المشاهد نت

قصة الشاب الريفي الذى مات قبل أن يحقق حلمه بالذهب فى محافظة حجة

المشاهد-خاص:

لم يكن الشاب خالد طاهر طارش يعلم وهو يضرب الأرض بمعوله ويزيح أكوام التراب باحثاً عن الذهب في جبال كعيدنة, بمحافظة حجة, أنه يحفر قبره بيديه وأن أحلامه بتحسين وضعه المعيشي والالتحاق بالجامعة ستقوده الى الموت.

خالد الشاب الطموح الذي أكمل دراسته الثانوية العام الماضي رغم انتمائه لأسرة فقيرة بالكاد توفر ادنى احتياجاتها الاساسية, كان يحلم باكمال تعليمه الجامعي لكن الأوضاع المعيشية الصعبة كانت تهدد مستقبله التعليمي بالحرمان.

لم يقف خالد مكبل اليدين أمام الظروف القاسية ولم ﻳﺮﺿﺦ ﻭ ﻳﺴﺘﺴﻠﻢ بل شمّر عن ساعده وقرر أن ينحت من الصخر باباً الى عبور المستقبل واضعاً حلمه نصب عينيه ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻞ ﺍلى مايرنوا اليه لكن الأقدار شائت غير ذلك.

بدأ خالد عمليات البحث عن الذهب أملاً في تحسين وضعه المعيشي البائس, منطلقاً من الروايات التي يتوارثها أبناء المنطقة عن وجود كميات كبيرة من معدن الذهب النفيس في جبال قريته النائية.

ظن خالد أن رحلة البحث عن الذهب ستكون خطوته الأولى في سبيل تحسين ظروفه المعيشية البائسة، وتحقيق حلمه في الالتحاق بالجامعة غير أن ذلك لم يكن سوى انتقال من واقع مرير إلى مصارعة الموت بين الصخور التي حطمت أحلامه.

ولأشهر متواصلة، ظل خالد يدق الصخر بكلتا يديه ويحفر أخدوداً في الجبل دون كلل أو ملل, أملاً بالعثور على حفنة من الذهب تغير حياته الى الأفضل وتمكنه من الالتحاق بالجامعة وتحقيق حلمه الوحيد ليتمكن من إعالة أسرته الفقيرة.

في السادس عشر من سبتمبر الماضي, كان خالد (18 عاماً) ينقب عن الذهب بأسلوب بدائي في جبل الحماريين بميدرية كعيدنة عندما انهارت الحفرة به وطمرته جارفة آماله في تحسين وضعه المعيشي وهي آمال تحدو مئاتاً آخرين في المنطقة ومن بينهم أطفال.

إقرأ أيضاً  دور المرأة اليمنية في مواجهة تغيرات المناخ

موت خالد, دق ناقوساً منبئاً بالخطر الكامن تحت الأرض في تلك المنطقة والذي بات يتربص بشبان صغار السن، يبحثون عن لقمة العيش بين الصخور في مهنة شاقة يحفها الموت من كل جانب.

وبات المئات من الشبان الذين يعملون بشكل يومي في التنقيب عن الذهب مهددون بالموت إختناقاً أو تحت الصخور التي تنهار على أجسامهم، لكن كل هذا لا يمنعهم من الغوص في أعماق مناجم الموت أملاً في تحقيق أحلامهم في الثراء.

وترافق عمليات البحث عن الذهب مخاطر كبيرة حيث يدخل المنقبون دهاليز مظلمة في مغارات البحث والتنقيب عن المعد الثمين ويستخدمون مادة الزئبق السامة في تنقيته من الشوائب، الا أن الفقر وسوء الأوضاع المعيشية يدفعهم الى المخاطرة بأرواحهم.

و تحتضن محافظة حجة (شمال اليمن) ثروات طبيعية ضخمة، ويوجد فيها أكبر منجم للذهب في اليمن، وهو منجم الحارقة بمديرية أفلح الشام والذي قدرت هيئة المساحة الجيولوجية احتياطي الذهب فيه بـ30 مليون طن.

المنجم الذي تم إنشاؤه من قبل شركة “كانتكس” الكندية، في عام 1996م وظلت تعمل فيه حتى اندلاع الحرب بات اليوم مسرحاً لعمليات نهب عشوائية يقوم بها مواطنون ونافذون من أبناء المنطقة.

ويتركز التنقيب اليدوي عن الذهب في مديريات أفلح وكشر وكعيدنة، ويتم في ظروف قاسية، بداية من المناطق الوعرة التي تقل فيها المياه والطرق السالكة، وتشتد فيها حرارة الجو في الصيف بصورة تصيب المواطنين الذين ينقبون عنه بضربات الشمس، بينما تقل حرارة الجو في الشتاء بشكل حاد.

وتشهد مناطق التنقيب عن الذهب في جبال حجة الكثير من المعاناة قد تنتهي بجرامات قليلة من الذهب لكن التجربة تنتهي أحياناً بمرارة، إذ تتحول أماكن التنقيب إلى خيبات أمل عميقة إن لم تتحول في بعض الأحيان إلى مقابر جماعية.

[ads1]

مقالات مشابهة