المشاهد نت

الصدمات النفسية.. الوجه الآخر للحرب في اليمن.

صنعاء-محمد عبده الحسني:

تعاني سامية جمال النجار (29عاما) من فوبيا شديدة، وكرب ما بعد الصدمة، منذ إصابتها بصدمة نفسية، عقب غارة لطيران التحالف العربي على جبل نقم في مارس/آذار 2015، تسببت بوفاة طفلها البكر البالغ (أربعة أشهر) من العمر، ووالدتها وفق تأكيد زوجها محمد قائد لـ”المشاهد”، والذي قال إن زوجته لم تستطع النوم، بعد إصابتها بحالة نفسية سيئة، رغم أنها تذهب للعلاج في مستشفى الأمل للأمراض النفسية والعصبية بصنعاء، وهو ما يفعله سليمان محمد 27 عاما (اسم مستعار بناء على طلبه)، بعد إصابته بانفصام في الشخصية، مصحوب باكتئاب، وقلق شديدان عقب فقدانه لزوجته، التي قتلت بقصف متبادل لطرفي النزاع في اليمن في مديرية نهم شمال العاصمة صنعاء أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2017.
سامية وسليمان اثنان من خمسة ملايين و455 ألفا و347 حالة من 28 مليون نسمة، هم قوام سكان اليمن، تعرضوا لتبعات نفسية وعصبية ناتجة عن الحرب في اليمن بحسب دراسة أجرتها مؤسسة التنمية والإرشاد النفسي في اليمن في أكتوبر/تشرين الأول 2017.

يمنيون في مراكز الطب النفسي

الصدمات النفسية.. الوجه الآخر للحرب في اليمن.
انفوجرافيك يوضح الآثار النفسية للحرب في اليمن

وبؤكد الدكتور سامي الشرعبي مدير مستشفى الأمل للأمراض النفسية والعصبية بصنعاء. المستشفى الوحيد الذي يعمل في مجال الصحة النفسية بالعاصمة صنعاء، لـ”المشاهد” أن المستشفى يستقبل 100 حالة يوميا.

وأظهر مسح ميداني أجرته منظمة يمن لإغاثة الأطفال أن 31% من الأطفال أصيبوا بأعراض جسدية كالصداع والإرهاق وآلام الصدر، وهو ما أعتبره الباحثون، مؤشر على الإصابة بأمراض نفسية.
ويعاني47% من اضطرابات النوم، و24% لديهم صعوبة في التركيز و17% يعانون من نوبات هلع، ويعاني 5% من الأطفال من التبول اللاإرادي وفقا لمسح المنظمة ذاته، موضحا أن أطفال محافظات “صنعاء، تعز، عدن، وأبين” أكثر إصابة بالخوف وانعدام الأمن والقلق والاكتئاب.

وتقول الدكتورة أزهار أحمد القدسي أخصائية نفسية إن هناك اقبالا شديدا على عيادات ومستشفيات العلاج النفسي، بالرغم من الثقافة السائدة التي تطغى على المجتمع، وإن نسبة الأطفال والشباب المصابين بأمراض نفسية ارتفع بسبب أحداث متعلقة بالحرب، مؤكدة لـ”المشاهد” أن الاعداد والأرقام المسجلة غالبا ما تكون للحالات التي ترتاد مراكز العلاج النفسي، أو الخاضعة للمسح الميداني، وهناك حالات كثيرة لم لا تخضع للعلاج النفسي، بسبب ثقافة العيب، أو لعدم وجود مراكز للعلاج النفسي في أغلب محافظات الجمهورية.

الحرب سبب رئيسي

وارجعت دراسة أعدها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، بالتعاون مع عيادة حقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة كولمبيا ومدرسة ميلمان للصحة العامة السبب في زيادة حالات الاصابة بالأمراض النفسية في اليمن إلى الحرب، كونها المتغير الوحيد الذي طرأ على البلاد خلال الفترة الأخيرة والتي أدت الى نزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص من منازلهم أي ما يقارب 11% من مجموع السكان، إضافة إلى تدهور الأوضاع المعيشية للسكان، بعد انقطاع الرواتب، وضمن هذه الحالات إصابة بعض المقاتلين الذين شاركوا في الحرب والمعارك الميدانية.
وأشارت الدراسة أن النزاع الدائر في اليمن والتعرض المتكرر للعنف وانعدام الأمن على نطاق واسع ونقص الأغذية والأمراض والفقر المتفشي والمتسارع وصولا إلى تحطم الروابط الاجتماعية، وانعدام الخدمات الاجتماعية الإنسانية شكلت بمجملها ضغوطا هائلة على اليمنيين مما يفاقم بشدة من تدهور الصحة النفسية على أوسع نطاق.

ويقول الدكتور الشرعبي إن الأحداث التي أعقبت العام 2014 شكلت نقطة تحول بالنسبة للصحة النفسية في اليمن خصوصاً بعد اندلاع الحرب المستعرة منذ أربع سنوات، مضيفا أن الحالات النفسية التي استقبلها المستشفى خلال فترة الحرب ارتفعت إلى 200% وفقا لسجلات مستشفى الأمل وبعض العيادات الخاصة، وغالبية المصابين، هم ممن فقدوا أسرهم ووظائفهم بسبب الحرب.

نظام صحي كارثي

وخلفت الحرب المندلعة منذ أربعة أعوام آثاراً كارثية على النظام الصحي في اليمن والذي كان يصارع أساساً قبل الأزمة الراهنة فيما يشهد قطاع الصحة النفسية والعلاج النفسي تدهورا كبيرا.
وبينت دراسة أعدها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، بالتعاون مع عيادة حقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة كولمبيا ومدرسة ميلمان للصحة العامة، أن هناك إهمال في قطاع الصحة النفسية باليمن، من قبل السلطات المحلية والمجتمع الدولي، رغم أن الإنسان اليمني البالغ من العمر 25 عاما قد عاش بالفعل 14 نزاعا مسلحا متفاوت التأثير على حياته.

ووفقا لمسح ميداني أجرته منظمة الصحة العالمية في يناير/كانون الثاني 2016، فإن هناك 3.507 منشأة صحية في اليمن لا تتوفر فيها الخدمات المتعلقة بالأمراض النفسية، موضحا أن هناك نقص كبير في عدد الأطباء النفسيين في اليمن منذ بداية النزاع، علما أن عدد الأطباء النفسيين في اليمن 40 طبيبا نفسيا فقط، بما يعادل طبيب واحد لكل نصف مليون يمني.

مقالات مشابهة