المشاهد نت

في اليمن اضاحي العيد لمن استطاع اليه سبيلا

صورة ارشيفية لاحد الاسواق الخاصة بالمواشي

معاذ الحيدري – المشاهد – خاص:

يواجه ملايين من اليمنيين من موظفين ومدنين، وعمال وغيرهم من الشرائح الأخرى، وضعا ماديا سيئا، وهم في أمس الحاجة لرواتبهم، والتي وصل تأخر صرفها في بعض القطاعات والمحافظات إلى أحد عشر شهرا، في حين عمال الأجر اليومي يبدو ضنك معيشتهم أعظم، إضافة الى العاطلين عن العمل، والنازحين وكثيرون ممن فقدوا أعمالهم بسبب الأحداث المأساوية الناتجة عن الحرب. حالات معيشية صعبة وظروف قاهرة، وهنالك الكثير من الشواهد اليومية مؤلمه وتدمى لها القلوب.

بعيدا عن هذا الحديث، لا يمكن الحديث عن اضاحي العيد هذا العام، والذي تجاوز ان يكون هما يؤرق الكثيرين الى ان أصبح حلما بعيد المنال خصوصا بعد مرور ما يقارب العام على الناس بدون رواتب، وتفاقم مشاكل اليمنيين وقضيتهم الإنسانية وباتت الأرقام الصادرة عن المنظمات الدولة تتحدث عن حاجة ما يقارب 19 مليون يمني للمساعدات الإنسانية مقارنة بالعامين الماضيين والتي كانت تتحدث فيه المنظمات عن سبعة مليون يمني تقريبا.

ويحلّ عيد الأضحى على اليمن هذا العام، في ظل أجواء الحرب وبقاء التصعيد العسكري مستمرا حتى الان، الأمر الذي سيحول دون أن يمارس المواطنين عاداتهم وشعائرهم الدينية في أيام العيد، وأبرزها تقديم الأضاحي، والتي يقول الكثير من الناس انهم عاجزين عن شراءها هذا العام؛ بعد ان صاروا عاجزين عن توفير لقمة العيش ومتطلبات الحياة الضرورية والاساسية.

ومع وصول العنف إلى ذروته، وتفاقم الضربات والقصف الجوي وبقاء الاقتتال في أكثر من منطقة ومدينة يمنية، يرى مراقبون، أن أضاحي العيد، هذا العام، ستكون من “البشر” مع تصاعد المواجهات في أكثر من جبهة، وسقوط عشرات القتلى والجرحى بشكل مستمر. ولعل ما حصل في صنعاء من عمليات عسكرية مؤلمة راح ضحيتها عشرات، دليل واضح على ان البشر يقدمون كـ “اضاحي”، ففي عطان قتل ما يقارب 16 شخصا بينهم ستة أطفال، وفي أرحب قتل ما يقارب 40 شخصا، وقد جرى هذا خلال ثلاثة أيام تقريبا.

وتسببت الحرب في تدهور الحالة الاقتصادية لليمنيين، وأعلن البنك الدولي قبل فترة، أن 80% من السكان، المقدر عددهم بـ 26 مليون نسمة، وقعوا تحت خط الفقر، الى جانب الأرقام التي أعلنتها منظمات وتعتبر حديثة.

ويرى مواطنون، أن “خروف العيد” هذه العام بات حلما، ولن يكون بمقدور ملايين الأسر التي فقدت مصادر دخلها، شراء خروف.

يقول مفيد احمد غيلان لـ “المشاهد”، وهو موظف حكومي: “اضحية العيد بالنسبة لي ولكثيرين لم تعد تشكل اي هم اليوم، في ظل الحرب التي أكلت الأخضر واليابس، ما يمثل هم مقلق ومؤرق هو كيفية الحصول على لقمة العيش، المتمثل بكيس الدقيق والسكر والشاي في أحسن الاحوال”.

ويضيف “لقد ضحينا خلال عامين من الحرب بما فيه الكفاية لمئة عام مقدم، ضحينا بأرواح الكثير من الشباب والنساء والشيوخ والراتب والقيم والاخلاق والمبادئ، ضحينا بوطن بأكمله وإن كنا نريد فعلا ان نضحي هذا العام فلنضحي بالسياسيين وتجار الحروب الذين أهلكوا الحرث والنسل بحربهم لم يبقوا لنا الا الموت والموت فقط”.

من جهته يقول عصام محمد، والذي يعمل بنظام القطعة في احدى الشركات الخاصة لـ “المشاهد”: “للأسف الشديد الناس لم يعودوا يبحثون عن العيد ولا الفرحة، أصبح معظم سكان اليمن يبحثون عن نهاية لهذه الحرب، في اليمن كيف يمكن ان يحل العيد والحرب لم تضع أوزراها بعد، ما يزال الناس يعيشون ويلات الحرب وتبعاتها، من وضع معيشي واقتصادي صعب وصل حد عدم القدرة على دفع رواتب الموظفين؛ الذين تبدو عليهم ملامح استقبال العيد غائبة، بعدم الحديث عن الاستعداد بالمقتنيات الجديدة، و بالأضحية سواء كانت من الكباش او الاغنام وغيرها من الحيوانات، فالمنزل الذي انعدمت منه مقومات الحياة الاساسية، من طعام وشراب، لا يمكن ان يكون مستعدا لاستقبال العيد والبحث عن فرحة آنية لن تكفي لطمس الم واحد تركته هذه الحرب القذرة”.

إقرأ أيضاً  مشكلة الأرقام المؤقتة للوحات المركبات بتعز

ويقول المواطن محمد الوصابي إنه منذ دخول شهر ذي الحجة وهو يفكر في كيفية الحصول على أضحية العيد لأسرته إلا أنه لم يتوصل حتى الآن إلى حل لهذه المشكلة، فهو يعمل بالأجر اليومي ودخله محدود ولا يفي بالمتطلبات الأساسية.

على مستوى الريف، تواجه مئات الاسر أيضا تحاول الاقتراض من اشخاص يعملون طوال العام في رعي الأغنام والمواشي، الاجراء التي كانت تتخذه في الغالب، وفي فصل الصيف تقوم بتسديد قروض الاضاحي من خلال ما تحصل عليه من منتوج من مزارع القات وهكذا.

ولكن المشكلة هذا العام وحسب حديث فكري العسالي لـ “المشاهد” فان الناس التي كانت تعمل في رعي الأغنام، توقفت عن المهنة بسبب عدم توفر الإمكانات وعدم توفر الحبوب وقلة الامطار وخروج المزارع عن الخدمة بعد ان تصحرت بسبب غياب المشتقات النفطية وغلاء أسعارها.

ولهذا ومن هذا المنطلق قال فكري لـ “المشاهد”: “ان البعض من الاسر في الأرياف لن يتمكنوا من توفير اضاحي، وكثير من الناس يقولون انهم سيلجئون الى شراء الدجاج، هذا ان توفرت قيمتها الشرائية”.

ويرى مواطنون، أن الغالبية لا يفكرون هذا العيد بشراء أضحية، وأن هناك العشرات قرروا هذا العام التشارك في “خروف واحد وخصوصا جيران الحي الواحد.

ويقول سكان في العاصمة صنعاء، إن الأضحية أصبحت مثل الحج لمن استطاع إليها سبيلا، وأنهم سيلجأون لشراء كيلو واحد من اللحم في أول أيام العيد فقط، وربما دجاجة.

ليست الأسر الفقيرة وحدها عاجزة عن شراء الأضاحي، بل حتى تلك المتوسطة باتت تفضّل مشاركة الأضاحي مع الجيران أو الأقارب، على غرار محمد رزاز الذي يعمل في سوبر ماركت بصنعاء. ورغم حرصه على شراء الأضاحي في الماضي، إلا أنه لا يستطيع تأمينها هذا العام. يقول: “لم أعد مهتماً بالأضحية”، لافتاً إلى أن أوضاع اليمنيين سيئة.

من جهته يؤكد لـ “المشاهد” علي فطيرة، وهو صاحب ملحمة وممن يعملون في بيع الاضاحي، بان التراجع بدا واضحا منذ بداية الأيام العشر التي تعودنا فيها على حركة غير عادية في بيع وشراء الاضاحي، ولكن الظاهر ان ظروف الناس تبدو متعبة للغاية هذا العام وصار الناس عاجزين

شراء الاضاحي.

ويقدر فطيرة قيمة الخروف الواحد بـ 30 ألف ريال الى 50 ألف، وهو مبلغ لم يعد بسيطا لدى كثير من اليمنيين خصوصا أولئك الذين يمرون بدون مرتبات منذ أشهر

مقالات مشابهة