المشاهد نت

ظاهرة نبش الصور القديمة بمواقع التواصل الاجتماعي تأخذ إتجاه سياسي فى اليمن

المشاهد-خاص :
 إجتاحت مواقع التواصل الإجتماعي في اليمن خلال الأيام القليلة الماضية ظاهرة نبش الصور القديمة بشكل هستيري فتحول موقع التواصل الأشهر في العالم فيسبوك، لمنصة تحتوى صوراً قديمة وذكريات من الزمن الغابر.
بدأت هذه الظاهرة  بقيام بعض الناشطين بالبحث في صفحات أصدقائهم عن صور شخصية قديمة تعود لسنوات والتعليق عليها لإعادتها إلى الظهور مجدداً أمام جمهور الصفحة ومن ثم تبادل التعليقات الطريفة والساخرة.
هذه الحملة استساغها العديد من المفسبكين اليمنيين، فانتشرت كالنار في الهشيم لتتطور من نبش صور الأصدقاء القديمة على فيسبوك إلى نبش البعض لصورهم الشخصية القديمة من ألبومات الزمن الجميل ونشرها على فيسبوك لتحظى بسيل من تعليقات المتابعين.
تفاعل غير مسبوق
هيمنت هذه الحملة على رواد مواقع التواصل الإجتماعي في اليمن، لدرجة أنهم دشنوا هاشتاق يحمل إسم #يوم_النبش_العالمي والذي تصدر أكثر الموضوعات تفاعلاً على موقع فيسبوك طوال الأيام الثلاثة الماضية.
ولاقى هاشتاق #يوم_النبش_العالمي تفاعلاً غير مسبوق من كثير من المفسبكين اليمنيين، الذين وجدوا فيه شيئاً جديداً وجديراً بالتفاعل من باب المتعة والتندر ونشروا فيه آلاف الصور القديمة بعضها تعود لأيام الأبيض والأسود.
وأطلق آخرون هاشتاق #نبش الذي حظي بدوره على مشاركات واسعة وتضمن صوراً قديمة لمرتادي مواقع التواصل ونخبة من الساسة والفنانين والإعلاميين اليمنيين.
 وأخذت السخرية أبعادا إبداعية أخرى، حيث تفنن البعض في دمج صور قديمة مع أخرى حديثه، في أوقات قياسية، لأشهر الفنانين اليمنيين في الوقت الذي كثرت فيه مشاركة بعض الأعمال الفنية القديمة ضمن حملة نبش.
ظاهرة قديمة
ظاهرة نبش الصور ليست حديثة العهد فقد سبق وأن إنتشرت في أوساط المفسبكين اليمنيين قبل عامين واقتصرت حينها على البحث في صفحات الأصدقاء عن صور قديمة قد تكون غير محببة لهم والتعليق عليها لإعادة إظهارها للعامة مجدداً.
ومنذ ذلك الحين, يحرص بعض رواد موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك على حذف صورهم القديمة من صفحاتهم الشخصية أو إخفائها عن العامة حتى لا تتحول الى مادة للتندر والفكاهة كما يحدث في هذه الأيام.
الاهتمام الكبير الذي لاقته هذه الظاهرة المشتعلة في الفيس بوك جعل الكثير ينقلونها الى مواقع التواصل الأخرى وخصوصاً انستقرام، اذ بدأ العديد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بالترويج لهذه الظاهرة على مواقع أخرى كتويتر وانستقرام.
متنفس للخروج من أجواء الحرب
تفاعل اليمنيون بمختلف أطيافهم السياسية مع ظاهرة نبش الصور التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي حيث وجدوها فرصة لتناسي الأحزان والخروج من جو المآسي الذي فرضته الحرب في حالة من التوق لأيام جميلة ولّت لن تعود.
عزالدين عبدالرحمن المدير التنفيذي لـ”ستور أندرويد” قال لـ”المشاهد”: ظاهرة نبش الصور أشغلت اليمنيين عن أجواء السياسة المسمومة وزرعت الإبتسامة في أوساطهم بعد أن أصبحت مواقع التواصل الإجتماعي ساحة لتأجيج الصراع السياسي والفكري.
 وأشار الى أهمية استرجاع الذكريات القديمة كونها تحلق بالشخص في فضاءات لا متناهية وتعوضه عن واقع الحياة الصعبة وهذا ما يفعله اليمنيون في الوقت الراهن عبر نشر صورهم القديمة وتخليدها كذكريات ستظل محفوظة على حساباتهم بموقع فيسبوك.
منير محمد “طالب جامعي قال” لـ”المشاهد”: “هذه الظاهرة أضفت نوعاً من التسلية والمرح بين أصدقاء العالم الإفتراضي حيث يعتبرها البعض فرصة للإطلاع على ماضي بعض الأصدقاء تارة بدافع التندر وتارة بدافع الفضول”.
وأكد بأن الصور المنبوشة حظيت بقدر كبير من التفاعل والإهتمام في أوساط الشباب اليمني الذين وجدوا فيها متنفساً للخروج من أجواء الحرب وتغيير أجواء الكآبة المسيطرة عليهم منذ ثلاثة أعوام.
وأضاف: “الزمن يمضي سريعاً، وأننا لم نعد صغاراً رغم اجترار ذكريات الماضي والمدرسة والزملاء الذين كانوا كل شيء في حياتنا فمهما بلغ الإنسان من العمر سيظل يحن إلى الماضي وإلى أيام الطفولة وربيع العمر”.. حد قوله.
الحنين إلى الماضي
الحنين إلى الماضي شعور يلازم الإنسان من حين لآخر والنفس البشرية تتلذذ بالماضي أكثر من الحاضر وتتوق لاستنشاق عبق الزمن الراحل ويكبر هذا الحنين ويزداد عندما تفتش صور القديمة التي تقطن فيها أجمل الذكريات واللحظات التى لا تنسى.
الصحفي فوآد البيضاني قال لـ”المشاهد” أن تفاعل اليمنيين مع هذه الظاهرة يعود سببه الى حنين البشر الى الماضي مشيرا بأن أبرز ما يعزز الذكرى والحنين للماضي هي الأماكن , ثم الأشخاص فالصور التي توثق الحدث والمناسبة والزمان والمكان لينطلق عند نبشها سيل شديد الغزارة من الذكريات التي تحن إليها النفوس بغض النظر عن تاريخها ولو كانت حتى قبل عام.
وأضاف: “شعور غريب يدفعك دوماً لنبش الصور  ليس من اجل شيء معين يتعلق بالتصنيف والتنظيم , بل بدافع غريزي , وتحريض ربما أفسره بأنه متعلق بالهروب من الواقع إلى ما يعتقد العقل الباطن للإنسان انه مثالية , وبراءة , ونقاء يطبع الزمن القديم , ويفتقده الحاضر المليء بالمنغصات”.
واختتم: “الذكريات أحلام اليقظة التي تتعلق بــ ( واقع ) مضى , وليس بأمنيات المستقبل .. والصورة هي أقوى باعث ومحرك لتلك الأحلام (الحقيقية والواقعية ) والذكريات”.
نبش سياسي
هذه الظاهرة التي أصبحت موضة الفيس بوك مؤخراً في اليمن لم تقتصر على العامة فقط بل امتدت إلى نبش صور السياسيين أيضاً وإعادة تداولها وعلى رأسهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي نُشرت له عشرات الصور بعضها قبل تسلمه للرئاسة.
وركزت التعليقات الساخرة على شكل وهندام الرئيس السابق صالح في تلك الصور وضعف جودة الصورة التي تظهر بحجم صغير كونها التقطت بنوعية قديمة من الكاميرات التي انقرضت منذ عشرات السنين.
ويقول فوآد عنقاد “ناشط حقوقي” لـ”المشاهد”: “نسخر من السياسيين عبر التعليق على صورهم المنبوشة في مواقع التواصل الإجتماعي لكي نفرغ الضغوط التي نعاني منها عن طريق السخرية اللاذعة لإفراغ ما بداخلنا تجاههم ولا تكفي”.
ويضيف عنقاد: “صالح أو غيره من الرؤساء والسياسيين اليمنيين ليسوا إلا بشراً مثلنا يخطئون ويصيبون ولهم ماض مضحك وحاضر مختلف بربطات عنق أنيقة، ومن الغباء تقديسهم بسبب موقف ما”.
دونالد ترامب, الرئيس الأمريكي, لم يسلم من نبش اليمنيين وسخريتهم اللاذعة حيث تداولوا صوره القديمة وتبادلوا عليها  النكات والتعليقات الساخرة.
مقالات مشابهة