المشاهد نت

الضنك في تعز وباء سنوي يفتك بالناس

تعز – أحلام عبدالملك:
يترقب الأربعيني عبدالحكيم قاسم، بفارغ الصبر، تعافي زوجته واثنين من أطفاله، من وباء حمى الضنك الذي أصابهم قبل بضعة أيام، لكن نقص الأدوية في المشفى الذي يرقدون فيه، ضاعف من تدهور وضعهم الصحي، وفق إفادته لـ”المشاهد”، مؤكداً أنه لم يفقد الأمل بعد، رغم تسبب الحمى بوفاة أشخاص في المدينة خلال النصف الأول من العام الجاري، ومن حالات الوفاة، نتيجة لذلك، راما السقاف (18 عاماً) التي باغتها الوباء، مودياً بحياتها، قبل أن تحتفل بنتيجتها للشهادة الثانوية العامة، التي أعلنت منتصف الأسبوع الماضي.
ويؤكد مدير مكتب وزارة الصحة العامة والسكان في محافظة تعز، عبدالرحيم السامعي، أنهم سجلوا أكثر من 1300 حالة، خلال النصف الأول من هذا العام، إضافة إلى 214 حالة تم رصدها في مستشفيي الثورة والسويدي، خلال 10 أيام فقط، مشيراً إلى أنه تم تسجيل 162 حالة حمى ضنك جديدة خلال 24 ساعة، وسط المدينة فقط.
ويشير مصدر طبي في هيئة مستشفى الثورة العام بمدينة تعز، إلى أن المشفى يستقبل ما بين 25 و30 إصابة بحمى الضنك يومياً، فيما بلغ عدد الوفيات 4 حالات.
راما ليست آخر الضحايا، مع تزايد معدلات الإصابة بالمرض، خاصة أن الأرقام لا تكشف عن حقيقة الوضع، فهناك حالات كثيرة غير مسجلة في مستشفيات المدينة.
وانتشر مرض حمى الضنك بشكل كبير، منذ قرابة أسبوعين، في ظل تدهور القطاع الصحي في محافظة تعز التي تشهد حصاراً خانقاً من قبل مسلحي جماعة الحوثي، منذ أكثر من 3 أعوام، علماً أن المحافظة من أكثر المحافظات كثافة سكانية، إذ يقدر تعدادها السكاني بـ3 ملايين نسمة، وفق آخر إحصاء سكاني نفذه الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط والتعاون الدولي، عام 2004.
وتنتقل حمى الضنك التي تجتاح محافظة تعز، إلى الإنسان عن طريق البعوض المنتشر بكثافة في الكثير من مناطق المحافظة، ولاسيما المناطق التي تفيض فيها مياه الصرف الصحي (المجاري)، كما هو الحال في حي الضبوعة الذي تسكن فيه عائلة قاسم، كما يقول، مضيفاً أن القمامة تتكدس في الحي، ويعمل الأهالي على إحراقها بين وقت وآخر.
ويقول قاسم إن المواطنين يلجؤون للعلاج بطرق بسيطة، وذلك باستخدام أوراق بعض الأشجار، وشرب الحمضيات بشكل كبير، خاصة مع عدم قدرة البعض على شراء الأدوية التي ارتفع ثمنها بشكل كبير.
وفي سياق متصل، أكد محمد المخلافي، أحد العالمين في صيدليات المدينة، لـ”المشاهد”، أن ارتفاع أعداد حالات الإصابة أدى إلى عدم توفر الأدوية، وأن هناك صعوبات في الحصول على المستلزمات الطبية المطلوبة خلال وقت قصير، بسبب الأوضاع العامة التي تعاني منها المدينة المحاصرة.
وتتطور أعراض المرض، إلى الإصابة بالحمى النزفية في حال تأخر علاج المصابين، الأمر الذي يؤدي إلى مضاعفات كبيرة، منها نقص حاد في الصفائح الدموية، التي قد تتسبب بالوفاة، كما حدث مع الفتاة راما.
وتزداد أعداد الإصابة بحمى الضنك في محافظة مع فصل الصيف الذي يمتاز بجو حار، ومواسم سقوط الأمطار.
وأسهم انتشار وتكدس القمامة ومجاري الصرف الصحي في شوارع المدينة، في زيادة انتشار البعوض المسبب لحمى الضنك، خاصة مع عدم قيام الجهات المعنية بردم مناطق تجمع المياه، وفق تأكيد مصادر طبية.
وفي ظل صمت الجهات المعنية، وعدم مواجهتها الوباء منذ بداية انتشاره في المحافظة، وذلك بتنفيذ عمليات الرش لقتل البعوض الناقل للمرض، أدى ذلك إلى تفاقم الوضع وارتفاع نسبة الإصابة بالحُمى.
واقتصرت عمليات الرش على بعض المناطق فقط، وبشكل غير يومي، وظلت متوقفة في مناطق أخرى، رغم زيادة حالات الإصابة.
ويندر عمل المنظمات المختلفة المعنية بالجانب الصحي بمحافظة تعز، بشكل ملحوظ، وذلك بسبب الأوضاع الأمنية الصعبة التي تعاني منها المدينة، إضافة إلى الحصار المفروض عليها.

إقرأ أيضاً  الأسر المنتجة تسعد الفقراء في العيد

واشتكى مصابون من عدم استقبال بعض المستشفيات الحكومية لهم، لكن المختصين يعيدون ذلك إلى نقص الأمصال والمحاليل الوريدية لديهم.
وقال مدير مكتب الصحة بمحافظة تعز عبدالرحيم السامعي، إنه تم افتتاح قسم الباطنية بالمستشفى الجمهوري الحكومي، وخصصه المركز الرئيسي لاستقبال تلك الحالات.
وتذكر الجهات الصحية بالمحافظة، أنها لا تحصل على دعم حكومي، ولا دعم من المنظمات التي غالباً ما تسهم باحتواء مثل تلك الأوبئة.

وتحتل حمى الضنك المرتبة الثانية بعد الملاريا، ضمن أسباب الحمى التي يشخص بها المسافرون العائدون من البلدان النامية. كما تتواصل جهود العلماء في هذا الإطار، إذ قال باحثون صينيون إنهم اقتربوا من تطوير لقاح تجريبي ضد فيروس حمى الضنك، قادر على تحفيز الاستجابة المناعية الخلوية، وتوفير حماية فعالة من المرض.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن حمى الضنك تصيب نحو 390 مليون شخص سنوياً، وتقتل أكثر من 22 ألف شخص حول العالم سنوياً، أغلبهم من الأطفال، ويظهر المرض في المناطق المدارية وتحت المدارية في قارات أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا، ومن الممكن أن يهدد المرض 2.5 مليار نسمة.

مقالات مشابهة