المشاهد نت

المؤتمر بعد صالح .. الحزب على مفترق الطاولات.

المشاهد-معاذ الحيدري- خاص:

بعد رحيل رئيسه، الرئيس السابق علي عبد الله صالح، يعيش المؤتمر الشعبي العام اليوم اسوأ وأصعب مرحلة على مدى تاريخه السياسي، ومنذ نشأته مطلع ثمانينات القرن الماضي. ولطالما توقع سياسيون ومراقبون، بوقوع المؤتمر في محنة وازمة معقدة، حال رحل عنه زعيمه صالح، ولكن ربما ان المحنة المتوقعة لم تكن بهذا الحجم وبهذا الشكل؛ فظروف رحيل صالح وعن طريق التصفية من قبل أحد حلفائه الاخيرين، وفي ظروف استثنائية، اصاب الحزب بمقتل.

بين عشية وضحاها، وجد المؤتمر نفسه منهارا، وملاحقا ومطاردا، وقيادته يتم الزج بهم في السجون، في حين اخرين تشتتوا بين الهروب والتخفي، وفريق تحت رقابة جماعة أنصار الله وتحت قوة الاملاءات والتوجهات، وفريق ثالث يقبع في عواصم خارجية ومنقسم بين شرعية هادي وبين ولاءات نجل صالح، وهكذا ترك صالح فراغا كبيرا، على مستوى الحزب الذي ظل مستحوذا عليه وعلى كل القرارات السياسية في اطاره، طوال فترة حكمه وبقائه في السلطة.

انقسام وضعف

بعد وفاة صالح توقع الكثيرين انقسام المؤتمر وضعفه، فليس بمقدور شخص سواه جمع هذه الخارطة من الاطراف ومراكز القوى التي لديها من التناقضات أكثر من المشتركات.

وبحسب مراقبين، فصالح فعلياً هو المؤتمر وحضوره الشخصي كان الضامن الوحيد لاستمراره اما الان فسنشهد نسخاً عده منه، او على الاقل مؤتمر ضعيف للغاية من دونه.

يذهب الدكتور عادل الشرجبي، في حديثه عن مستقبل المؤتمر، بالقول: “المؤتمر الشعبي العام تشكل في حضن السلطة، ومعظم قادته هم من الباحثين عن الريع المالي والمناصب الحكومية والامتيازات، وفي ظل الظروف القائمة لن يستطع قادته عقد مؤتمر عام وإعادة تنظيمه، لذلك فأن كثير من أعضاء لجنته العامة ولجنته الدائمة (ولا أتحدث هنا عن الأعضاء العاديين) سيحولون ولائهم للجماعة السياسية التي تفرض سلطتها على المنطقة التي يتواجدون فيها، فمن سيظل في صنعاء سينظم للحوثيين تحت يافطة مقاومة العدوان، والمتواجدين في الخارج ومن يستطيعون الهروب إلى مناطق سيطرة الشرعية سيوالون عبد ربه منصور هادي تحت يافطة مقاومة الانقلاب، وفريق ثالث سيظل صامتاً إلى أن تتغير الظروف”.

عاجزا عن ضبط المسار

وعن هذا الجو لعام، وعن مستقبل الحزب، يقول الناشط اليمني، همدان الحقب في حديثه لـ “المشاهد” في تقديري أن وضع المؤتمر الشعبي العام بعد رحيل صالح سيكون صعبا جدا تحديدا وقد ارتبط نشأته ومن ثم أداؤه وتماسكه بشخص صالح والذي برحيله سيكون الحزب عاجزا عن ضبط مساره وواحدية موقفه فضلا عن أنه سيتعرض للتخاطف بأكثر من طريقة ولصالح أكثر من طرف، فالحوثيون لن يدخروا جهدا في محاولة منهم لاختطافه ترهيبا وترغيبا بإبراز مجموعة من قيادته تدعي أنها المعبر الحصري عنه وكذلك ستفعل الشرعية بينما ستمد دول التحالف يدها لأكبر قدر منه، وهكذا سيكون المؤتمر على المدى المنظور موزعا بين قوى الصراع الفاعلة ولن يكون طرفا واضح المعالم كما كان قبل رحيل رئيسه علي صالح “.

ولكن الاهم الان هو ذلك المتعلق بخيارات الحزب ولملمة هذا التشتت الذي يخضع له على أكثر من مستوى وفي أكثر من منطقة خصوصا في تلك المناطق المنقسمة بين مراكز وسلطات عدة.

يقول الكاتب والصحفي، محمد المقبلي، لـ “المشاهد”: “اعتقد ان حزب المؤتمر كما هو واضح سيذهب نحو خيارين لا ثالث لهم اما الالتئام مع الشرعية بما فيها من قوى سياسية ومن بينها قطاعات مع المؤتمر او سيعزز الانقسام الذي تخلق بفعل الانقلاب”.

صراع على قيادة الحزب حاليا

بعد مرور اسبوع على مقتل صالح، ما زال مصير الحزب مجهولا، وقيادته غير محسومة. ويوما بعد اخر يكبر الصراع على قيادة الحزب، بين “الشرعية” التي باتت الأحق بوراثة صالح، وبين تيار مقرب من نجله الأكبر أحمد، ساعٍ لإبرازه، فضلاً عن القسم المتبقي تحت سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، الساعية بدورها لتنصيب قيادة موالية لها في صنعاء.

وتكشف معلومات عن “صراع محتدم داخل قيادة حزب المؤتمر، تحديداً تلك التي كانت قريبة من صالح أو بقيت على الحياد، وبين قيادة الشرعية، التي ترى أن حزب المؤتمر، يجب أن يمضي، بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، على غرار ما كان قبل مقتل صالح، إذ كان الموالون للشرعية، قد نصبوا قيادة له خارج البلاد، في مقابل فصل الرئيس هادي والموالين له في صنعاء”.

إقرأ أيضاً  كرة القدم و التحصيل العلمي للطلاب

وبحسب معلومات، فإن “قسماً من حزب صالح يسعى لتصعيد نجله الأكبر أحمد، المتواجد في الإمارات، ليقوم بدور سياسي في المرحلة المقبلة، وسط أنباء عن دعم يتمتع به هذا الخيار، من أبو ظبي والرياض، وهو ما ترفضه قيادة الشرعية ربما، وتعبر عنه بشكل او باخر.

بن دغر يحذر

وأمام محاولات الجماعة ابتلاع حزب المؤتمر الشعبي؛ ومحاولات فريق اخر بدفع نجل صالح احمد علي، دعا رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، قيادات الحزب في الداخل والخارج إلى توحيد صفوفهم تحت قيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وقال في منشور على صفحته الرسمية على “فيسبوك”: “سيرتكب المؤتمرون خطأً كبيراً، إنْ قبلوا بتقسيم المؤتمر بعد أن وحدته انتفاضة الرئيس السابق علي عبد الله صالح”.

وأضاف: “كل خطوة نحو تقسيم المؤتمر، هي خطوة أخرى نحو المجهول”، محذراً من “انهيار الحزب بسبب الجهل، والعواطف غير الرشيدة”. كما دعا المؤتمريين للسير على نهج إرادة الرئيس السابق وشهداء الحزب في مواجهة الحوثي، مؤكداً أن “المعركة مع الحوثيين وإيران، وأن من يراها مع هادي فقد جهل وأصابه العمى”، على حد قوله.

وفي السياق نفسه، أمر ابن دغر المحافظين ومسؤولي الجيش والأمن في العاصمة المؤقتة عدن، بتسهيل وصول أعضاء حزب المؤتمر الفارين من بطش الحوثي في صنعاء وعدم الإساءة لهم.
وقال مخاطباً المسؤولين تحت سلطاته: “وجهوا ضباط الأجهزة العسكرية والأمنية بوقف ومنع أي شكل من أشكال الإساءة للنازحين والقادمين من المحافظات الشمالية، لفظية كانت أو احتجازاً أو تأخيراً أو تفتيشاً مذلاً، أياً كانت صفاتهم أو وظائفهم”.

استمرار التجاذبات

وتستمر هذه التجاذبات في وقتٍ بات فيه مصير أغلب قيادات حزب صالح في العاصمة صنعاء مجهولاً، أو تحت الإقامة الجبرية، في ظل أنباء عن سعي الحوثيين إلى إقناع قيادات في صنعاء، بتصعيد قيادة جديدة للحزب، من الموالين لها، أو على الأقل، لا تقف ضدها. وكان الحوثيون، ومن خلال أكثر من تصريح لقيادات في الجماعة، أكدوا أن “معركتهم ليست مع المؤتمر بقدر ما كانت مع صالح”، الذي يصفونه في وسائلهم الإعلامية بـ “زعيم مليشيا الخيانة”.

وفي حديثه مع “المشاهد” يقول عضو المؤتمر الشعبي العام، طلال مشعل الفهيدي: “صالح مات جسديا ولكن روحه وانصاره ومحبيه عائشة وقريبا سوف يكون المؤتمر اقوى ولن يتمزق حسب ما يريد البعض. الامارات حريصة بقوة على وجود حزب المؤتمر وهي الان تسعى لتوحيد الصف وعمل مصالحه سياسية مع حزب الاصلاح ليكونوا قوة ضد جماعة الحوثي الموالي لإيران الديكتاتورية النادرة في العالم وقريبا سوف يسقطون”.

واضاف “المؤتمرين في صنعاء حاليا تحت الترهيب والاكراه ولغة القتل ونعذرهم لان هذه الجماعة لا تفهم بالعمل السياسي واصبحت مكشوفه للجميع. وانا على تأكيد ان المستقبل سوف يكون أفضل عن سابقه صحيح ان صالح كان متسامح معهم ونواياه كانت صادقه تجاههم وهذا ما فقد صالح من توازنه وهم غدارين لا يؤمنون بالعهود والاتفاق ويستغلون التهدئة لتنفيذ رغباتهم الشيطانية، والان هم فقدو غطاء سياسي عليهم داخليا وخارجيا والايام القادمة حبلى بالمفاجئات انشاء الله”.

التفوق السياسي والجماهيري سيغيب في أي انتخابات مستقبلية

يبدو ان وضع المؤتمر ستغير كثيرا في المستقبل وعلى أكثر من صعيد. فالحزب الذي كان يحظى بجماهيرية واسعة، ويحوز على اعلا نسبة في البرلمان، لن يكون بالطبع كذلك الان بعد رحيل صالح ورحيل الحزب عن السلطة وتحكمه بالثروة. فالمعادلة السياسية ستتغير، ومعها ستتغير كثير من المسارات.

على الصعيد المؤسسي، وبحسب محمد المقبلي، “يعيش المؤتمر فراغ كبير خصوصاً ان قوته السياسية والاجتماعية والمالية تركزت بدون صالح ولم يتم خلق مؤسسات فاعلة للحزب لكن كجماهير من الصعب القول ان المؤتمر لن يكون له وزن سياسي لكن مسألة التفوق السياسي او الجماهيري او الانتخابات لم تعد واردة ووفق تقديري ان المعادلة السياسية في اليمن تغيرت بشكل كبير في ثورة الشباب ومنذ الانقلاب تغيرت بشكل أكبر”

[ads1]

مقالات مشابهة