المشاهد نت

أسواق الملابس في اليمن: أسعار جنونية وركود غير مسبوق

المشاهد-معاذ الحيدري-خاص:

هو عام رابع في اليمن بتوقيت الحرب. ورمضان رابع أعتاد اليمنيون منذ بدايته الخروج إلى الأسواق والبدء بشراء الملابس لأولاهم وأطفالهم، ولكنهم هذه المرة يبدو انهم لن يقومون بشراء أي ملابس جديدة لأطفالهم، فالأزمات تتراكم، والأسعار في لهيب مستمر، والرواتب منقطعة منذ أكثر من عام، والجميع هنا في صنعاء يتحدث عن عدم قدرتهم لتوفير لقمة العيش والغذاء وأسطوانة الغاز وعن الدقيق والرز، فكيف سيكون لهم توفير ملابس جديدة لأولادهم وهم عجزوا عن توفير المتطلبات الأساسية.

رمضان هذا العام يبدو أكثر تعقيدا بحسب سكان صنعاء. الراتب المنقطع عليهم منذ أكثر من عام، أفقد الاسر اليمنية من شراء المواد الغذائية، وكذلك شراء ملابس جديدة، فالأسواق بدت هذا العام خالية من أي حركة للناس الذين كانت الأسواق تعج بهم مع بداية رمضان من كل عام. إضافة الى ذلك أن رمضان جاء وسط سلسلة من الازمات.

مفاجأة الموسم هذا أن التجار يقولون “لا يوجد لدينا ملابس مستوردة من هذا العام فالمستورد ممنوع من الوصول لليمن من الأيام الأولى للحرب من جهة، ومن جهة ثانية ارتفاع سعر الصرف للدولار، يجعل تكاليف الاستيراد مضاعف، وبالتالي تتضاعف أسعار الملابس مرتين، وفي ظل عدم قدرة اليمنيين على الشراء وعدم حصولهم على رواتبهم، سيجعل هذه الملابس في ركود في المحلات ولن يتم بيعها، وهذا هو الواقع، وهو واقع فعلا محزن بكل ما تعنيه الكلمة”.

أسواق الملابس ركود مخيف

يقول عصام القدسي، لـ “المشاهد”: “رمضان رابع يحل على اليمن الذي تعصف به الحرب والأزمات، ارتفاع كبير في اسعار المواد الغذائية، وارتفاع مشابه ومضاعف في أسعار الملابس، فلك أن تتصور هذا الارتفاع الباهظ في أسعار الملابس، في ظل عدم صرف مرتبات للموظفين، إلى جانب الاف من الذين فقدوا مصادر دخلهم، نتيجة توقف الكثير من الاعمال الخاصة، نازحين خارج مدنهم ومنازلهم، على هكذا حال أتى رمضان هذا العام، وسيأتي العيد الذي أعتقد أنه هذه المرة سيفقد ملايين اليمنيين فيه الفرحة بما في ذلك الأطفال الذين يبدو أنهم سيحرمون من الملابس الجديدة”.

ويضيف عصام، وهو صحفي: “تجولت في بعض شوارع العاصمة صنعاء، وزرت الكثير من الاسواق والاماكن التي دائما ما كانت تختنق بالازدحام، وجدتها شبه ميته، معظم المحلات التي كانت ترتص امامها طوابير طويلة من البشر، خصوصا محلات الملابس، لم يعد فيها غير الباعة فقط”.

ركود في الأسبوع الأول من الموسم

“المشاهد” قام بجولة في بعض أسواق صنعاء، حيث أكد تجار يمنيون، أن محال الملابس، تمر بحالة ركود غير مسبوقة هذه المرة، وذلك بسبب ضعف الإقبال على الشراء من قبل اليمنيين.

يقول أحمد راشد الحمادي، تاجر ملابس، في حديثه لـ “المشاهد”: “اذا كنا خلال المواسم الماضية وخلال العام الماضي تحديدا شاهدنا تراجعا كبيرا على شراء الملابس من قبل المواطنين رغم إعلاننا عن تخفيضات قياسية، فكيف بهذا العام الذي ارتفعت فيه أسعار الملابس بسبب ارتفاع الدولار، ونحن نستورد الملابس من الخارج عادة ومن الصين تحديدا، ولذا من الطبيعي تكون الملابس مرتفعة في الاسعار هذا العام وأكثر من أي وقت مضى، ولذا خلال هذا الاسبوع الاول من رمضان لاحظنا ركودا كبيرا للملابس ولا يوجد هناك أي اقبال مقارنة بكل مرة، فالناس يبدو أنهم يمرون في أصعب ظروفهم الاقتصادية وغير قادرين على شراء الملابس”.

إقرأ أيضاً  استعادة زراعة وتصدير البصل في المخا

ويعجز معظم اليمنيين عن شراء كسوة العيد لأطفالهم، على الأقل في ظل أزمة اقتصادية خانقة وصلت معها قدرتهم الشرائية إلى أدنى مستوياتها، بحسب خبراء اقتصاديون. في حين بعض التجار أكدوا، بأن محلات الملابس تواجه شبح الإفلاس، إذ إنها بدأت بتصفية بضائعها وعدم الاستيراد مجدّداً؛ بسبب الركود الذي يشهده سوق الملابس. ومع ذلك فإن أسعار الملابس مرتفعة بالنسبة إلى المواطن، حيث إن التاجر يبرّر ذلك بأنه يضطرّ لدفع الجمارك مرتين. والشاهد على أرض الواقع هو أن الغالبية العظمى من الناس لا يجدون ما يأكلون، فطبيعي أن يكون الملبس بالنسبة إليهم مجرد كمالية لا أكثر.

محال تجارية أغلقت

وفي ظل الحرب، لم يعد سعيد وهو تاجر ملابس، قادرا على دفع إيجارات المحلات ورواتب العمال، في ظل الركود الذي تمر به سوق الملابس والأحذية، وأكد في حديثه لـ “المشاهد” أنه ترك المحلات ونقل بضاعته إلى الشارع، وهو اليوم بائع متجول في شارع هائل.

وقال سعيد لـ “المشاهد”، “لقد أصبحت المحلات عبئاً على التجار، في ظل التكاليف الباهظة وارتفاع الأسعار وتراجع المبيعات، لم أعد قادرا على دفع تكاليف دون أية مبيعات، تمر أيام وأسابيع ولا نبيع شيئاً، لقد أغلقت المحلات وسرحت العمال، وانتقلت للعمل كبائع متجول مع ولدي لأني أريد أن أعيش”.

وأغلقت عشرات المحلات أبوابها منذ بداية الحرب، لكن البعض فتح أبوابه مع حلول شهر رمضان وأعلن عن تخفيضات قياسية، لكن لا زبائن والركود يستمر في ضرب السوق، وفق حمود عبد الله، صاحب أحد المحال التجارية في التحرير بالعاصمة صنعاء.

ارتفاع أسعار الملابس بنسبة 100%

ويرجع خبراء اقتصاديون ضعف الإقبال إلى تأثيرات الحرب وتدهور القدرة الشرائية للمواطن اليمني. ويؤكدون أن أخطر مؤشرات تدهور الاقتصاد تتمثل في تراجع القدرة الشرائية للمواطن بشكل كبير نتيجة الاضطرابات التي يمر بها البلد.

وارتفعت اسعار الملابس هذه المرة بشكل غير متوقع، البعض من الاهالي الذين التقاهم “المشاهد”، أكدوا أن الاسعار تبدو مرتفعة بشكل جنوني، وأنهم غير قادرين على شراء الملابس هذا العام.

وفي حين اكتفى عدد كبير من “المولات” التجارية الخاصّة بالملابس بعرض ماركات قديمة، تتناسب أسعارها مع القدرات الشرائية للمواطن اليمني، تمكّن عدد من تجار الملابس من استيراد ماركات جديدة من الأسواق العالمية، إلّا أن عروض تلك الماركات الحديثة الخاصّة بالأطفال فاقت قدرات الفقراء والميسورين معاً، فمتوسّط أسعارها، خلال الموسم الحالي، ارتفع من 3500 ريال إلى 7000 ريال،

للطفل الواحد، وبنسبة زيادة 100% عن العام 2017.

الجوع والفقر المتزايد نتيجة الحرب سيحرم الكثيرين من الملابس بلا شك

وعن هذا الوضع ومستقبله يقول الناشط السياسي، باسم الحكيمي، لـ “المشاهد”: “يأتي رمضان هذا العام وهو موسم شراء ملابس جديدة لليمنيين في العام ربما ولازالت الحرب في اليمن تتأرجح بين متناقضات داخلية وخارجية تهدد بأمد أطول لمعاناة اليمنيين وويلات تلاحقهم ساعة بساعة ويوم بيوم ويضرب الفقر والمجاعة ما تبقى من شظف العيش لملايين اليمنيين الذين يجدون أنفسهم محاصرون بالحرب والبطالة والفقر وتتهددهم قذائف من السماء واُخرى من الارض، فيما الموظفون في محافظات شمال وغرب البلاد ووسطها للعام الثاني من دون رواتب”.

ويضيف الحكيمي: “يأتي رمضان هذا العام والشارع اليمني غارق في معاناة بعضها فوق بعض إن تحمل السلطات رئاسة وحكومة تبعات هذا الوضع البائس والمأساوي مسؤولية أصيلة وتضامنية”.

مقالات مشابهة