المشاهد نت

الغش في الامتحانات…هكذا يدمر التعليم في اليمن.

المشاهد-فخر العزب-خاص:
شهدت امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية في اليمن انقساما ناتجا عن سيطرة الحكومة الشرعية على عدد من المحافظات وسيطرة جماعة الحوثي على محافظات أخرى، وهو ما جعل الامتحانات تدار عن طريق وزارتي التربية والتعليم التابعة لكل طرف، لكن الامتحانات في مناطق الطرفين ورغم الاختلاف في نماذج الامتحانات وجدول اجرائها إلا أنها توحدت في حجم الغش المهول وغير المسبوق والذي يعد من مظاهر الكارثة التي يشهدها قطاع التعليم في اليمن.
تعز التي كانت المحافظة الأولى على الدوام في مستوى التحصيل العلمي من بين كل محافظات الجمهورية شهدت أيضا حالة من الانهيار في العملية التعليمية، من خلال ظاهرة الغش والتي باتت تتم برعاية وإشراف الكادر التربوي وبدعم من المجتمع الذي تخلى عن دوره المجتمعي الرقابي وبات المحرض الأول على ظاهر الغش.
دور المجتمع السلبي تجلى من خلال قيام والد إحدى الطالبات المتقدمات لنيل الشهادة الثانوية بقتل المنشد الشاب هارون التميمي الذي تطوع للمراقبة في مدرسة 26 سبتمبر بمديرية المعافر وذلك في الــ 16 من يوليو الجاري، حيث حاول والد الطالبة إدخال غش لابنته، وحين تم منعه من ذلك ذهب لإحضار السلاح، وتوجيه طلقة نارية إلى صدر الشاب “هارون” وأرداه قتيلا على الفور.
وتنوعت وسائل الغش هذا العام، بين استخدام الكتب والهواتف النقالة والحصول على نماذج إجابات جاهزة وصولا إلى انتحال شخصيات، في حين انتشرت ظاهرة اقتحام المراكز الامتحان بقوة السلاح من أجل فرض الغش، غير أن المسؤولية لا تقع على الطالب وذويه بل أيضا على التربويين الذين يسهلون عملية الغش ويشاركون فيها، أو في التغاضي عن مرتكبيها بحسب تربويين.
وكشفت رسالة رسمية من مدير إدارة التربية بمديرية الشمايتين إلى مدير مكتب التربية بمحافظة تعز حصل “المشاهد” على نسخة منها، تفيد بنقل أحد مراكز الامتحان بمنطقة المقارمة بسبب اختلالات العملية الاختبارية للعام الماضي 2016 – 2017 وانتحال شخصيات لعدد عشرين طالب بالمرحلة الأساسية والثانوية ووجود محاضر بذلك.
وتفيد الرسالة عينها أنه تم ممارسة الانتحال بحالات جديدة وبالقوة وقد تم الابلاغ بوقته بحرمان الطلاب في جميع المواد الدراسية إلا اننا، فوجئنا هذا العام بأن الطلاب الذين أثبت بحقهم عملية الانتحال بأنهم نزلوا هذا العام مكملين ولم يتم حرمانهم من جميع المواد بحسب القانون.
وأكدت مصادر لـ”المشاهد” أن عددا من الطلاب المتواجدين في السعودية من أبناء مديرية جبل حبشي دفعوا لرئيس إحدى لجان الامتحان مبالغ مالية تقدر بألف ريال سعودي للطالب الواحد مقابل تعبئة دفاترهم بالإجابات وتسجيلهم في كشوفات الطلاب الذين أدوا الامتحانات بعد انتحال شخصياتهم من قبل آخرين، مشيرة إلى أن هذا الأمر لا يختلف عما يحصل في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، حيث تم تأدية الامتحانات بدلا عن الطلاب المتواجدين في جبهات القتال في صفوف مسلحي جماعة الحوثي.
ويقول التربوي عبدالسلام محمد غالب لــ”المشاهد” عن عدد من المخالفات التي يتحملها مكتب التربية والتعليم بالمحافظة وأبرزها تمكين غير التربويين من القيام بعملية الملاحظة في الامتحانات وهو ما جعلها تتحول إلى فوضى، ووسيلة للاسترزاق والمتاجرة، بالإضافة إلى أن عدد من رؤساء المراكز رفضوا قرارات تغييرهم، بعد أن تم اكتشاف تساهلهم مع الطلاب وتمكينهم من الغش.
وأثرت الحرب على مسار التعليم في اليمن من خلال فرض القوة والنفوذ لفرض ظاهرة الغش التي صار يتشارك فيها الطالب والمدرس والجهات الحكومية على حد سواء، إذ انتشرت في السنوات الأخيرة مشاهد دخول الطلاب وذويهم إلى قاعات الامتحانات بالسلاح وهو المشهد الذي صار اعتياديا لدى اليمنيين.
التربوي عبدالسلام حسان كشف لــ”المشاهد” عن وجود سياسة تدمير ممنهج للعملية التعليمية في مناطق سيطرة جماعة الحوثي والحكومة الشرعية على حد سواء، حيث تحولت لجان الامتحان إلى وسيلة استرزاق للمراقبين ورؤساء اللجان الذين يجمعون مبالغ مالية من الطلاب، مقابل السماح لهم بالغش، ومنحهم نماذج إجابات جاهزة يقوم الطالب فقط بتعبئتها إلى دفتر الإجابات
وتظل المراهنة على الدور المجتمعي بالدرجة الأولى بمحاربة ظاهرة الغش، وكذلك على دور الحكومة في وضع آليات وبرامج خاصة من شأنها القضاء على ظاهرة الغش وتجريمها وإعادة الاعتبار للعملية التعليمية من أجل بناء جيل يراهن عليه في بناء مستقبل البلد الذي دمرته الحرب.

مقالات مشابهة