المشاهد نت

قرية الشعاب اليمنية الحدودية مع السعودية العيش وسط الجحيم

صورة ارشيفية
المشاهد-خاص :
على وقع المعارك الطاحنة على الحدود السعودية اليمنية، يعيش سكان قرية الشعاب التي تبعد عن الشريط الحدودي نحو عشرة كيلومترات فقط بعدما نزح سكان مديرية حرض الحدودية بالكامل منذ عامين وتحولت حرض إلى بقايا مدينة بعد أن حولتها جماعة الحوثي إلى منطقة عسكرية وميدان فسيح للقذائف والصواريخ.
وتقع الشعاب على على خط النار وتبعد نحو 5 كيلومترات من مدينة حرض الحدودية بمحافظة حجة، و 8 كلم من الحدود السعودية ونزح أكثر من نصف سكانها إلى مديريات أخرى حفاظاً على أرواحهم بعد اشتداد حدة المعارك في المديرية الحدودية مع المملكة العربية السعودية
وتعد الشعاب القرية الوحيدة في مديرية حرض التي لاتزال تدب فيها القليل من الحياة بينما يحيط بها الموت والدمار والخطر المحدق من كل جانب بعد مقتل العشرات من سكانها بغارات جوية خاطئة لطيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد جماعة الحوثي وقوات صالح المسيطرين على حرض أو ماتبقى منها من أطلال.
الموت ولا النزوح
يقول الشاب يحي أحمد من أهالي القرية لـ”المشاهد” مررت بأوقات صعبة هنا وكنت أشاهد الموت عدة مرات فالسماء أصبحت كتله من اللهب والأرض تهتز من تحت قدماي بعد بقائي وحيداً هنا لحماية المنزل ورعاية المواشي بعد نزوح أسرتي إلى مديرية مستبأ المجاورة والتي قضوا فيها نحو ثلاثة أشهر ثم عادوا جميعاً إلى القرية بعد أن نفدت كل مدخراتهم وباعوا مجوهرات أمي أخواتي وحتى الأثاث الذي كان بحوزتهم.
ويضيف شاخصاً ببصره الى الأفق البعيد: نصف أهالي قريتنا عادوا اليها مفضلين الموت في منازلهم على معاناة النزوح والتشرد ورغم الخطر المحدق بنا الا أننا تعودنا بعد مضي العام الأول من الحرب حتى أن الأطفال عادوا إلى اللعب بعد ان اعتادوا سماع دوي الإنفجارات والتحليق المستمر للطيران الحربي وطائرات الإستطلاع.
ويستطرد بحسرة: بعضهم عاد إلى القرية ليلقى حتفه فيها فقد سقطت على قريتنا عشرات الصواريخ وقضت أسر بأكملها حتفها بغارات جوية خاطئة لطيران التحالف رغم أننا ليس لنا ناقة ولاجمل في الحرب التي لاندري ماى ستنتهي الا أن قربنا من الشريط الحدودي المشتعل عرضنا للخطر.
روح الإيثار 
رغم المعاناة التي يعيشها أهل القرية بعد انقطاع أعمالهم حيث كان الغالبية منهم يعتمدون على التهريب وبيع القات الا الأوقات العصيبة التي مروا بها جميعاً خلقت فيهم روح الإيثار والتعاون فأصبحوا يقتسمون الطعام ويساعدون بعضهم البعض.
ورغم أن غالبية سكان القرية يعيشون على المساعدات الشحيحة التي يستلمها البعض منهم من منظمة الغذاء العالمي كل شهر عبر لجان الصرف في مديريات مجاورة الا أنهم يقتسمونها مع بقية الأهالي الذين سقطت أسمائهم أو يتم الإستيلاء على حالاتهم من قبل المتنفذين.
صيدلية وحيدة
يقول عبدالرحمن وهو صيدلي كان يعمل في مدينة حرض: الحسنة الوحيدة لهذه الحرب أنها جعلت كلاً منا يتفقد جاره ويقدم له ماتوفر من طعام ومشرب ونقود أحياناً حتى أن بعض الأسر يجتمعون على الوجبات سوياً ويتقاسمون الفرح والحزن سوياً أيضاً.
ويضيف: أمتلك صيدلية صغيرة وهي بمثابة المركز الصحي الوحيد في القرية وأعالج السكان بما توفر لدي من الأدوية
التي أجلبها من مديرية عبس دون أن أطلب من المرضى قيمة الدواء حتى يحضرونها متى ماتوفرت لديهم النقود.
سوق يومي
 في منتصف القرية يوجد سوق صغير تباع فيه الخضروات والمواد الغذائية والثلج وحتى القات الذي يجلبه أحد الشبان ظهر كل يوم على دراجته النارية من إحدى المديريات المجاورة ويبيعه للأهالي الذين كان غالبيتهم يعملون في تهريب أجود القات اليمني إلى المدن السعودية المجاورة التابعة لمنطقة جازان.
ويجتمع الأهالي عصر كل يوم في حانوت السوق الذي تتوفر فيه طاقة شمسية و شاشة تلفاز لمشاهدة نشرات الأخبار وشحن الهواتف النقالة بينما البعض يلعب الدومينو أو الورق وآخرون يلعبون كرة القدم أو الطائرة في ساحة مجاورة.
خطر داهم
أحد أعيان القرية والذي فضل عدم ذكر اسمه، أكد لـ”المشاهد” أن أكثر ما يؤرق الأهالي هو هروب مسلحي جماعة الحوثي وصالح من طيران التحالف العربي الى أطراف القرية والإختباء وراء الأشجار المحيطة بها مايعرض حياة سكان القرية للخطر.
يقول “آثرت وأسرتي البقاء في القرية على الرغم مما نتعرض له من مخاطر كل يوم، الاشتباكات لاتهدأ طوال الليل، والقصف الجوي والبري من كل صوب, السماء مشتعله من فوقنا والأرض تهتز من تحتنا جراء القصف المستمر وبالكاد نستطيع النوم.
ويضيف “فكرنا كثيرا في النزوح لإحدى المديريات الآمنة في حجة أو الحديدة, لكن لاسبيل لنا في الخروج من هذه القرية، فأسعار إيجارات المنازل في المديريات الآمنة باتتت مرتفعة جدا بسبب نزوح آلاف الأسر من القرى والمدن الحدودية، بالإضافة الى انقطاع المرتبات منذ مايقارب العشرة أشهر واغلاق الحدود بسبب الحرب وغياب المنظمات الانسانية فاقم المعاناة الإنسانية.
ويبقى أمل سكان المديريات الحدودية بمحافظة حجة، أن تنتهي هذه الحرب التي دخلت عامها الثالث دون ظهور بوادر في الأفق لإنتهائها أو حسمها لصالح القوات الحكومية المسنودة بقوات التحالف العربي مايعني مزيداً من المعاناة للمواطنين الذين يدفعون وحدهم ضريبة هذه الحرب.
مقالات مشابهة