المشاهد نت

عن بائع النغم في مدينة حجة تفاصيل قصة العازف والصانع والفنان

بائع النغم في مدينة عبس سعيد سلمان
المشاهد-خاص :
على قارعة أحد شوارع مدينة شفر, بمحافظة حجة, يجلس الأربعيني “سعيد سلمان”, يعزف على آلة العود التي يصنعها بنفسه من جوالين الزيت الفارغة، ويغني أغاني تراثية لكبار الفنان اليمنيين تجبر المارة على التوقف للإستماع اليه.
يعزف سعيد ويغني أمام جمهوره من المارة في المدينة المكتظة بالسكان وتستقر خلف آلته الموسيقية قصة إنسانية تستحق السرد, فسعيد نزح من مدينة حرض التي ولد وترعرع فيها قبل عامين بسبب اندلاع المعارك على الشريط الحدودي.
يرتحل سعيد من شارع لشارع بحثاً عن رزقة، حاملاً على يديه مجموعة من الأعواد المحلية التي يتقن صنعها، ويبيعها للمارة من الشباب والأطفال بينما يستوقفه المارة لسماع عزفه أو لشراء آلته الموسيقية.
يبيع سعيد العود الواحد بسعر زهيد لايتجاوز الـ 300 ريال أقل من “دولار واحد” ويبيع مابين اثنين الى ثلاثة في اليوم لتوفير قوت يومة.
عند مرورنا في الشارع العام بالمدينة, شاهدناه جوار إحدى ورش إصلاح السيارات وقد تجمع حوله عدد من الأطفال  وبعض عمال المحلات المجاورة وهم يستمعون إلى عزفه ويرددون معه كلمات أغنية ياورد يا كاذي” للفنان اليمني الراحل فيصل علوي.
سعيد الفنان كما يلقبه أهالي المدينة يقوم بصناعة آلة العود التي يعشقها منذ الصغر كما يقول لـ”المشاهد” , من جوالين الزيت الفارغة والأسلاك المعدنية فأصبح الصانع والعازف والفنان.
ويضيف: “بدأ حبي لآلة العود وأنا في العاشرة من عمري حيث كان عمي الراحل يعزف على العود في مدينة حرض وكنت أراقبه وأستمع اليه، ومن يومها عشقت صوت العود وأوتاره.
ويتابع: في العشرين من عمري صنعت أول عود محلي وكنت أخشى أن لا يكون الصوت جيدا بسبب الأسلاك المعدنية التي استخدمها بدل الأوتار الا أن النتائج كانت رائعة ومشجعة.
عندما يحرك سعيد أصابع يديه على المفاتيح ليشد الأسلاك تتغير درجات قوة اللحن وما أن يبدأ في العزف والغناء يتجمع المارة حوله يستمعون لغنائه ويلتقطون الصور له وما أن ينهي وصلته الغنائية حتى يبدأون في التصفيق.
ويحاول سعيد عبر ألحانه، إضفاء لون من الفرح على المشهد القاتم الذي يعيشه الآلاف من نازحي المدينة التي تحولت إلى أكوام من الركام جراء المواجهات المستمرة فيها منذ عامين بين مسلحي جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق صالح من جهة والقوات الحكومية المسنودة بالتحالف من جهة أخرى.
وعن صعوبة تعلم العزف على العود, يؤكد سعيد لـ”المشاهد” أن تعلم العزف على هذه الآلة يعود إلى رغبة الشخص نفسه وحبه للعزف عليها فإن وجدت الرغبة سيتمكن الشخص رويداً رويداً من العزف حتى يتقنه.
وتمر صناعة آلة العود بعدة مراحل، ويقتضي إنتاجها وقتاً طويلاً ولكي ينجز سعيد صناعة آلة عود واحدة يحتاج حوالي الى ساعتين من العمل المتواصل اذا توفرت الأدوات المطلوبة بحسب قوله.
وتحدث سعيد عن أجزاء آلته الموسيقية البسيطة، وقال لـ”المشاهد إنه “يتكون من جالون معدني يحصل عليه من ورشات إصلاح السيارات ووتد خشبي يمتد من قمته حتى أسفله مجموعة من الأسلاك تثبت بمسند كالوتد ويمكن التحكم بالأوتار من خلال المفاتيح  الموجودة على زند العود.
ويضيف في حديثة لــ” المشاهد” بأن الريشة المستخدمة للعزف على آلة العود تصنع من البلاستيك بينما يستخدم الاسلاك المعدنية الخفيفة بدلاً عن الأوتار.
ويؤكد سعيد أنه لا يعزف إلا الألحان والأغاني التراثية، ويجيد اللون اللحجي والصنعاني بالإضافة إلى تأليفه كلمات أغاني تواكب الأحداث التي تعيشها اليمن كالحرب والنزوح والأحوال المعيشية الصعبة.
سعيد الفنان مُحب للحياة ومتفائل رغم حياته البائسة، ووضعه المادي الصعب ويتمنى أن تنتهي الحرب ويعم السلام في الوطن ليتمكن من العودة الى مدينته والتعاون مع أهلها لإعادة بناء مادمرته الحرب.
مقالات مشابهة