المشاهد نت

علي الشرعبي.. المبشّر بالدولة المدنية في قبضة الحوثيين

صنعاء – صلاح الدين نضال:
لم تكتف جماعة الحوثي باختطاف الناشط السياسي علي الشرعبي، بل تعدى الأمر إلى تلفيق تهم كيدية له، كتهمةالتخابر مع ما يسمى “العدوان” (السعودي – الإماراتي)، وهي التهم الجاهزة لكل منتقد لسياسة جماعة الحوثي وتصرفاتها، منذ اجتياحهم للعاصمة صنعاء في الـ21 من سبتمبر 2014، وانقلابهم على السلطة الشرعية في البلاد.
وكان مسلحون تابعون لجماعة الحوثي قد اختطفوا الناشط الشرعبي، الثلاثاء قبل الماضي، أثناء عودته إلى منزله في منطقة السنينة (غرب صنعاء)، على خلفية منشوراته في مواقع التواصل الاجتماعي، التي تنتقد سياسة الجماعة، الأمر الذي أثار استنكار الوسط الحقوقي وناشطي المجتمع المدني، كونها جريمة طالت أحد النشطاء السلميين، الحالمين بدولة مدنية حديثة.
خمسة أيام قضاها الشرعبي في قسم شرطة منطقة السنينة، قبل نقله إلى البحث الجنائي، وبعدها نقل إلى جهاز الأمن السياسي (المخابرات)، وبعدها تم إعداد لائحة اتهامات بحقه، تضمنت تهماً كيدية. وكان رد الشرعبي عليها، دفاعاً عن نفسه، أنه لم يقترف ما يخالف القانون والدستور، حسب تأكيد أحد أقاربه لـ”المشاهد”.
ويخشى حقوقيون من تعرض الشرعبي لانتهاكات في سجن الأمن السياسي ، بعد تعرضه للترويع والتهديد أثناء احتجازه في سجن قسم شرطة السنينة والبحث الجنائي بأمانة العاصمة ، كما يحدث للمخفيين قسرياً في سجون جماعة الحوثي، أو سجون الإمارات في عدن والحكومة الشرعية في مأرب.
ويؤكد “التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان” (تحالف رصد)، وهومنظمة غير حكومية، في تقريره عن الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري الذي تم استعراضه على هامش انعقاد الدورة الـ39 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، مطلع هذا الأسبوع، أن عدد السياسيين والناشطين الحزبيين المعتقلين والمخفيين قسراً، هو 230 منبين 1354 معتقلاً ومخفياً قسرياً في كل المدن اليمنية، خلال النصف الأول من العام 2018، موضحاً أن جماعة الحوثي تصدرت قائمة المنتهكين بعملية الاعتقال والإخفاء القسري.
وانتقد الشرعبي سياسة جماعة الحوثي، بالكلمة والرأي والموقف السياسي المعلن، منذ انقلابها على السلطة الشرعية، من دون خشية، فهو “واضح في مواقفه منذ عرف العمل السياسي”، كما يقول رفاقه.
يقول أحد أقربائه (طلب عدم ذكر اسمه) لـ”المشاهد”: إن جريمة الشرعبي الوحيدة هي إعلان موقفه بجرأة من دون خشية، فكان موقفه من جماعة الحوثي واضحاً منذ انقلابها على السلطة الشرعية، وفي الفترات السابقة كان معارضاً قوياً لنظام الرئيس السابق صالح، مضيفاً أن الشرعبي كان صديقاًللصحافيين والحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني والسياسيين، وأصدقاؤههم من مختلف مدن اليمن.
الشرعبي الذي يعيش وضعاً مادياً صعباً، نتيجة توقف راتبه في وزارة الخدمة المدنية، الخاضعة لسيطرة الحوثيين،يعيلثمانية أولاد، منهم 5 بنات و3 أبناء، وعانى كغيره من الموظفين الذين توقفت رواتبهم، الأمر الذي جعله يترك سكنه الأول، بعد تراكم عجزه عن دفع إيجار شقته، وانتقل إلى منزل آخر قبل شهور، مع استمرار معاناته في دفع إيجار المنزل الجديد.
وتضاف جريمة اختطاف الشرعبي إلى قائمة الانتهاكات الكبيرة، التي تتعرضلها حرية التعبير في اليمن، إذ اختطفت جماعة الحوثي مئات الناشطين في اليمن خلال فترة الحرب الدائرة منذ سبتمبر 2014.
يقول الصحافي زكريا الحسامي: “إن اعتقال الناشط السياسي الشرعبي، من قبل جماعة الحوثي، يضاف إلى سجل الجماعة الأسود تجاه كل الخصوم، من الناشطين السياسيين والحقوقيين والصحافيين، المخالفين لها في الرأي والتوجه”، مضيفاً لـ”المشاهد”: “إناستمرار هذه الجماعة بممارسة الاعتقال والتنكيل بالناشطين السياسيين المتواجدين في مناطق سيطرتها من دونأية تهمة، وبطريقة مخالفة للنظام والقانون، دليل واضح على نهجها القمعي”.
ويعد الشرعبي من أبرز الناشطين السياسيين الذين شاركوا في ثورة 11 فبراير 2011، ومن المنادين بمشروع الدولة المدنية عبر النضال السلمي، حسب الحسامي.
وأسس الشرعبي، الذي ينتمي سياسياً إلى التنظيم الشعبي الناصري، مع عدد من الشباب القوميين واليساريين والمستقلين، “تكتل المستقبل”، الذي كان أحد المكونات المدنية الحاملة لمشروع الدولة المدنية الحديثة. وكانت رؤية الشرعبي حينها أن اليمن بحاجة لدولة مدنية حديثة تبنى على قاعدة الديموقراطية المحققة للمساواة والشراكة، والتي تعكس التنوع الثقافي للشعب اليمني. لكن هذا لم يتحقق في ثورة 11 فبراير، لأن الثورة انتهت إلى حكومة وفاق وطني بين المعارضة وسلطة صالح، بناء على المبادرة الخليجية، التي تعد عملاً توفيقياً لإعادة بناء السلطة داخل الكتلة التاريخية الحاكمة، والراعية للفساد، الأمر الذي لم يعبر عن أهداف الثورة الشبابية الشعبية، التي انتهى بها المطاف إلى انقلاب، صار الشرعبي أحد ضحاياه اليوم.
وتبقى قضية المعتقل السياسي الشرعبي عنواناً لمستوى التعسف الذي يطال النشطاء السياسيين والكتاب والصحافيين، في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، الأمر الذي يدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل المنظمات الدولية الحقوقية، لإيقاف السياسة الممنهجة بحق أصحاب الرأي في اليمن.
ودعا الحسامي كافة المنظمات المحلية والدولية إلى ممارسة مزيد من الضغط لإطلاق المعتقلين في سجون كافة الأطراف المتصارعة باليمن، محملاً جماعة الحوثي مسؤولية ما تعرض له الشرعبي في سجن البحث الجنائي، وحالياً في سجن الأمن السياسي بصنعاء.

مقالات مشابهة