المشاهد نت

قصة محمد ومتعب .. طفلان تلاشت فرحتهما بالوصول الى السعودية بخبر مقتل كافة أسرتيهما

محمد ومتعب طفلان قتل طيران التحالف كافة اسرتيهما
المشاهد-خاص :
محمد ومتعب طفلان يمنيان لم يتجاوزا الثانية عشرة من العمر, حصدت مقاتلات التحالف العربي أرواح أسرتيهما تاركة إياهما يتامى مشردين يقاسون آلام الغربة والفقد وقسوة الحال.
 لم يكن يعلم الطفل محمد حمدي الجماعي وصديقه متعب عبدالله خموسي أن يوم سفرهما الى السعودية  ستكون آخر لقاء جمعهما مع أسرتيهما في قرية المنوابه بعزلة هران التابعة لمديرية أفلح اليمن بمحافظة حجة, شمال غرب البلاد.
وفي الوقت الذي كان فيه الطفلان الصغيران يخوضان مغامرة خطرة أثناء تسللهما الى السعودية عبر الحدود المشتعلة هرباً من ظروف المعيشة القاسية، كانت الصواريخ تحصد أرواح أسرتيهما في القرية دون أي ذنب اقترفوه.
 نجح الصديقان في الوصول الى الأراضي السعودية لكن فرحتهما بالوصول تلاشت عندما علما بالمجزرة البشعة التي أبادت أسرتيهما في واحدة من أعظم المآسي التي يئن لها ضمير الإنسانية.
 ويروي أحد سكان قريتهما لـ”المشاهد” تفاصيل يوم الثلاثاء الأسود قائلاً: في السابع من نوفمبر الحالي قصفت مقاتلات التحالف منزل المواطن حمدي علي ديك الجماعي بعدة غارات أدت الى هدم المنزل على رؤوس واستشهد إثرها والد الطفل محمد وأمه وإخوته وجديه وأعمامه وأخواله وعماته وعدد من أبنائهم.
 ويضيف: بعد توقف الغارات الأولى بدقائق سارع المسعفون من أهالي القرية وأقارب الأسرة لإنتشال الضحايا وإسعاف الجرحى وحلت الفاجعة الأخرى حيث عاود الطيران القصف ليرتكب مجزرة أخرى بحق المواطنين الأبرياء لترتفع عدد الغارات الى 18 غارة خلفت نحو 30 شهيداً وعشرات الجرحى.
 أصغر أفراد العائلة إياد الجماعي (4 سنوات) عثر المواطنون على بقايا أشلاءه في اليوم التالي معلقة بإحدى الأشجار على بعد نحو 300 متر من منزل الأسرة الذي حولته الغارات العنيفة الى كومة من الركام.
أما بشير الجماعي (7 سنوات) فقد عثر عليه أقاربه فاقداً للوعي أسفل التبة الواقع عليها منزل الأسرة وتم إسعافه إلى مستشفى عبس الريفي الذي تديره منظمة أطباء بلا حدود غير أن خطورة حالته استدعت نقله إلى مستشفى الثورة بمدينة الحديدة.
وبحسب تقارير طبية لايزال بشير في غيبوبة تامة بمستشفى الثورة العام بمدينة الحديدة نتيجة تعرضه لرضوض في الدماغ واصابات وكسور متعددة في جانبي الرأس ومقدمته إضافه لتجمع دموي في العينين.
ونجت رنا الجماعي (9 سنوات) من المجزرة بالصدفة حيث كانت ترعى الأغنام في إحدى الشعاب المجاورة وفي طريق عودتها شاهدت من تبة مجاورة الدمار الذي لحق بالمنزل جراء الغارات الأولى فصرخت صرخة مدوية وجرت نحو المنزل الا أن بعض المتواجدين أمسكوا بها ومنعوها بسبب التحليق المكثف للطيران وظلت تشاهد حمم الموت تتساقط على بقايا منزلها وكل من حاول الإقتراب.
صرخات رنا وهي تسأل بلهجتها التهامية عن ماحلّ بأمها وأبيها وإخوتها أبكت الحجر والشجر ومازال صداها يتردد في الوادي وظلت الطفلة المسكينة خير شاهد على بشاعة المجزرة التي ارتكبها التحالف بحق مواطنين أبرياء.
وتقضي رنا جلّ وقتها حزينة في بيت عمها في نفس القرية, تارة تزور بيت العائلة المدمر مع صديقاتها وتارة أخرى تقف لوحدها على أطلاله مستحضرة وجوه أفراد اسرتها الذين قضوا بالقصف.
 مشاهد رنا وهي تبكي وتنتحب على شاشات التلفزة جوار ركام المنزل الذي قضت فيه أجمل الأيام هزّت مشاعر أخاها محمد وزرعت في قلبه الأسى والحزن والرعب وتركت في قلبه جرحاً غائراً لن يندمل على مدى سنوات.
ويقاسي صديقه متعب ورفيقه في السفر نفس الحال بعد فقدانه والده عبدالله قاريه خموسي ووجده وعدد من إخوانه واعمامه وأبناء أعمامه بغارات جوية استهدفتهم بشكل مباشر أثناء محاولتهم إسعاف الجرحى وإنقاذ أرواحهم.
 وتسببت الصدمة في مشاكل صحية ونفسية للطفلين وأصبحا يعانيان مرارة الفقد والفقر والتشرد وسط ظروف مادية صعبة بالإضافة الى تواجدهما في المملكة العربية السعودية بشكل غير نظامي ماقد يعرضهما للإعتقال والترحيل.
وسقط العديد من السكان جراء في محافظة حجة جراء غارات التحالف الخاطئة منذ بداية الحرب وعلى الرغم من الصيحات المتعالية المنددة بتلك الأخطاء الكارثية التي تحصد أرواح الأبرياء بشكل متكرر, الا أن المجازر لم تتوقف وآخرها في مديرية عبس وراح ضحيتها 17 مواطناً جراء استهداف التحالف لسوق شعبي يوم الجمعة الماضي.
قصة محمد ومتعب واحدة من مئات القصص الموجعة التي تسببت بها الحرب المستمرة في اليمن منذ نحو ثلاثة أعوام دون ظهور بوادر لإنتهائها بينما تقع آثارها الكارثية ونتائجها المأساوية على كاهل المدنيين البسطاء المغلوبين على أمرهم والذين يدفعون وحدهم ضريبة هذه الحرب.
مقالات مشابهة