المشاهد نت

حاربوه فى رزقه ليعيش سنتين بلا راتب .. الصحفى الدعيس وقصة الفاقة والخوف والإعتقال

الصحفي الدعيس الذى إعتقلته جماعة الحوثي فى صنعاء

المشاهد-خاص:

لسنوات ثلاث، ظل الصحفي اليمني عبدالسلام الدعيس، يعيش في قلق وترقب دائمين خشية التعرض للاختطاف أو الأذى، بعد تزايد المخاطر والاعتداءات على الصحفيين من قبل جماعة الحوثيين التي صنفت كثاني أكبر جماعة تحتجز الصحفيين في العالم بعد تنظيم داعش.

وكحال الغالبية العظمى من الصحفيين اليمنيين، أصبح الصحفي بوكالة الأنباء اليمنية سبأ عبدالسلام الدعيس، محاربٌ في رزقه وفي حرياته بعد سيطرة الحوثيين على الدولة ونهبهم مقدراتها، في حين زادت أحواله المادية سوءاً جراء انقطاع راتبه منذ قرابة العامين.

وبحسب مقربين من الصحفي الدعيس الذي يعد من الصحفيين الاقتصاديين البارزين في اليمن، تحدثوا “للمشاهد”  فقد كان يعيش وضعاً اقتصادياً صعباً جراء فقدانه لعمله ومصدر رزقه، اضافة الى الضغط النفسي الرهيب والخوف الذي كان يعيشه نتيجة ملاحقته من أجهزة الحوثيين الأمنية.

وعمل الصحفي الدعيس لسنوات محرراً أول للشئون الاقتصادية بوكالة الأنباء اليمنية سبأ، قبل أن ينتقل للعمل مديراً عاماً للاعلام في رئاسة الوزراء منذ 2010م حتى استيلاء الحوثيين على السلطة أواخر 2015م.

وظل الدعيس يتنقل من مكان متخفياً عن الأنظار بعد شعوره بملاحقة الحوثيين له وتزايد انتهاكاتهم ضد زملائه الصحفيين بشكل غير مسبوق والتي تنوعت بين القتل والاعتقال والتعذيب والتهديد والإقصاء والملاحقة وأيضاً سياسة التجويع لإرهاب الصحفيين ومنعهم من فضح جرائمهم بحق المدنيين.

وقضى الدعيس أياماً عصيبة في العاصمة صنعاء بعد عجزه عن مغادرتها خشية الاعتقال في نقاطهم الأمنية المنتشرة في مداخل العاصمة واحساسه بأنه سيكون ضحية جديدة وليست الأخيرة لحرب الحوثيين الممنهجة ضد الصحفيين اليمنيين والتحريض المتواصل ضدهم في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

وبعد شعوره بتزايد الخطر لجأ لمنزل أحد أقاربه في حي شملان بالعاصمة صنعاء، وامتنع عن مغادرة المكان خشية الاعتقال لكنه لم يسلم من بطش أجهزة مسلحي جماعة الحوثي الأمنية التي أصرت على استنساخ أساليب القمع الوحشية وعودة ممارسات تكميم الأفواه واستهداف الصحفيين.

واختطف الحوثيون ظهر يوم الثلاثاء الصحفي الدعيس بعد أن داهم خمسة مسلحين منزل قريبه في حي شملان بصنعاء وصادروا هاتفه المحمول وجهاز الكمبيوتر الخاص به واقتادوه إلى مكان مجهول دون إبداء أي أسباب، فيما لا يعرف أحد مصيره حتى اللحظه.

وجاء اعتقال الدعيس بعد نحو أسبوع من اعتقال جهاز الأمن القومي التابع للحوثيين للصحفي الرياضي عباد الجرادي، المسؤول الاعلامي بنادي وحدة صنعاء من أمام مقر النادي أثناء ذهابه لتغطية أحد الأنشطة الرياضية الصيفية كما اعتقلت الجماعة الصحفي البعيصي فى مدينة الحديدة لتفرج عنه لاحقا .

وأدانت وكالة سبأ الرسمية اعتقال جماعة الحوثيين للصحفي الدعيس مؤكدة في بيان أن مثل هذه التصرفات القمعية ضد الصحافة والإعلام لن تزيد الجميع الا إصرارا على مواجهة إرهاب هذه الجماعة الهمجية.

وحملت الوكالة الحكومية جماعة الحوثي المسئولية الكاملة عن سلامة الصحفي الدعيس .. داعية نقابة الصحفيين والاتحاد الدولي للصحفيين للضغط على جماعة الحوثي لإطلاق سراحه ومنحه الرعاية الصحية اللازمة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يعتقل فيها الحوثيون صحفيين ويمارسون ضدهم أبشع الانتهاكات، إلا أن ما يبدو لافتاً هذه المرة اعتقالهم لصحفيين اثنين خلال اسبوع واحد ضمن حملة اعتقالات تعسفية كبيرة تهدف لتكميم الأفواة ولجم ألسن أرباب الكلمة والقلم وأصحاب الرأي.

إقرأ أيضاً  غرق "روبيمار" يهدد ثروة اليمن السمكية  

حادثة الدعيس واحدة من أصل عشرات الوقائع التي يتعرض لها العاملون في الصحافة باليمن، في حين سجلت حوادث أخرى حالات مأساوية منها القتل والاصابات الجسدية في محاولة مستمرة من الحوثيين لطمس الحقائق وإرهاب الرأي العام حيث تم اعتقال8 صحفيين خلال هذا الاسبوع والاسبوع الماضي فى حملة كبيرة تطال الصحفيين فى المحافظات الواقعة تحت سيطرة الجماعة.

وأدخل الحوثيون الصحفيين في أتون حربهم منذ نحو ثلاثة أعوام، وبات الصحفيون يعتقلون ويخطفون ويعذبون ويقتلون بأبشع الصور، ويستخدمون دروعاً بشرية، كما حدث للصحفيين عبدالله قابل ويوسف العيزري في جبل هران بذمار عام 2015.

وشهدت الساحة اليمنية العديد من الانتهاكات على الإعلام والإعلاميين والصحفيين، جعلت العمل الصحفي في اليمن مغامرة خطرة، قد تنتهي بصاحبها في السجن، أو الموت جراء التعذيب كحال الصحفي أنور الركن الذي أفرج عنه الحوثيون مؤخراً بعد عام من الاعتقال والتعذيب وتوفي بعد أقل من 48 ساعة بعد أن تدهورت حالته الصحية.

ويمارس الصحفيون الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين عملهم بصمت وبأسماء مستعارة خشية التعرض للاختطاف أو الأذى والقمع من قبل الحوثيين فيما اضطر كثير من الصحفيين لمغادرة صنعاء، وترك أعمالهم في وسائل الإعلام الرسمية والحزبية والأهلية، كما غادر البعض الآخر إلى خارج البلد خوفاً من الملاحقة والاعتقال.

وأكد تقرير حديث صادر عن مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي (غير حكومي) في مايو الماضي أن أكثر من 400 صحفي يمني علي الأقل شردتهم الحرب واضطروا للانتقال الي مناطق اخرى سواء داخل اليمن او الى الخارج حفاظا علي حياتهم وهروباً من الملاحقات والانتهاكات.

وذكر المركز في تقرير له بعنوان (الصحفيون اليمنيون … 3 أوام من التشرد والنزوح) “أن حالة التشرد والتهجير القسري التي تعرض لها الصحفيين اليمنيين في المرحلة الراهنة تعد الأكبر في تاريخ اليمن”.

وسلط التقرير الذي استهدف 726 صحفياً مسجلين رسمياً بنقابة الصحفيين اليمنيين الضوء على حجم التشرد التي تعرض له الصحفيين اليمنيين جراء الحرب اسواء في الانتقال داخل المدن اليمنية بحثا عن الامان او باللجوء الى الخارج مجبرين على التشرد والنزوح في مدن ودول اخرى”.

وأوضح التقرير أن العاصمة صنعاء كانت المنطقة الاكثر طردا للصحفيين نظرا لحجم الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون بنسبة 86 بالمائة من اجمالي عدد الصحفيين المشردين داخل اليمن وخارجها، تلتها محافظة تعز بنسبة 5 بالمائة ومحافظة عدن 3 بالمائة ثم الحديدة بنسبة 2 بالمائة ومحافظة حضرموت بنسبة 1 بالمائة من اجمالي عدد الصحفيين المشردين.

وشهدت اليمن أسوأ مرحلة في تاريخ الصحافة في البلاد،
منذ استيلاء الحوثيين على السلطة حيث قتل 22 صحفياً على يد الحوثيين عن طريق القنص واستخدامهم دروعاً بشرية والقصف العشوائي والقتل بالسم فيما بلغ عدد الصحفيين الذين تعرضوا للاختطاف 141 صحفياً، منهم 14 صحفياً تعرضوا لجريمة الإخفاء القسري وفقاً لتقارير حقوقية.

مقالات مشابهة