المشاهد نت

بين اللحية والبيرة .. كيف أصبح “اليمن السعيد” غابة سلاح وزوامل؟

المشاهد- صنعاء – علي سالم المعبقي:
رؤية شاب يتنزه مع حبيبته مشهد مألوف في مدن العالم، لكنه في صنعاء، يلفت الانتباه بسبب إضافة بسيطة تتمثل في حمل الشاب سلاحه على كتفه اليمنى وتأبطه فتاته بذراعه اليسرى.
ليست صنعاء وحدها بل المدن اليمنية كلها، تقريباً، صارت غابة سلاح، وغابت مظاهر المدنية المحدودة للبلد الأفقر والأقل استقراراً.
على الرغم من مضي سنتين على تحرير عدن (363 كم) من سيطرة ما يُسمى ميليشيات الحوثيين وصالح الانقلابية، إلا أن السكان ما زالوا ينامون ويستيقظون على أصوات الأعيرة النارية. فالسلاح يباع على الأرصفة إلى جانب الخضار والفاكهة وفق ما يقول لرصيف22، عضو مؤتمر الحوار الوطني فهمي السقاف.
بشرت ثورات الربيع العربي بثقافة سياسية جديدة تقاطعت مع تاريخ الانقلابات العنيفة إلى درجة تخلي رجال قبائل عن سلاحهم وانخراطهم في التظاهرات السلمية، بيد أن انقلاب 21 أيلول (سبتمبر) 2014، أعاد المجتمع اليمني المسلح أصلاً، إلى مرحلة هي الأعنف والأكثر تعصباً، بحسب آراء كثر.
يلفت الروائي والأستاذ الجامعي اليمني المقيم في فرنسا حبيب سروري الى تراجيديا التحولات اليمنية. “فمع كل انقلاب أو حرب أو ثورة، تأتي سلطة أسوأ من سابقتها، ما يعزز نفوذ القوى القبائلية والدينية والديكتاتورية ويقوض الثقافة المدنية”، يقول سروري لرصيف22.
صحيح أن الجماعة اليسارية التي حكمت جنوب اليمن حتى 1990 أطاحت سلطة مشائخ القبائل ورجال الدين، إلّا أنها ضربت أيضاً الطبقة التجارية الناشئة التي تعد الرافعة الاجتماعية للتحديث والدمقرطة.
يصنف اليمن ضمن دول الديموقراطيات الناشئة، إلا أن العصبيات ما انفكت تحكم نخبه ومؤسساته، متخذة من القوانين لافتة، على غرار ما تفعل الجماعات الإرهابية التي ترفع راية لا إله إلا الله لتقتل الأبرياء.
إضافة إلى مصلحة شؤون القبائل المعنية بالإنفاق على شيوخ القبائل، تهيمن القبيلة على السلطة التشريعية والمؤسسة العسكرية بحسب ما بينت دراسة بعنوان “القصر والديوان الدور السياسي للقبيلة في اليمن”.
تفترض وظيفة مجلس النواب حماية الدستور وصون التعايش الوطني، إلا أن المجلس انقسم بين طرفي الصراع. أعضاء قليلون فيه شرعنوا انقلاب الحوثيين وصالح الذي تسبب في إشعال حرب أهلية هي الأسوأ.
أدى الاختراق السياسي للقبيلة إلى تفكك طابعها الهرمي، ما سهل تقويض سلطة الرئيس السابق وعائلة الشيخ الراحل عبدالله الأحمر زعيم قبيلة حاشد التي تعرف بصانعة الرؤساء، بيد أن ذلك لم يقرب القبيلة من العمل المدني، بل أتى بقبيلة جديدة فعلت ما لم تفعله السابقة وفق ما تبين الوقائع.
لازمت ثلاثية القات والسلاح والزوامل مسار صعود جماعة الحوثيين منذ أولى جولات قتالها ضد القوات الحكومية في 2004، حتى لحظة سيطرتها على مؤسسات الدولة ونهب المعسكرات.
لم تكتف الحركة المدعومة من إيران بنشر السلاح والزوامل بين أتباعها وأنصارها، بل حذفت مكتبة الأغاني اليمنية من موقع إذاعة صنعاء على الإنترنت ونشرت محلها تسجيلات للزامل الذي تطلق عليه “فن الفنون”.
وبات الزامل، وهو نشيد حربي قبائلي، جزءاً من خطاب جماعات الإسلام السياسي بشقيه السنّي والشيعي، ويبدو متوافقاً مع تمجيدها العنف والشهادة.
المصدر: رصيف 22

مقالات مشابهة