المشاهد نت

فى صنعاء قبل أيام من دخول شهر رمضان أسواق فارغة وازمة خانقة فى الغاز المنزلى

المشاهد-خاص:

ورق الدفتر الذي تكتب فيه دروسها ، ومقص قصير، هي أدوات تجهزها الطفلة (ساميه المطري)، لصناعة “فانوسها” الافتراضي بامكانياتها المحدودة ، ترحيبا واستعدادا منها لاستقبال شهررمضان المبارك، حيث عجز والدها عن شراء الفانوس الذي كان يضىء منزلها الكائن في حي البليلي،وسط العاصمة صنعاء، فلم تسمح الظروف الاقتصادية السيئة لوالدها أن يشتري الفانوس ولا غيرة من الاحتياجات الضرورية التي اعتادت العائلات الصنعانية على اقتنائها مع بدء العد التنازلي لدخول الشهر الكريم ،خلال فترة ماقبل الحرب ،التي تدخل عامها الرابع دون أن تلوح في الافق بوادر للانفراج .
يقول عارف المطري،والد الطفلة سامية ” كوني أحد الموظفين الحكوميين العاملين في العاصمة صنعاء،تنتابني مشاعر الحسرة عندما تقول لي ابنتي: متى سنخرج يا أبي لشراء احتياجات رمضان ؟ ، وتزداد حسرتي عندما أرى والدتها ، وهي تهمس في اذنتي طفلتنا : أخبريه متى ؟، فأنا لا أعرف الاجابة ، وكيف سأتصرف بنصف المرتب الذي سأستلمة بعد أن امتنع الحوثيين عن تسليمه منذ نحوعام، ويتبجحون ويمنون علينا به ، والحكومة الشرعية لاتصرف مرتباتنا،لأنها تعتقد أنها تعاقبنا كوننا نعيش في مناطق سيطرة الحوثيين.”
،ويشبه المطري وضعه في حديثه لـ”المشاهد “، بالمثل القائل “العين بصيرة واليد قصيرة،فالأسواق التجارية مليئة بمختلف أنوا ع البضائع التجارية ،لكنني لا أستطيع شراء أي شىء ،فلا سيولة مالية نمتلكها ،ولا مصادر دخل بديلة ،يأتي رمضان هذا العام ونحن في أسوأ احوالنا، ولكننا مازلنا ننتظر الفرج من الله وحده .”

تضييق الخناق :
الاسواق التقليدية التي كانت تكتض بالاف الزائرين تكاد اليوم شبه خالية ، حتى المجمعات التجارية ذات الصبغة العصرية ،لم تعد مزدحمة بالمتسوقين الساكنين في العاصمة، أو القادمين من القرى والمناطق المجاورة لصنعاء والمحافظات القريبة منها، حيث فاقمت أزمة انقطاع المرتبات ، وانعدام الغاز ، وارتفاع أجرة المواصلات ،وانهيار العملة المحلية من معاناة المواطنين ، وأصبحت مفردات “الفقر والجوع والقتل والحصاروالغلاء ” حديث الناس اليومي منذ أن سيطرت جماعة الحوثي على مدينة صنعاء العتيقة .
ففي حي مذبح،إحدى الأحياء الفقيرة في العاصمة صنعاء، اعتذرت الحاجه حميدة المحويتي،المشهورة ببيع (اللحوح) عن عدم بيعها (اللحوح) لزبائنها ،لاسباب تتعلق بارتفاع ثمن شراء الذرة والدقيق والقمح،واستمرار أزمة الغاز.
تقول حميدة لـ”المشاهد”،”طالبت عاقل الحارة أن يعتمد لي اسطوانتين غاز إضافيتين،حتى أتمكن من توفير اللحوح لزبائني خلال شهر رمضان ،لكنه رفض،واحالني إلى مشرف أنصار الله في الحارة ،وبدوره الأخير رفض زيادة حصتي من الغاز،رغم شرحي له انني أرملة و أعول أسرة،وأن رمضان فرصة قوية بالنسبة لي ،من أجل تأمين مصدر رزق لي ولاولادي لأشهر قادمة.”
أما ساكني الاحياء الراقية في صنعاء ،فلم تختلف شكاويهم من الغلاء، عن شكاوي ساكني الاحياء الفقيرة والمتوسطة،وهو الامر الذي يعكس مدى السخط الشعبي للاحوال السيئة التي ألت اليه أوضاع الناس بكافة فئاتهم وطبقاتهم منذ الانقلاب الحوثي على الدولة، ومنذ اندلاع عاصفة الحزم ،التي أعلنت الحرب على الحوثيين،
وفي هذا الصدد تشير الباحثة الاجتماعية وفاء عبد الله ، الى أن ” الحرب جعلت الناس غير مستعدين لاستقبال شهر رمضان المبارك ، ليس من الناحية المادية وحسب ، بل حتى من الناحية النفسية، والمعنوية، فلم يعد الصنعانيون يحيون مناسبة “يانفس ماتشتهي ” التي تعني توديع شهر شعبان واستقبال رمضان ، كما جرت العادة .”
وتقول وفاء في حديث لـ”المشاهد”،” منابر المساجد في صنعاء لم تعد تذكر الناس بأيام الشهر الفضيل ، وخطابها أصبح بعيداً عن الواقع الذي من المفترض أن يعيشه الناس ، كما أن الانقطاع الكلي للتيار الكهربائي ساهم أيضاً من عدم تفاعل المواطنين في صنعاء مع الاعلانات والتنويهات للبرامج والمسلسلات التي ستبثها القنوات الفضائية خلال شهر رمضان المبارك هذا العام ، هي بالتأكيد ملاحظات مكملة للمصائب والكوارث التي يعاني منها اليمنيين بشكل عام بسبب الحرب المؤلمة .”

إقرأ أيضاً   الحلويات الصنعانية... عادة رمضانية

حركة بطيئة :
وبحسب حديثهم لـ”ألمشاهد ” يرى عدد من التجار في العاصمة صنعاء ، إن الحركة والاقبال على شراء السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية الرمضانية هذا العام ،لازالت بطيئة ولاول مرة منذ أعوام فائتة ، خصوصا بعد فشل تجربة “البطاقة السلعية ” التي فرضها الحوثيون كإجراء بديل عن العملة النقدية للتخفيف من وطأة أزمة المرتبات والسيولة النقدية ،عباس المجهلي أحد التجار الوكلا لبيع بعض السلع التي يشتريها الناس في رمضان ،هو أيضا يشكو من عدم اقبال الناس على شراء المنتجات والسلع التي يبيعها بالجملة ، لتجار التجزئة ، يقول المجهلي لـ”ألمشاهد “،”لم نعد نبحث عن الربح ، نبحث فقط كيف نستطيع تصريف بضاعتنا ،لسنا نحن فقط بل أغلب التجارلسان حالهم يقول ماقلناه.”
وتشير الاحصائيات الاقتصادية الى أن اليمنيين يكثرون من استهلاك السلع والمواد الغذائية خلال شهر رمضان ، أكثر من أي شهر أخر طوال العام ، لكن أخر الاحصائيات الصادرة عن منظمات دولية أفادت بأن ملايين اليمنيين يعانون اليوم من سوء التغذية الحاد ، وبسبب ذلك وغيره زادت نسبة الوفيات في العام 2017 إلى 200% .

مقالات مشابهة