المشاهد نت

مليون و500 ألف دولار تخسرها اليمن شهرياً جراء تهريب المكالمات الدولية

صنعاء- محمد عبده الحسني:

عندما تصلك مكالمة دولية من رقم محلي تأكد أن المكالمة مهربة وأن هناك عصابة خفية تزداد ارصدتها من قيمة المكالمات والدولة تخسر.

في ظل الانفلات الأمني، لم تعد المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية وشركات الاتصالات الخاصة في اليمن، في مأمن من قراصنة تمرير المكالمات الدولية.

أزمة جديدة من نوعها تكبد الاقتصاد اليمني خسائر فادحة في مجال الاتصالات الدولية، يلجأ إليها العشرات بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وارتفاع أسعار المكالمات الدولية، وتجد في المواطن البسيط ذي الدخل المحدود فريسة لها.

مليون و500 ألف دولار تخسرها اليمن شهرياً جراء تهريب المكالمات الدولية
االمشاهد -انفوجرافيك – يوضح تهريب المكالمات وخسائر اليمن

تنتشر الظاهرة، وبشكل موسع، في المدن الرئيسة، وتستخدم تقنيات حديثة يصعب كشفها من قبل الجهات المعنية، ويدار بعضها من دول أخرى.
أكثر من 50 ألف دولار يومياً، ومليون دقيقة دولية، تخسرها شركة الاتصالات اليمنية، بسبب تهريب أو تمرير المكالمات الدولية.

 تحايل وقرصنة

 

يتحدث أسعد عبد الله – والاسم هنا مستعار- أحد أبناء أمانة العاصمة، أسبوعياً، وعبر شبكة اتصالات محلية، إلى إحدى الدول الخليجية، وبتكلفة تصل إلى 500 ريال لكل نصف ساعة من الاتصال، وتخفيض يصل إلى 80%. أسعد والعشرات من أبناء الأمانة والمحافظات الأخرى، يلجؤون في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والانفلات الأمني، إلى تمرير مكالمتهم عبر أشخاص وعصابات تمتهن تهريب المكالمات الدولية، وتكبد الدولة خسائر اقتصادية فادحة.

إبراهيم حسان، أحد أبناء محافظة إب، هو الآخر يستخدم منذ العام 2013 شبكة اتصالات غير مشروعة، لتنفيذ مكالمات إلى دول عربية وأخرى أجنبية، وتصل أسعار تلك المكالمات إلى 20 ريالاً للدقيقة، وبتخفيض يصل -حسب قوله- إلى 90% عن الاتصال الرسمي المعتاد. ويعلل حسان سبب استخدامه لهذه الطريقة، بالرغم من معرفته بعدم قانونيتها، بالظروف الاقتصادية، وارتفاع أسعار المكالمات الدولية من قبل شركات الاتصالات اليمنية، مما جعل استخدام المكالمات المهربة أمراً مستساغاً.
يتحدث عادل جمال، أحد العاملين في شركة الاتصالات اليمنية بعدن، باستفاضة، عن تمرير المكالمات الدولية وتهريبها، والتحايل والقرصنة على شركات الاتصالات المحلية بقطاعيها الخاص والعام. يقول إن لكل دولة شبكتها وموجاتها وبروتوكولاتها الخاصة بالاتصالات الدولية، وتمرير المكالمات أو تهريبها يعني تحايل شركات وعصابات وقراصنة على هذه البروتوكولات والشبكات عن طريق وصلات وأجهزة خاصة تعمل من خلال الإنترنت أو خطوط الهاتف الأرضي، وعن طريق الاستعانة ببطائق اتصال (شرائح) وخطوط هاتفية وهمية أو مزورة الهوية يتم التلاعب بالبروتوكولات والبوابات الرسمية، وبالتالي تهريب المكالمات دولياً.
أرقام الظاهرة بدأت في العام 1998 بتهريب 200 ألف دقيقة يومياً، لتصل في العام 2003 إلى أكثر من مليون دقيقة يومياً.

وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات لم تكشف عن هذه الظاهرة إلا في 2010، عند القبض على شبكة تهريب للمكالمات الدولية في حي السنينة بأمانة العاصمة صنعاء. الشبكة اعترفت، ووفقاً للمضبوطات، باستخدامها 12 جهاز سوتشات ودوترات الموجودة في السوق اليمني بدون أدنى رقابة.

إقرأ أيضاً  محطات تعبئة المياه... استغلال ضعف الرقابة 

وتستخدم أجهزة مثل الـcall roter والـVOIP والـVSAT والـlink… وأجهزة أخرى متوفرة في السوق اليمني، في عمليات تمرير وتهريب المكالمات الدولية.

خسائر فادحة

 

وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات قدمت في يونيو العام الماضي، عرضاً متكاملاً إلى مجلس الوزراء، بيّن حجم الخسائر التي لحقت بقطاع الاتصالات في اليمن، بسبب تمرير المكالمات الدولية. كما بين التقرير أن عدد الدقائق المهربة بلغ 466 مليون دقيقة، بقيمة 44 مليون دولار، خلال العام 2016، ومليون ونصف المليون دقيقة يومية، بقيمة 86 مليون دولار، خلال العام 2017.

 

وكشف التقرير طرق تمرير المكالمات الدولية وتهريبها، والخسائر الفادحة التي تلحق بالاقتصاد الوطني، بعد أن ارتفعت نسبة المكالمات والخسائر خلال الفترة 2009-2014، إلى 76 مليار ريال، حسب وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات. مجلس الوزراء وافق على لائحة مقدمة من الوزارة، تحدد العقوبات والمخالفات والغرامات الخاصة بقطاع الاتصالات، ومنها تمرير المكالمات المهربة.

 دول تأوي مهربي المكالمات !

 

محمد مثنى أحمد، المهندس في شركة الاتصالات اليمنية، تحدث أن تهريب المكالمات الدولية نشط خلال فترة الحرب في اليمن، وشكلت الاختلالات الأمنية فرصة خصبة لعصابات التهريب في توسعة نشاطها والإخلال بنظام الاتصالات الدولية في اليمن. وبين مثنى ارتفاعاً في نشاط هذه العصابات في محافظات أمانة العاصمة وإب وعدن، خلال فترة الحرب.
وأرجع السبب في ذلك إلى الانفلات الأمني، وضعف عملية الرقابة في المحافظات المذكورة، بالإضافة إلى عدم وجود أجهزة وتقنيات لدى شركات الاتصالات تكشف هذه الظاهرة.

وعن الدول المتورطة في عمليات تهريب المكالمات، يقول مثنى: إن الأجهزة الأمنية في صنعاء وعدن وبعض المحافظات، كشفت تورط عصابات تعمل في دول كالسودان والمملكة العربية السعودية ولبنان وإيران، في عمليات التمرير. وأضاف أن هذه العصابات ما هي إلا جزء بسيط من مافيا عالمية توجد في أغلب دول العالم، وتعمل أغلبها بشكل منظم ووفق هياكل تشبه كثيراً الهياكل التنظيمية للمؤسسات، وهذا ما جعل كشفها والسيطرة عليها أمراً صعباً للغاية.
شركة الاتصالات اليمنية (تليمن) عجزت عن القضاء على هذه الظاهرة والحد منها، خصوصاً بعد دخول شركات الهاتف النقال في مجال الاتصالات الدولية، واعتماد أغلب مهربي المكالمات على تمرير مكالماتهم من خلال الهاتف النقال، عوضاً عن صعوبة احتواء السيرفرات والبروتوكولات لارتباطها بالإنترنت.

 

وكانت وزارة الاتصالات والأجهزة الأمنية في أمانة العاصمة ومحافظات عدن والبيضاء وإب، أعلنت، خلال الفترة الماضية، القبض على 104 أشخاص متهمين بتهريب المكالمات الدولية، ليصبح عدد العصابات المتهمة بتهريب المكالمات، والتي تم القبض عليها، 13عصابة.

مقالات مشابهة