المشاهد نت

قصة الطفل الذى هز مقتله الشارع اليمني أمس بغارة لطيران التحالف بصنعاء

المشاهد-خاص:

لسنوات عدة، ظل الطفل أمين فيصل وازع (13 عاماً) مستنداً على جدار مكتب رئاسة الجمهورية في حي التحرير وسط العاصمة صنعاء وأمامه ميزانه باحثاً عن زبائن يزنهم مقابل مبلغ مالي بسيط يساعد به أسرته في تأمين لقمة العيش.

أمين الذي ينتمي الى مديرية ماوية بمحافظة تعز، أجبرته ظروف أسرته الصعبة على ترك الدراسة فاستبدل حقيبته المدرسية بميزان يحمله كل صباح بيديه الصغيرتين ليجلس على الرصيف وينادي المارة بصوته الصغير “اوزن بلاش ياعم”

وفي كل الظروف المناخية كان أمين أو “فتى الميزان” كما يطلق عليه يعمل طوال الليل بالنهار متعرضاً لأشعة الشمس الحارقة طوال ساعات النهار ومحاولاً في المساء اتقاء شر البرد القارس بضم يديه على صدره عله يظفر في ظلمة الليل بقيمة وجبة عشاء لأسرته الجائعة.

صباح أمس الإثنين خرج أمين مبكراً كعادته صوب مكتب رئاسة الجمهورية لعله يكسب قليلاً من المال ليوفر قيمة الطعام لأسرته الفقيرة التي يعيلها من هذا الميزان دون أن يعلم إنه سيودع ميزانه والحائط الذي يستند عليه وأسرته وزبائنه الى الأبد.

قتل الطفل الصغير الذي اعتاد المارة وأهل الحي على رؤيته كل يوم جوار حائط مكتب رئاسة الجمهورية صباح أمس بقصف جوي للتحالف استهدف مكتب رئاسة الجمهورية وراح ضحيته تسعة مدنيين ونحو 90 جريحاً من المارة والمتسوقين وطلاب المدراس وفق إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في حكومة مايسمى بالانقاذ.

مات أمين مظلوماً في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل وهو يبحث عما يسد رمقه ورمق أهله من خلفه ليخلف قصة مأساوية وينضم لمئات الأطفال الذين تحملوا أكثر من غيرهم وطأة النزاع في اليمن، وبات المئات منهم في عداد القتلى والمشوهين.

ورحل فتى الميزان إلى ربه ليشكوا له من عالم اختلت فيه موازين القسط ولسان حاله يقول: “قتلوني ودمروا ميزاني بصواريخهم وحرموا أسرتي من بضع ريالات تقيهم شر الجوع ولكن يبقى عدل ميزان رب الناس الذ لايظلم عنده أحد”.

وينتشر أطفال بأعمار مختلفة في شوارع العاصمة صنعاء العامة وأمام المطاعم والمحلات التجارية وهم يحملون موازين في أيديهم ليزنوا المارة مقابل مبالغ زهيدة يساعدون بها أسرهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة جراء الحرب وانقطاع المرتبات.

إقرأ أيضاً  مطابخ خيرية تخفف معاناة الأسر الفقيرة في رمضان

مقتل فتى الميزان ومدنيين آخرين أمس الإثنين بقصف التحالف لحي التحرير الأكثر ازدحاماً سكانياً وتجارياً بالعاصمة صنعاء واستمرار مسلسل استهداف الأحياء السكنية المكتظة بالمدنيين الأبرياء أحدث حالة من الغضب في مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن.

ونشر عشرات الناشطين صوراً لفتى الميزان التقطت له في وقت سابق في منطقة التحرير وسط العاصمة صنعاء التي اعتاد التنقل للعمل فوق أرصفتها ليساعد أسرته في مواجهة شظف العيش الذي ازداد بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام.

ونددوا في مئات التدوينات على مواقع التواصل الإجتماعي باستهداف التحالف للمدنيين في الأحياء السكنية في صنعاء والمدن الأخرى مؤكدين بأن استهداف المدنيين انتهاك للقانون الدولي والإنساني وجريمة كبرى لاتسقط بالتقادم.

ويتجرع أطفال اليمن مرارة الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو ثلاثة أعوام، ولم يعد هناك حتى موطئ قدم يجدون فيه رفاهيتهم، فهم إما ضحايا للقصف الجوي والأرضي والأوبئة الفتاكة أو محاصرون بالجوع والتشرد والنزوح والحرمان.

وكشفت منظمة “اليونيسيف” في منتصف يناير من العام الجاري أن أكثر من 5 آلاف طفل قتلوا أو أصيبوا في اليمن منذ اندلاع الحرب في مارس/آذار 2015، ، فيما يحتاج حوالي 11 مليون طفل يمني إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة.

وفي شهر مارس الماضي أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن مقتل 6100 مدني في اليمن، منهم 1500 طفل، وإصابة حوالي 9600 بجراح منذ السادس والعشرين من مارس/آذار 2015.

وقالت كيت غيلمور نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان إن قصف التحالف الجوي هو السبب الرئيسي لوقوع ضحايا بين المدنيين في اليمن مشيرة الى أنه مسؤول عن أكثر من 61% من كل الضحايا المدنيين.

وسبق أن حذرت كولفيل قوات التحالف العربي في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي من أنه إذا لم تتخذ الاحتياطات اللازمة في حالة بعينها، أو جرى استهداف مدنيين بشكل متعمد، فيمكن من غير ريب اعتبار ذلك “جريمة حرب”.

 

مقالات مشابهة