المشاهد نت

في صنعاء: العيد ضيف ثقيل وفرحة مخطوفة

 المشاهد-  معاذ الحيدري-خاص :

بوجه عابس وحالة نفسية محبطة، يستقبل أحمد الحرازي عيد الفطر المبارك هذا العام، وهو يشكو الحال القاسي الذي وصفه أثناء حديثه بـ “غير المسبوق طوال حياته”، طارحا تساؤل في غاية من الألم: أي عيد نتحدث عنه ورواتبنا منقطعة منذ قرابة تسعة أشهر واي فرحة ستغمرنا واي كسوة سنشتريها واي حلوى؟ سأل وجاب لـ “المشاهد” انه عيد وجع وحزن وألم، عيد اجبرنا انقطاع الراتب على خذلان أولادنا الذين طالبناهم بعفونا من كسوة العيد التي اعتدنا على شرائها لهم كل عام قبل الحرب، ففي مثل هكذا أيام كنا نستلم راتب ونستلم اكرامية ومكافات وكانت الدنيا ما تزال تشعرنا خيرا وصمودا على البقاء امام متطلبات الحياة ومتطلبات هكذا مناسبة ربما هي السنوية التي نشعر بها بشعور مختلف على مستوى الاهل وعلى مستوى اللبس والزيارات للأهل واكل الحلوى ومن هذا القبيل. وعلى الرغم من انه يتقاضى راتبًا شهريًا قليلًا، ويسكن في منزل متهالك يؤويه وأسرته كما يقول، يشير الى انه كان يشكل حاله أفضل (نسبيا) من الكثيرين ممّن لا يجدون وظيفة أو عملًا منتظما أو منزلًا خاصًا قبل الحرب وانقطاع الراتب. احمد الحرازي، والبالغ من العمر 40عاما هو تربويا، ولديه 4اولاد ويقطن حي شملان بصنعاء، يقول ان ما حصل عليه هو عبارة عن قسيمة بنصف راتب الى أحد المولات التجارية، بالكاد أخذ بها دقيق ورز وزيت وبحساب وتكلفة مضاعفة.

الامر الذي جعله يعتذر لأولاده عن شراء كسوة لهم هذا العام. أمثال احمد يمنيون كثيرون، تجمعهم معاناة واحدة وعاصمة واحدة وشعور واحد. الشعور بالوجع والقهر والحرمان الناتج عن الحرب وعن انقطاع المرتبات، المرتبات التي تعتبر أساس ومصدر حياة وبقاء مئات الالاف من اليمنيين الذين يجدون أنفسهم يوما بعد اخر امام واقع مر وصعب وفي غاية التعقيد. في حديثه الـــ “المشاهد” عن العيد وعن طبيعة استقباله هذا العام في ظل ما يجري، يقول محمد العزعزي: “العيد هذا العام سيكون ضيف ثقيل على معظم الأسر خصوصا في ظل تدهور الأوضاع وانقطاع الرواتب أضف الى ذلك ما تفقده الأسر من أفلاذ أكبادها نتيجة هذه الحرب التي أحرقت الاخضر واليابس”.

ويتابع: “كان قبل الحرب يستعد الناس بشراء الحلوى والملابس الجديدة والكثير من متطلبات العيد ويتبادلون الزيارات، والان أصبحوا نازحين لا يعرف أحد شيء عن احوال الثاني كنا نقول ان العيد هو فرحه للأطفال ولكن بسبب ما يحصل فقد حتى الاطفال فرحتهم بعد ما توقف مصدر دخلهم هذا حال الموظفين فما بالك بالناس الذي كان مصدر دخلهم هو الاجر اليومي من لا يجد قوت يومه فلن يختلف عنده مُسمى الايام فكلها تبدو له متشابهة وعيده هو اليوم الذي يلبي فيه احتياجاته تجاه واساسيات اسرته”.

من جهته يقول عمر القاضي: “يستقبل اليمنيون عيدهم هذا العام بمعاناة وظروف قاسية مقارنة عن اعياد العامين السابقين، ومنذ بداية الحرب واليمنيون لا جديد في عيدهم ربما سوى ان مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية تفاقمت وتعقدت أكثر عما قبل”. ويضيف: “لقد سئموا الحرب والحصار ومنتظرين بفارغ الصبر اليوم التي ستتوقف فيه الحرب والقصف على اليمن وتعود حياتهم الى كما كانت عليه في السابق يستلموا رواتبهم ويحصلون على دخل ورزق زهيد يقتاتون فيه متطلبات اسرهم، لقد توقفت رواتبهم واعمالهم واحلامهم، باختصار كل شيء توقف وما يدور في الحياة اليومية ان اليمنيين يتدبروا ويوفروا ارزاقهم بصعوبة جداً”. ويشير عمر “لقد شهدت انا كصحفي كثير من الاسر اليمنية خلال اواخر ايام هذا الشهر الشوارع تجوب بأطفالها باحثة عن لقمة العيش عن طريق التسول وهذا الحال لم يكن ملحوظا خلال العامين السابقين، وضع سيء للغاية متمثل في زيادة انتشار الفقراء والمساكين على الشوارع والحارات والاسواق اليمنية ويرجع سببه الحصار والحرب الفوضى والعشوائية وازدواجية مؤسسات الدولة في الجنوب والشمال وحرب داخليه مما تسببت في شحة السيولة النقدية وتوقف البنك المركزي تماماً والذي يعتبر اهم مؤسسه في الدولة”. تفاصيل استقبال اليمنيين للعيد هذا العام، ستلاحظها ربما بشكل واضح وانت تتجول في شوارع صنعاء او تعز او غيرها من المحافظات اليمنية ربما، ستلاحظ وستسمع قصص كثيرة مؤلمة بمجرد ان تفتح الحديث مع أي شخص كان في الشارع او الحي، وحتى في مواقع التواصل الاجتماعي سيشدك الحديث عن العيد وكيف تحول الى مناسبة مخطوفة وفرحة مؤجلة. الا ان سطلة صنعاء والمتمثلة بجماعة الحوثي وصالح، كان لها حديث مختلف عن العيد وعن كسوة العيد. على صفحته في الفيس بوك محمد علي الحوثي، دعا اليمنيين الى مقاطعة الكسوة تضامنا مع وضع البلاد. حيث قال ” كوننا كشعب نواجه عدوان، وحصار، وتعسف اممي بمنع تسليم المرتبات، كما صرح واعلن بذلك الممثل الامريكي السعودي ولد الشيخ، امام مجلس الامن، وهو ما أدى الى زيادة المعانة لما يربوا على المليون اسرة يمنية، تقتات وتعيش على هذه الرواتب، فأننا ندعوا الميسورين للتعاون بقدر الامكان مع الاسر الفقيرة في كسوة العيد، وندعوهم الى عدم لبس الملابس الجديدة يوم العيد، احتجاجا على استمرار الحصار، ومواساة لمن لم يستطع شراء الملابس ، حتى لا يشعر جارك صديقك ابن حارتك باي حرج، كون الملابس اصبحت من العادات، وتركها مواساة من اجمل الخطوات لنا كشعب يحن على بعضه بعض ويشعر بمعانات بعضنا بعض، وانا على ثقه بان الكثير سيقوم بهذه الخطوة الاحتجاجية”. دعوة تحولت الى ساحة للجدل، والسخرية والهجوم. ونالت الكثير من الردود، من قبل الكثير من الناشطين، والسياسيين، والكتاب، والمواطنين اليمنيين العاديين. الكاتب الصحفي خالد الرويشان، وفي رده على هذه الدعوة كتب على صفحته في الفيس بوك، قائلا “أنتم مدينون للشعب بمرتبات سنة بسببكم أصبح كل اليمنيين فقراء، زعيم حوثي يدعو اليمنيين لعدم شراء ملابس لأطفالهم في العيد حرجًا من مشاعر الفقراء! لا يعرف أن اليمنيين جميعًا أصبحوا فقراء ومُعدَمين وبلا رواتب منذ ما يقرب من السنة ووحدهم الحوثيون هم القادرون على شراء الغلال والتلال والعمارات”.

مقالات مشابهة