المشاهد نت

بسبب غارات التحالف ” حجة ” تخسر موسم العسل

حجة – خالد الحميري:

 

يسيطر الخوف على مربي النحل محمد معروف خشية ان يتكبد خسائر مالية جديدة مع اقتراب موعد، بدء موسم جني عسل السدر، إذا لم تنتج خلايا النحل التي يملكها نصف الكمية التي أنتجتها العام الماضي قبل أن يحل الدمار والخراب في مزرعته في مديرية حيران بمحافظة حجة (شمال اليمن) إثر غارات جوية للتحالف العربي، دمرت 80 خلية نحل وسيارته “الهيلوكس” التي اشتراها بمبلغ 60 ألف ريال سعودي بشكل كامل.

ويقول معروف الذي يعمل في مهنة تربية النحل وجني العسل منذ نحو 15 عاماً لـ “المشاهد”: منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من ثلاثة أعوام لم تعد مهنة جني العسل تجدي نفعاً، بسبب القصف الجوي الذي يستهدف خلايا النحل بين الحين والآخر، مضيفا أن الحرب خلفت دماراً واسعاً في مزارع النحل، جراء الغارات المتكررة التي تستهدف المناحل والشاحنات التي تحملها من منطقة الى أخرى خاصة في المديريات الحدودية بمحافظة حجة الغنية بأشجار السدر التي يتغذى النحل على أزهارها، منتجا عسل السدر الشهير.
ويعرف عسل السدر بلونه الداكن وجودته العالية، فهو من أغلى أنواع العسل وأشهرها في اليمن، لكنه يميل إلى اللون الأحمر الغامق عند تخزينه لمدة عامين، مع الاحتفاظ بجودته العالية.

استهداف مباشر

تعرض مربو النحل خلال السنوات الثلاث الماضية لضربتين قويتين، الأولى بضربات طيران التحالف لخلايا النحل المنتجة للعسل، والثانية نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد وضعف الطلب، وتأثر حركة التنقل بين المحافظات.
وبحسب تقرير صادر عن وزارة الزراعة في حكومة ما يسمى بالإنقاذ الوطني التابعة لجماعة الحوثي، منتصف أكتوبر 2016، فإن القصف الجوي دمر 35 منحل عسل و 41 ألفاً و 848 خلية نحل تم استهدافها وهي محمولة على وسائل النقل.

وفي محافظتي حجة وصعدة، (شمال اليمن) تعرض النحالون للاستهداف المباشر، في حين تحولت مناطق رئيسية لإنتاج العسل في مديرياتها الحدودية إلى مناطق عسكرية لا يمكن الاقتراب منها، الأمر الذي أثر سلبا على حركة النحالين الذين ينتقلون من منطقة إلى أخرى بحثاً عن الغطاء النباتي الملائم لإنتاج عسل السدر، وبعد انتهاء الموسم ينقلون النحل إلى منطقة أخرى، بحثا عن موسم أخر لإنتاج نوع آخر من العسل بحسب النبات المتوفر فيها.

ويقول معروف الذي ينتمي إلى مديرية القناوص شمال الحديدة، إن إنتاج العسل تراجع على نحو كبير خصوصاً في المحافظات الشمالية (صعدة وحجة وعمران) نتيجة الاستهداف المتكرر ونزوح الكثير من أصحاب مزارع النحل، إضافة إلى توقف تصديره إلى السعودية بعد إغلاق منفذ الطوال الحدودي الرابط بين اليمن والسعودية.

ويضطر الكثير من مربي النحل في محافظتي الحديدة وحجة، إلى نقل الخلايا الى المديريات الحدودية مع السعودية بمحافظة حجة، كون المراعي الملائمة للنحل، متوفرة فيها بشكل جيد، رغم ما يحيط بهذا الأمر من مخاطر جمّة على حياة النحالين وممتلكاتهم.
ويقول المزارع، عمر سالم، من مديرية بني قيس بمحافظة حجة، لـ”المشاهد” إن نقص المراعي اضطره للتوجه بعشرات خلايا النحل التي يمتلكها، إلى المناطق المحاذية لمديرية ميدي على بعد كيلومتر من الحدود مع السعودية.

إقرأ أيضاً  نساء يكسرنّ احتكار الرجال ويمارسنّ «حياكة المعاوز»

ويضيف: “لم تمهلني الطائرات من الوصول إلى المنطقة، إذ استهدفت الطائرة الشاحنة التي كانت تحمل خلايا النحل في منطقة بني حسن التابعة لمديرية عبس ونجوت بأعجوبة فيما أصيب سائق الشاحنة في الحادثة”.

انخفاض إنتاج العسل

انخفض إنتاج العسل إلى ما دون النصف، نتيجة الحرب التي ألحقت به ضررا بالغا وفق ما جاء في تقرير للرابطة التعاونية للنحالين اليمنيين.
وتشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الرابطة، أن عدد طوائف النحل في اليمن 1.3 مليون طائفة، يعمل عليها أكثر من 90 ألف نحال، تنتج 2700 طن من العسل سنوياً.

ويقول الدكتور في كلية الزراعة بجامعة صنعاء ورئيس اتحاد النحالين اليمنيين عبد الله ناشر، أن قطاع النحل والعسل في اليمن تعرض لأضرار مباشرة وغير مباشرة نتيجة الحرب تتلخص الأولى في القصف الجوي والبري الذي تتعرض له المناحل منذ اندلاع الحرب، والأضرار الغير مباشرة و تتمثل بصعوبة التنقل وارتفاع كلفته، إضافة إلى الصعوبات الناجمة عن منع المزارعين من الاقتراب من بعض المناطق التي تحولت إلى مناطق عسكرية وارتفاع أسعار المشتقات النفطية وانهيار العملة.

ويضيف لـ”المشاهد” أن أشد الأضرار خطورة على تربية النحل وإنتاج العسل هو تعرض المراعي إلى تدمير كبير جراء الاحتطاب الجائر للأشجار المعمرة كشجرتي السلام والسمر بسبب شحة مادة الغاز المنزلي وارتفاع أسعاره حيث تعد هذه الأشجار المراعي النحلية الرئيسية في اليمن.

ضعف القوة الشرائية

وألقت الحرب المشتعلة منذ أربعة أعوام بظلالها على تجارة العسل التي تعاني من الكساد في محلات البيع بالمدن اليمنية بحسب مختار عاصم صاحب محل لبيع العسل بالعاصمة صنعاء، مؤكدا لـ”المشاهد” أن تكدس العسل بالأسواق سببه الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي خلفتها الحرب وتوقفت معها عملية التصدير، إضافة إلى تأثر حركة التنقل بين المحافظات.
ويضيف عاصم لـ”المشاهد” أن الحرب أثرت بشكل كبير على تجارة العسل من ناحية الإنتاج والتصدير والقوة الشرائية، خاصة بعد انقطاع المرتبات منذ أكثر من عامين.
ويشير إلى أن العسل لم يلقى رواجاً في اليمن كما كان في السابق، بسبب عدم قدرة المواطنين على توفير احتياجاتهم الأساسية، موضحاً أن المواطنين أصبحوا لا يفكرون في ظل هذه الأوضاع المأساوية الا برغيف الخبز.

وتسبب توقف التصدير العسل اليمني إلى خارج البلاد بسبب الحرب وإغلاق معظم المنافذ البرية بخسائر كبيرة للنحالين خصوصاً المعتمدين على الأسواق الخارجية بحسب الدكتور ناشر.

مقالات مشابهة