المشاهد نت

مستشفيات صنعاء الحقيقة الكاملة لواقع مايحدث “تفاصيل حصرية”

المشاهد-خاص:

لم تحذر المنظمات المحلية والدولية من انهيار القطاع الصحي في العاصمة ، إلا بعد أن نفذت روائح الموتى الذين تتكدس بهم ثلاجات المشافي ، ووصل الحال الى عجز المستشفيات الحكومية في صنعاء الى استقبال ثلاجاتها المزيد من الجثث التي تتوافد من جبهات القتال في كل يوم ، تماما هو الحال مثلما وصل أنين الجرحى والمرضى الى خارج أسوار تلك المستشفيات التي لم تعد قادرة على استقبال المزيد من المرضى في بلد تفشت فيه الأوبئة والكوارث الصحية التي كانت قد انقرضت خلال أزمنة غابرة .
الحرب وفساد الحوثيين سببان كافيان لتدمير (القطاع الصحي) الذي كان يعاني في الأصل من مشكلات لا تعد ولا تحصى فقد أصبح القطاع الصحي اليوم في صنعاء كتابا مفتوحا لقصص يندى لها جبين الانسانية .
وأصبح لسان حال واقع مستشفيات العاصمة صنعاء يقول أن أكثر من نصفها أصبح خارج إطار الجاهزية ، فيما النصف الاخر يعجز العاملون فيه عن تقديم ادنى الاسعافات الاولوية للمرضى والمصابين ، فلا امكانيات مادية ولامعنوية ،
وعند زيارتك لأحد المشافي الحكومية في العاصمة صنعاء ، تتضح لك جليا الإحصائيات المفزعة ، حيث تحولت تلك المستشفيات الى مسالخ بشرية تـُــكتب على بواباتها عبارة “الموت لليمنيين ” تلك العبارة الرديفة لشعار جماعة الحوثي عجزت عن تقديم ادني الخدمات التي كانت تقدمها تلك المستشفيات قبل الانقلاب والحرب ، حيث كانت تلك المستشفيات محجا للمرضى المتوافدين إليها من مختلف القرى والمحافظات اليمنية .

الم وحسرة :
الحرب الاخيرة التي كانت صنعاء مسرحا لها ، كشفت عورات الحوثيين في مستشفيات العاصمة ، فمع تزايد اعداد قتلى الاشتباكات المسلحة التي افضت الى مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح ، عجزت مستفيات العاصمة صنعاء عن استقال المزيد من الجثث بسبب تكدس مئات الجثث في ثلاجات المستشفيات والثلاجات الاضافية التي استأجرها الحوثيون لتغطية العجز.
ومن غير قتلى الجبهات المسلحة تقدر الاحصائيات الصادرة عن منطمات دولية أن 7600شخص فارقوا الحياة بسبب أمراض كان بالامكان علاجها في المستشفيات منذ بدء الحرب في مارس من العام 2015م.
أحمد الحثره 31 عاماً عاطل عن العمل بعد أن سقطت والدته بشكل مفاجىء في المنزل الذي يقطنون فيه بصنعاء وجد نفسه متخبطا بين أكثر من مستشفى حكومي وخاص عله ينقذ والدته من ما ألم بها من مرض.
ويحكي الحثره لـ”المشاهد ” تفاصيل ما حدث لوالدته فور وصولها إلى طوارئ الاستقبال في مستشفى الثورة الحكومي ، حيث يقول “مكثنا في طوارئ المستشفى أكثر من خمس ساعات بحثا عن الطبيب المناوب الذي جاء وهو عابس الوجه ومتذمرا من الوضع و كشف عليها بشكل سريع حتى يتمكن من معاينة عشرات الحالات التي كانت تتوافد الى الطوارئ أثناء تواجدنا، وطلب منا الطبيب عمل أشعة مقطعية ، وعلى الفور توجهنا لقسم الأشعة في المستشفى ونحن بعد أن انتظرنا ساعة كاملة للعثور على سرير نستطيع من خلاله نقل والدتنا الى قسم الاشعة ،وعند وصولنا الى القسم فوق نتفاجىء بوجود سلسلة من البشر في طابور طويل ينتظرون دورهم لعمل الأشعة لهم ، وعندما اقتربنا من مستلم البوابة أخبرنا بأن علينا تسجيل اسم والدتنا والحجز إلى بعد يومين كون القسم مزدحم ”
ويضيف الحثرة “لم يكن بوسعي إلا نقل والدتي إلى أحد مراكز الأشعة في شارع الزبيري ومن سوء حظي ان اليوم الذي مرضت فيه كان الجمعة حيث تغلق جميع مراكز الأشعة أبوابها بسبب أنه يوم اجازة اسبوعية ، حينها أخبرني أحد الأشخاص أن عليا التوجه إلى المستشفى السعودي الألماني ودفع مبلغ مالي كبير لعمل الأشعة هناك ، لم يكن في جيبي الا مبلغ بسيط ، حينها اضطررت الى أن أرجع للمستشفى وتبقى والدتي في الطوارئ حتى صباح السبت ، كان يوم تعيس لانني كنت انتظر بوالدتي في الشارع حتى اجد سيارة تعود بها الى المستشفى كون ذلك اليوم توقفت فيه معظم السيارات بسبب انعدام البترول ”
ويتابع الحثره حديثه ” لم ينقطع لساني انا و أختي الصغيرة عن التوسل والتضرع الى الله بأن يلطف والدتي التي فقدت الوعي وفي الصباح توجهنا لعمل الأشعة المقطعية في أحد المراكز الخاصة وفور خروج الأفلام الاولية بالاشعة اتجهنا الى مستشفى الجمهوري الحكومي القريب في الزبيري لتتكرر ذات المشكلة وهي : عدم تواجد الطبيب المناوب حينها صرخنا بكل مالدينا طالبين النجدة بالنظر الى حالة والدتنا عندها أتى الينا أحد طلاب كلية الطب الذين يأتون للتعلم في المستشفى ، ويخبرنا بأن النتائج الأولية للأشعة هي أن والدتنا سليمة ولم تضهر فيها أي علامات سلبية ، انتقلت بعدها الى مستشفيات العسكري والشرطة لكنهم رفضوا استقبال والدتي بسبب ازدحام المستشفيين بالمرضى وجرحى الجبهات ، رغم أن والدي رحمة الله عليه كان عسكريا ومن حق والدتي أن تدخل تلك المستشفيات ، ووجدت نفسي مرة أخرى في مستشفى الثورة لنبداء رحلة جديدة من التعب والمعاناة حينها لم أجد من يشخص حالة والدتي وأضطررت الى نقلها لمستشفى خاص ورهن الذهب الذي تمتلكه وعمل اشعة الرنين المغناطيسي ليتضح فيما بعد أنها اصيبت بجلطة في الدماغ وقتها حاول الاطباء التدخل الا أن والدتي فارقت الحياة . ”

إقرأ أيضاً  رمضان... موسم المديح والإنشاد الديني

ظروف محبطة:
ومثلما يعاني المواطن اليمني من انعدام الخدمات الصحية المناسبة للانسان في مستشفيات العاصمة صنعاء وماجاورها ، فإن العاملون الصحيون في تلك المستشفيات لم يستلمو رواتبهم منذ عامين، وهي أقل المستحقات التي كانت مخصصة لهم ،كما أن أغلب تلك المستشفيات تعاني نقصاً حاداً في الكوادر الطبية التي هاجرت الى خارج اليمن ، ونقصا في المعدات والتجهزات الطبية والأدوية والمحاليل وكميات الوقود اللازمة لتشغيل المولدات الكهربائية”،وعمد الحوثيون الى خفض الميزانية المخصصة لكل المستشفيات والمراكزالصحية ،بالاظافة الى أن اغلب متشفيات صنعاء باتت تستقبل خمسة أضعاف من كانوا يترددون عليها مقارنة بالعام 2012 بسبب تدفق النازحين الفارين من الصراع وإغلاق المرافق الصحية الأخرى في مناطق عدة .
وفي هذا الصدد يقول الاستاذ في كلية الطب بجامعة صنعاء الدكتور عصام القرودع :” بسبب التوقف عن صرف المرتبات في المستشفيات غادرت المئات من الكوادر الطبية الاجنبية العاصمة صنعاء، كما أمتنع الكثير من الممرضين اليمنيين العمل في المستشفيات الحكومية واتجهو للعمل في ماتبقى من المستشفيات الخاصة ،وهذا الشىء يُـعد من أهم الاسباب التي أدت الى تفاقم معانأة المواطنين من تدن الخدمات في المستشفيات بالعاصمة صنعاء ” ويضيف الدكتور القرودع في حديثه لـ” المشاهد ” : “هناك استهتار بإرواح الناس بسبب الممارسات اللامسؤلة لبعض المسؤلين الصحيين في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات لذا يجب أن تكون هناك مراجعة شاملة للادارة الطبية في تلك المستشفيات وتعيين الشخص المناسب في المكان المناسب بالاظافة الى معالجة العديد من الاختلالات التي يعاني منها القطاع الصحي في صنعاء واليمن بشكل عام.”

فساد على المكشوف :
وفي وزارة الصحة التي تخضع لسيطرت الحوثيين وتتبعها المستشفيات الحكومية في صنعاء ، كان شريكي الانقلاب (الحوثيون والمؤتمريون) قبل مقتل صالح يتبادلون الاتهامات بالفساد والاهمال والتسبب في موت الناس ونهب المساعدات التي تقدم من المنظمات الدولية ،ومن تلك الاتهامات ، اتهام وكيل وزارة الصحة المقال محمد العرجلي لوزير الصحة في حكومة الانقلاب محمد سالم بن حفيظ والمحسوب على المؤتمر ، بأن الاخير قام بتوزيع سيارات صرفت كمساعدات دولية للمستشفيات الحكومية على مقربين منه،وهو مانفاه بن حفيظ ليوجه عقب ذلك اتهامات للعرجلي بالعبث في المال العام وكانت تلك الاتهامات سببا في اغلاق مركز اقليمي للطوارىء الصحية مولته الامم المتحدة في صنعاء .
ويرى مراقبون دوليون أن استمرار عمليات النهب والسلب التي تطال المشافي والمراكزالصحية في العاصمة صنعاء، اضافة الى استمرار العلميات العسكرية في اليمن بشكل عام يضاعف من معاناة المواطنين وفي السياق طالبت الامم المتحدة بتحرك دولي عاجل لإنقاذ اليمن.وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين في كلمة ألقاها أمام مجلس الأمن الدولي أنه من الضروري “اتخاذ إجراءات عاجلة” إزاء الأوضاع في اليمن. ،أما اللجنة الدولية للصليب الأحمرفقد حذرت من أن الوضع الصحي في اليمن «ينذر بكارثة»، مع خروج أكثر من نصف مستشفياتها وعياداتها من الخدمة، وبقاء أقل من النصف فقط مفتوحة.
وبدوره طالب غسان أبو شعر رئيس بعثة أطباء بلا حدود الفرنسية في اليمن ، بفتح المنافذ الجوية والبحرية لدخول المساعدات الإنسانية والعلاجية إلى اليمن.
من جهة اخرى أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيظ عن قلقه ازاء ما أشارت اليه تقارير منظمات دولية على رأسها الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية بشأن تدهور الأوضاع الصحية في اليمن .

[ads1]

مقالات مشابهة