضا لا تبرح أن تنقل لمستمعيها تلاوات للمقرئ محمد حسين القريطي.
يقول: محمد الحاضري – إذاعة صنعاء سابقا – “عندما كنا نقوم بنقل تلاوات أخرى قبيل تناول طعام الإفطار في رمضان كمحمد حسين عامر أو محمد عبدالباسط عبدالصمد أو غيرهم كنا نفاجأ بسيل من الاتصالات التي تطلب منا إعادة القريطي”.
ويضيف: “أنا شخصيا كلما سمعت تلاوة القريطي وفي أي وقت، يرتبط ذهني مباشرة بالشفوت والتمر والزبادي الذي كنا نتناوله ونحن في سن الطفولة بالجامع الكبير في الروضة، وبالتالي أصبح لصيقا بذهنيتي وأصبح القريطي يمثل لي رمضان”.
ويرى أحمد صالح علي –باحث بمنظمة الاسسكو للتربية والثقافة والعلوم في صنعاء – إن القريطي بنبرة تلاوته الهادئة الشجية الغير متكلفة تجعل المستمع ينساق في خيال واسع مع رمضان وطبيعة الإفطار الذي سيتناوله بعد يوم رمضاني من الصيام عن الطعام والشراب”.
لكن الباحث أحمد صالح أرجع ذلك إلى وجود تكريس إذاعي لتلاوة واحدة منذ أكثر من خمسين عاما. مضيفا: “أنا منذ طفولتي وأنا أستمع إلى تلاوة القريطي قبل الإفطار في رمضان، ونتيجة لهذا التكريس الحاصل فقد أصبح صوت القريطي يرتبط ذهنيا برمضان”.
ويضيف: “على سبيل المثال، لو كنا نستمع فقط لتلاوة محمد حسين عامر قبيل إفطار رمضان خلال العشرين عاما الأخيرة، وأتيت لتسأل شابا في العشرين من عمره عن محمد حسين عامر، لأجابك مباشرة أن محمد حسين يمثل لي رمضان”.
تكريس مذهبي
وفي المقابل هناك من ينتقد استمرار الإذاعات اليمنية في نقل تلاوات قرآنية للقريطي قبيل الإفطار في رمضان ويعتبرونه تكريسا مذهبيا، بحكم انتماء القريطي للمذهب الزيدي الأقرب إلى التشيع.
وبحسب فيصل علي – كاتب صحفي – أنه لا داعي على الإذاعات والقنوات اليمنية أن تعمم تلاوة القريطي قبيل الإفطار كما فعلت إذاعة صنعاء، وأن تبحث عن قراء آخرين أفضل صوتا وأكثر خشوعا.
وبحسب علي فإن المقرئ القريطي كان مفروضا على اليمنيين مثله مثل “حيى على خير العمل” في الأذان الذي كان يبث عبر إذاعة صنعاء.
لكن في الإتجاه الآخر يرى عمار نبيل – صحفي – أنه لاداعي لأن ينظر للمقرئ القريطي من زاوية مذهبية، فلا يوجد قرآن زيدي ولا قرآن شافعي. ويتفق مع سابقه في ذات الاتجاه بدعوة الإعلام للتوقف عن تكريس صوت واحد وصنع أصوات جديدة، فهناك عشرات القراء والحفاظ الذين بإمكانهم أن يمثلوا بديلا جيدا في رمضان.
ومع اتساع رقعة الإذاعات المحلية عبر موجة FM اتسع رقعة بث تلاوات المقرئ محمد حسين القريطي، وعلى سبيل المثال فإن إذاعتي محافظة مأرب ومحافظة الجوف التابعتان للحكومة الشرعية غالبا ما تبث قراءات للمقرئ القريطي قبيل رفع أذان المغرب إيذانا بالإفطار.
وبحسب أحمد عمار – يعمل بإذاعة الجوف – فإن لقراءة المقرئ محمد حسين القريطي مذاق خاص قبيل تناول طعام الإفطار في رمضان، وهو الأمر الذي يتفق معه الغالبية بحسب تأكيده.
ويضيف: “لانفكر أبدا في أن المقرئ القريطي محسوب على مذهب ما، فهناك أناس لايصلحون أن يكونوا محصورين لفئة معينة من الناس وإنما خلقهم الله للجميع بغض النظر عن انتماءاتهم”.

مقالات مشابهة