المشاهد نت

القيادي الناصري الصبري : عامان من الحرب ولا يوجد وزير دفاع ومشكلة تعز فراغ السلطة المحلية والمحافظ في المنفى

القيادي الناصري محمد يحي الصبري

المشاهد – متابعات – فخر العزب
قال المحلل السياسي والقيادي في التنظيم الوحدوي الناصري محمد يحيى الصبري ان هناك في اليمن حرب أهلية بين الدولة والانقلاب وحرب إقليمية بين محور عربي سعودي وآخر إيراني وحرب دولية ثالثة خفية تغذي الحربين المحلية والإقليمية، مشيرا الي انها متعددة الأطراف شرقا وغربا وتعمل على استمرارهما إلى حين تنضج الظروف المحلية لتحقيق مكاسب الحرب الدولية الكبرى.
وفي مقابلة لموقع ” الموقع بوست” يعتقد الصبري أن هذه الحروب الثلاث لها آلياتها المعروفة التي جعلت من اليمن مسرح صراع شبيه ومرتبط بمسارح الصراع في سوريا والعراق وليبيا، والخصوصية اليمنية لن تلغي القواعد والشروط التي تحرك الحرب باليمن بأبعادها الثلاث.
وتحدث الصبري عن الشرعية والجنوب ومحافظة تعز وغيرها من القضايا في هذا الحوار الذي نعيد نشره :
* أستاذ محمد، بعد ما يقارب عامين ونصف من الحرب في اليمن، أين يقف اليمنيون اليوم، وإلى أين يتجه المشهد برأيك؟

** اليمنيون يقفون على حافة شديدة الخطورة والبؤس معا، حالة فيها كل المظاهر والعوامل المثيرة للقلق، تمرد وعصابات مافيا استولت على عاصمة الدولة ولا تزال، وحالة انقلاب غريبة في تاريخ الانقلابات السياسية والعسكرية، هذه الحالة هي التي أفرزت حروبا في اليمن متعددة المظاهر والأشكال، ويجب أن تكون مرئية بوضوح إذا أردنا معرفة إلى أين نتجه ومسار الأحداث إلى أين يتجه، هناك حرب أهلية بين الدولة والانقلاب وحرب إقليمية بين محور عربي سعودي وآخر إيراني وحرب دولية ثالثة خفية تغذي الحربين المحلية والإقليمية، وهي متعددة الأطراف شرقا وغربا وتعمل على استمرارهما إلى حين تنضج الظروف المحلية لتحقيق مكاسب الحرب الدولية الكبرى، ونعتقد أن هذه الحروب الثلاث لها آلياتها المعروفة التي جعلت من اليمن مسرح صراع شبيه ومرتبط بمسارح الصراع في سوريا والعراق وليبيا، والخصوصية اليمنية لن تلغي القواعد والشروط التي تحرك الحرب باليمن بأبعادها الثلاث.
* هل هناك بشائر تلوح في الأفق تبشر بقرب انتهاء الحرب، والتوجه نحو تسوية سياسية شاملة؟
** طالما الملفات الإقليمية لم يظهر فيها ما يشير إلى تسويات من نوع ما، من دمشق إلى بغداد إلى طرابلس إلى الدوحة مؤخراً فإن الوضع اليمني سيبقى عالقا في مسرح الحرب، فهل تستطيع الإرادة اليمنية أن تكسر هذا الارتباط ليظل الأمر ممكنا ومتاحا في حال قامت الحكومة الشرعية بواجباتها العسكرية والسياسية والدبلوماسية على النحو الذي يجب وتراجعت مظاهر الجريمة في سلوك المتمردين والانقلابيين لصالح السياسة والمصالحة الوطنية.
نرى جهودا تبذل في هذا السياق لكنها للأسف جهود في الغالب تجري خارج المنطق وغارقة في الرغبات أكثر منها في الأعمال الحقيقية من أجل سلام دائم كما هو الحال في جهود المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، وبعض العواصم الأوروبية المولعة بالورش والمنسقين والميسرين من ذوي الخبرات التي أيدت الانقلاب ودعمت الحوثيين في حربهم ضد الدولة.
* رغم الكارثة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني إلا أن الأزمة اليمنية باتت اليوم في هامش اهتمامات المجتمع الدولي، ما هي العوامل التي تقف وراء ذلك؟ وكيف تقرأ مواقف المجتمع الدولي من الشرعية والانقلاب؟
** أعتقد أن المجتمع اليمني بدأ حالة تكيف مع يوميات الحرب ومعاناتها القاسية، والخطورة هي في الثمن الذي سوف يدفع نتيجة اليأس من أداء الشرعية على وجه الخصوص، ولا أظن أن الوضع في اليمن في هامش الاهتمام الدولي كما يرى البعض، والدليل أن هناك خمسة إلى ستة قرارات دولية صدرت من مجلس الأمن، بالإضافة إلى البيانات الرئاسية للمجلس وهي بالإجماع غالبا، بالإضافة إلى وجود مبعوث خاص للأمم المتحدة.
ونعتقد أن الاهتمام بالوضع الإنساني اليوم وكما يظهر في وسائل الإعلام والتصريحات الدولية هي تعبير عن حالة الاهتمام بأداء الحكومة والانقلابيين معا، وهذا الاهتمام الدولي يرى الحرب في اليمن من منظور إقليمي وشرق أوسط مضطرب يوزع الاهتمام الدولي، ثم إنه يراها شأنا سعوديا وخليجيا بالمقام الأول بحكم الجغرافيا والتاريخ.
إلا أن الأمر الغريب الذي يظهر بين فترة وأخرى هو الاهتمام بالوضع الإنساني بمعزل عن سياقه وتجاهل أن الحرب والانقلاب كانا سببين رئيسيين ولا يزالان للمأساة الإنسانية اليمنية الكبرى، والأمر الأكثر خطورة أن المتمردين والانقلابين يستفيدون باستمرار من هذا التجاهل حيث يتم تقييد الجريمة ضد مجهول، أو أن الطبيعة هي التي أفرزت هذه المأساة، لذلك نقول ونشدد على أن المأساة الإنسانية المتعاظمة باليمن مصدرها المتمردين والانقلابيين والحرب الإقليمية أيضا، وإزالة الأسباب تنهي المأساة.
* بماذا تفسر غياب دور وفاعلية الأحزاب السياسية، وهل يمكن لليمن أن يجد مخرجا آمنا بعيدا عن دور الأحزاب؟
** الحرب بطبيعتها تلغي العمل السياسي السلمي والمدني بالكلمة والشعار والموقف والمظاهرة لصالح المتارس والكتائب والبنادق والمدافع، ومع ذلك تحاول الأحزاب اليمنية الوطنية إثبات حضورها خصوصا في ائتلاف حكومة الشرعية من مؤتمر الرياض إلى بيان القاهرة الذي أصدره التنظيم الناصري والحزب الاشتراكي اليمني، إلى الحوار الذي يجري في الرياض والقاهرة لتشكيل اصطفاف وطني يعيد للأحزاب حضورها السياسي وتغطية الفراغ الذي يملأه السلاح والمسلحون والمليشيات والعنف.
المشكلة الرئيسية التي نراها الآن هي في أنشطة الدبلوماسية الدولية والاقليمية والأممية البائسة وغير المنطقية التي تبحث عن تسوية وسلام بين أشخاص وكيانات وقبائل ما قبل الدولة والسياسة وتتجاهل الأحزاب الوطنية، ونعتقد أن هذا مسعى فاشل وتخريبي للتسوية والسلام، ويتم عن عمد أو سوء تقدير للأوضاع في اليمن.
مع العلم أن نجاح المبعوث الأممي السابق بعد ثورة فبراير 2011 جمال بن عمر يعود في المقام الأول إلى دور الأحزاب الوطنية حتى الانتهاء من مخرجات الحوار الوطني الشامل بغض النظر عن الأخطاء والتجاوزات الحزبية للقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام التي حدثت.
بالأخير كانت هناك تسوية وسلام ومرحلة انتقالية، ولا ندري اليوم كيف يمكن إيقاف الحرب أو تحقيق السلام من دون دور رئيسي للأحزاب الوطنية، والسؤال اليوم لماذا يتجاهل الرئيس وحكومته تفعيل العمل السياسي الوطني عن طريق الأحزاب، ويعطي الأولوية للكيانات الفوضوية ومكونات ما قبل الدولة وتجربتهم تجربة مُرة مع هذه المكونات.
* نتحدث اليوم كثيرا عن الشرعية، فما مفهوم الشرعية وفقا لعلم السياسة، وهل لا زال هادي وحكومته يمتلكون الشرعية وفقا لهذا المفهوم؟
** الشرعية هي شرعية الدولة والجمهورية والتوافق الوطني الذي أنشأ المرحلة الانتقالية، والأحزاب الوطنية التى يجري تجاهلها جزء أصيل من مفهوم الشرعية، والانقلاب والتمرد على الدولة والجمهورية وضوابط المرحلة الانتقالية، والعمل السياسي السلمي بعد ثورة فبراير هو المشكلة الرئيسية والتحدي الأهم الذي يواجه اليمن واليمنيين، وفي هذا السياق الرئيس هادي وحكومته يجسدون الشرعية والتحدي في نفس الوقت، ولا خيار آخر سوى التمسك بهذه الشرعية ومظاهرها الرسمية أينما كان وضعها.
* الحكومة التي تحكم من خارج اليمن، هل تملك شرعية حكم الشعب اليمني؟
** هذه إشكالية ليست جديدة في تاريخ النزاعات والحروب الأهلية والانقلابات المسلحة، والذي يمنح المشروعية هو المعني من الوجود وليس الوجود ذاته، ولو كان الأمر بالمكان لكان الانقلابيون ومليشياتهم وهم ممسكين بالعاصمة قد حسموا الأمر من أول يوم، والتاريخ فيه شواهد كثيرة على ذلك أقربه تاريخ المقاومة الفرنسية فحكومة الرئيس ديجول في المنفى هي التي استعادت امبراطورية فرنسا من ركام الحرب، ومع ذلك كل حكومة أو قيادة تعيش خارج الوطن لابد وأن تواجه مشكلات كبيرة من نوع خاص ومؤلم، وهذا ما يمكن ملاحظته في وضع الرئيس هادي وحكومته، وهو ما يجب أن يدفع إلى اتخاذ قرارا بالعودة الكاملة لكل وزراء الدولة ونوابهم ووكلائهم إلى العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة والاستقرار والاستمرار فيها.
* كيف تقرأ إذن أداء الشرعية اليوم، وهل يمكن أن تنتصر الشرعية وهي لا تزال غير قادرة على العودة للداخل؟
** لا أحد ينكر أن أداء الحكومة فيه كثير من العور والعرج نتيجة الوضع السابق، والأسباب تعود إلى مشكلة اتخاذ القرارات، والأصوات المحذرة من خطورة استمرار هذا الأداء كثيرة وعالية ومن داخل الشرعية ذاتها، وآخرها محاضرة الأستاذ عبدالله نعمان أمين عام التنظيم الناصري في تعز حول وضع الحكومة وحجمها وأدائها وضرورة وجود حكومة إدارة أزمة وحرب تنجز مهام استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، ونرى أن هذا الطلب من أهم المطالب التي يجب الأخذ بها من قبل الرئيس هادي ورئيس حكومته بن دغر.
* اليوم هناك حالة من السخط في الشارع اليمني ضد الشرعية، فأين تقف الشرعية من واجباتها تجاه مواطنيها؟
** أعتقد أن بقاء موظفي الدولة من دون رواتب هذه الفترة الطويلة تعد واحدة من المعايب الكبرى في واجبات الحكومة تجاه مواطنيها، وكنا نقول باستمرار أن الخطأ الجسيم هو نقل البنك المركزي من دون أن تكون مهمة معالجة رواتب موظفي الدولة هي أول المهام، ويجب ألا نقارن هذه المهمة والواجب بما يفعله المتمردون بصنعاء وغيرها من العبث بموارد الدولة، بالأخير المتمردون عصابة لا مسؤولية وطنية تحركهم ولا وازع من ضمير يضغط عليهم، بينما الحكومة قوتها وشرعيتها أنها تمثل الدولة وترعى مصالح كل مواطنيها في أي مكان، وأي تنازل عن هذا الواجب لأي جهة كانت فيه مخاطر كبيرة على شرعيتها، ونحن نتمنى للجهود التي تقوم بها حكومة بن دغر في حل هذه الإشكالية أن تنجح وأن تلقى الدعم الكافي من دول التحالف.
* في ظل عدم تفعيل واستعادة مؤسسات الدولة، هل يمكن القول إن الجيش حين يحرر بعض المناطق فإنه يسلمها للفوضى؟
** بلا شك الدولة هي جيشها الوطني، وفي هذه المرحلة الصعبة التي تعيشها اليمن وبعد عامين من الحرب من المعيب ألا يكون الجيش الوطني بالمستوى اللائق الذي يحقق مهامه العسكرية والتي من دونها لن يكون هناك لا سلام ولا تسوية.
مر عامان من الحرب ولا يوجد وزير دفاع وهذا أمر يثير الريبة والشكوك، ونعتقد أن الوقت حان لكي يظهر الجيش الوطني بوضع يلم هذا الشتات للجبهات والمعسكرات والسلاح المنفلت حتى لا يأتي التحرير بالفوضي بدل الانقلاب والتمرد، والمشكلة أن هناك قرارات تتخذ بهذا السياق يوميا، ولكنها تأتي بطريقة غريبة والسليم منها لا يجد طريقه إلى التنفيذ.
* برايك لماذا لم يتم الحسم العسكري إلى اليوم، ومن هي الأطراف المستفيدة من طول الحرب؟
** الذين يدخلون الحرب لا يعرفون بالضبط متى يخرجون منها، هذه حقيقة وقاعدة كل الحروب في الدنيا ولا بد أن تكون معلومة للجميع، والجريمة الكبرى هي ذلك القرار الذي يتخذه السياسي بإعلان الحرب وهذا ما فعله صالح والحوثي، ثم إن الحسم المطلوب بالنسبة لنا كيمنيين بعد كل هذا الخراب والدمار لابد أن يكون له معنى أوسع من موضوع الغلبة على الانقلابيين والمتمردين إلى موضوع الانتصار لحق الشعب اليمني في استعادة الدولة والنظام السياسي التعددي، والحسم بهذا المعنى لن يكون حسم السلاح، وإنما حسم السياسة التي تمثل الإرادة الوطنية الجامعة لصالح السلام العادل والشامل والمستدام، أما قضية حسم التلال (التباب) والاستيلاء عليها فهذا تهريج باستخدام السلاح، وقصور في فهم طبيعة الحرب ومتطلبات الحسم في المعارك العسكرية.
* في تعز هناك حالة تباين في مواقف الأحزاب، بالإضافة إلى الانفلات الأمني، وتدهور الوضع الإنساني، وكذا بروز صراع داخلي بين قوى الشرعية، بالإضافة لتنامي ظاهرة الاغتيالات المتكررة.. ما الذي جعل مدينة تحمل على الدوام مشروعا وطنيا جامعا تعيش هذه الحالة، وما دور الأحزاب لحلحلة هذه التعقيدات؟
** يجب أن نعترف أولا أن تعز هي المساحة الكبرى لما تبقى من الجمهورية والدولة والثورة والوحدة الوطنية والمدنية والأحزاب، ولذلك ما يجرى فيها يختزل ويجسد كل هذه الحقائق والمعاني، بالإضافة إلى حالات جنون الحرب وما تفرزه من فلتان أمني ومجتمعي، ولأن تعز هي هذه القيمة والمعاني لا بد وأن تنعكس عليها كل مظاهر الحروب الثلاثة التي تجري في اليمن، وهي قادرة مع ذلك وبسبب حجمها الكبير على استيعاب كل الضربات، وأما مشكلتها الرئيسية في الوقت الراهن فليس ما ذكرت وإنما فراغ السلطة المحلية وغياب المحافظ عنها وبقاؤه في المنفى من دون أي مبرر وغياب مسؤولية حكومة الرئيس هادي عن هذه المحافظة، والمشكلة أن عواقب هذا الفراغ هي عواقب وخيمة على اليمن كلها.
يوجد فقر في المسؤولية لدى المعنيين تجاه تعز من محافظها وحكومة الشرعية ودول التحالف، ونتمنى ألا يطول هذا الوضع فتزداد نفقات الحرب من الدم والدمار في هذه المحافظة، وليس من المبالغة القول إن مفتاح الحسم بالمعنى الذي أشرنا إليه يبدأ من تعز بالمعنى الوطني والسياسي والعسكري والدبلوماسي.
* لو نناقش مواقف التحالف، هل برأيك تمتلك دول التحالف رؤية موحدة من الأزمة اليمنية؟ أم أن هناك تباينات في المواقف والمصالح بين دول التحالف تؤثر بطريقة ما على الموقف العام للتحالف؟
** التحالف العربي بقيادة السعودية دخل الحرب في ظرف مضطرب، معلوم أن الحرب جاءت لمواجهة انقلاب على الدولة وتمرد بالسلاح على شرعية الرئيس والحكومة من قبل جماعات منتقمة من الشعب اليمني وموالية لإيران، وهدف معقد كهذا لابد وأن يكون له رؤية والحرب لابد وأن تكون لها إستراتيجية.
ونظن أن المطالبة بأن يكون للتحالف رؤية واضحة لأهداف حربه في اليمن مطروحة منذ وقت مبكر وليس في ذلك أي انتقاص من الواجب القومي والعروبي التي تقوم به دول التحالف باليمن.
والطبيعي أن الطابع المحلي والدولي المعقد والمعروف من قبل الحرب وكذا الامتداد الإقليمي للمعركة العسكرية يفرضان امتلاك إستراتيجية خروج واضحة المعالم قبل أن يتحول التدخل الإقليمي الواجب إلى تورط إقليمي غير محبذ أو مقبول ويستنزف دول التحالف في جبال ووديان وشواطئ اليمن.
* بعد عامين ونصف تقريبا من الحرب ما هي أدوات القوة التي لا يزال يحتفظ بها الانقلابيون اليوم، وما هي قراءتك لتحالف الحوثي وصالح، وهل تتوقع استمرار هذا التحالف ؟
** لا أرى قوة لصالح والحوثيين سوى في قوة العصابة التي استولت على بنك واحتجزت موظفيه رهائن يأكلون وينامون من فترة طويلة تحت تهديد السلاح، بينما هذه العصابة محاصرة وطنيا وإقليميا ودوليا، والنقطة الرئيسية هي في مدى فعالية هذا الحصار على العصابة التي استولت على عاصمة الدولة وموانئها الرئيسية وعدد من المحافظات.
أنا أرى أن موضوع قوة صالح وحليفه الحوثي في ضعف الحصار وتردي سلوك المحاصرين له، هذا بالإضافة إلى أن المطلوب من هذه الحرب إنهاء الانقلاب والتمرد وليس التفريق بين حلفاء الانقلاب أو إبادة الدولة والشعب اليمني، ومراعاة هذا الأمر نظن أنه مهم، ونستغرب أن تتحول الحرب بمعناها الواسع إلى مراهنة على الخلاف بين صالح والحوثي هذا أمر مضحك ومخزٍ في نفس الوقت، ولمن ينتظر النصر على خصمه بالمراهنة على خصمه الآخر نقول لا يجب أن يتحول التكتيك إلى إستراتيجية، هذه مراهنات قليلة الحيلة ولا يجب أن تستمر.
* من هو الطرف الذي بات يمتلك اليوم أوراق الضغط السياسي؟ وبماذا تلخص هذه الأوراق؟
** الذي يمتلك أوراق الضغط الكاملة بلا جدال هي حكومة الشرعية، وبيدها كل أوراق القوة بالمعنى المادي والسياسي والأخلاقي، ولديها المساندة والدعم الوطني المحلي والإقليمي والاعتراف الدولي، ولديها قرارات مجلس الأمن ولديها السلاح والجنود والمعسكرات ولديها الرأي العام الرافض لجريمة الانقلاب واستخدام السلاح في فرض أجندة الانقلابيين المناطقية والإيرانية، لكنا نرى المهم والأكثر أهمية هو في مهارات حكومة الشرعية ودول التحالف في استخدام وتوظيف كل أوراق القوة، ولا يكفي من وجهة نظري في النزاع السياسي والعسكري أن تملك الأوراق كلها وإنما المهم هو كيف تستخدمها وتوظفها التوظيف الكامل في الحرب، فهل الحكومة تفعل ذلك؟ هذا هو السؤال.
* هل لا زال هناك أمل بجهود ولد الشيخ في صناعة أرضية مشتركة لوضع حل سياسي ينهي الأزمة اليمنية، وكيف تقرأ رفض الانقلابيين لأفكاره ومقترحاته التي قدمها في احاطته الأخيرة لمجلس الأمن؟
** مشكلة ولد الشيخ تكمن في مسائل كثيرة وفي أدائه الوظيفي قبل أن يصبح مبعوثا خاصا لمهمة أكبر بكثير من تجربته وليس في ذلك عيب، فيمكن له ببساطة أن يقرأ ويستفيد من تجربة المبعوث السابق له إلى اليمن جمال بن عمر، والغريب أن ولد الشيخ يقلل من مهمته من مشرف على تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي إلى ميسر للنقاشات وورش العمل أو مسؤول عن وضع لمسات وإجراءات التشريفات لما تريد الأطراف الدولية تحقيقه، ولا أحد ينكر أن الأطراف اليمنية وخصوصا الانقلابيين تصعب من مهامه لكنه أيضا قليل الشجاعة في الإشارة إلى من يعطل مهامه.
* تحول موقف الحكومة الشرعية من الرفض إلى القبول بما يتعلق بمقترحات المبعوث الأممي الخاصة بالحديدة، ما تفسيرك لهذا التحول في الموقف؟
** الحقيقة أن المفاوض الحكومي أعطى للجهود الدولية والأممية حقها من التقدير والاحترام ولا نرى أن في ذلك مظاهر ضعف، كما أنه لا يعيب الحكومة شيء في قبولها مبادرات التسويات القائمة على المحددات المعروفة وطنيا ودوليا، فحاجة اليمنيين للسلام ووقف الحرب ليست حاجة ترفية، وعلى الحكومة أن تعمل كل ما تستطيع من أجل تحقيق هذه الحاجة.
* فيما يتعلق بالجنوب كيف تقرأ تنامي الأصوات الجنوبية المطالبة بفك الارتباط وخاصة تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، وهل للتحالف دور في تشكيل المجلس؟
** في الجنوب كما في المحافظات المحررة يوجد فراغ كبير في السلطة والمسؤولية، وللأسف الشديد أن شعارات ما قبل الحرب والانقلاب على الدولة لا تزال هى السائدة ولا نرَ في المحافظات الجنوبية اليوم سوى الفراغ ودعاة الفوضى الذين لا يختلفون كثيرا عما فعله الحوثيون حين اعتمدوا على مظلمة الحروب الستة، وانتهى بهم المقام إلى هدم الدولة وإنتاج الفوضى وبالتحالف الوثيق مع علي صالح الذي شن عليهم تلك الحروب، فالدعوة اليوم للانفصال بحجة مظلمة الجنوب هي نفسها دعوة الحوثيين إلى احتلال العاصمة ولا نرى بينهما أي فرق، فدعاة الفوضى والحروب يتشابهون في مسلكهم وارتباطاتهم الداخلية والخارجية، وأعتقد أن مسؤولية دول التحالف في منع فوضى جديدة في الجنوب أمر في غاية الأهمية، واستمرار دعوات الانفصال قبل استعادة الدولة عبث سياسي ودعوى لفوضى داخل الفوضى العامة التي تعيشها اليمن.
* كلمة أخيرة تود قولها؟
** أتمنى على دول التحالف العربي وقد قدمت أغلى التضحيات ألا تستمر عمليات الأخطاء المتكررة والمتمثلة بالقصف العشوائي للمدنيين بين كل فترة وأخرى، وأتمنى ألا يكون هناك سوء تقدير أو حسابات خاطئة لبعض دول التحالف فيما يتعلق بالأوضاع في الجنوب فنجد أنفسنا أمام فوضى حرب جديدة داخل الفوضى التي سببها صالح والحوثي، كما أتمنى على الرئيس ونائبه ورئيس حكومته أن يعودوا للعملية السياسية وحشد المكونات الحزبية والمدنية كما ينبغي من أجل استكمال عملية استعادة الدولة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، و من دون هذه المكونات السياسية الحزبية المدنية فالحرب لن تنتج سوى أمراء حرب، كما أشكر “الموقع بوست” على إتاحة هذه الفرصة الحوارية والشكر موصول عبرك لكل العاملين فيه.

مقالات مشابهة