المشاهد نت

“شباب فوق السلطة” يقود ثورة الجياع بتعز.

تعز: أحلام عبدالملك:

تداول اليمنيين لصور الأطفال الذين يفتك بهم الجوع على وسائل التواصل الاجتماعي، لم يمهل المتسببين بما آل إليه الوضع في البلد، كثيراً، بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل غير مسبوق.
الرد جاء سريعاً، هذه المرة، من قبل الشارع اليمن، إذ شهدت عدد من المحافظات اليمنية احتجاجات واسعة وعصياناً مدنياً، بينها (تعز، عدن، وحضرموت)، في محاولة لتغيير الواقع الذي بات يهدد حياة مئات الآلاف من اليمنيين بالجوع والمرض.
وتواصلت الاحتجاجات والعصيان المدني بتعز، لليوم الثالث على التوالي، تنديداً باستمرار تدهور العملة، وصمت الحكومة عن تقديم حلول تنقذ الاقتصاد المنهار.
ورفع المتظاهرون شعارات مناوئة للحكومة والتحالف العربي، بعد زيادة معاناة المواطنين الذين يعيشون في ظل أسوأ الأزمات الاقتصادية التي مرت بها اليمن منذ عقود.
وتجاوز سعر الدولار الواحد 750 ريالاً يمنياً، ولم يكن يتجاوز سعره 215 عشية الحرب على اليمن.
ويستورد اليمن حوالي 80% من احتياجاته من الخارج، وهو ما يعني صعوبة حصول المواطن على متطلباته في ظل ارتفاع الأسعار، وتوقف صادرات النفط والغاز، في بلد يعتمد في ميزانيته بشكل كبير على إيراداته من الذهب الأسود.
وتشير الإحصائيات إلى أن 3.5 مليون شخص مرشحون قريباً للحاق بثمانية ملايين آخرين يواجهون بالفعل خطر المجاعة، في بلد يحتاج أكثر من 80% من سكانه إلى مساعدات إنسانية.
وكانت أحزاب التحالف الوطني لمساندة ودعم الشرعية في محافظة تعز، شددت على ضرورة إيجاد مخارج لانهيار العملة الوطنية وارتفاع الأسعار في البلاد.
وطالب “شباب فوق السلطة”، الذين دعوا لمظاهرة حاشدة، الخميس الفائت، بمشاركة آلاف المدنيين بتعز، باستكمال تحرير تعز، وتشكيل حكومة طوارئ تعمل وفق خطة تقشفية.
ودعوا، في بيان صادر عنهم، إلى ضرورة إعادة فتح جميع الموانئ والمطارات المغلقة من قِبل التحالف العربي، واستئناف عملية تصدير النفط والغاز، فضلاً عن إعادة تنظيم وتفعيل المؤسسات الإيرادية والإنتاجية، وتسهيل المعاملات أمام المستثمرين والتجار، إضافة إلى إعادة النظر في خطة الاستجابة الإنسانية، وتسليم رواتب الموظفين مع وضع التسويات العادلة، وتطبيق قانون الأجور اليمني، واستكمال بناء مؤسستي الجيش والأمن.
كما شددوا، في بيانهم، على ضرورة إلغاء القرارات التعسفية بحق المغتربين اليمنيين في السعودية، مؤكدين على سيادة اليمن، والتعامل الرسمي من قبل دول التحالف العربي مع مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، مطالبين المجتمع الدولي بضرورة العمل الجاد لإنقاذ الشعب، وإلزام التحالف بالقوانين الدولية تجاه المواطن اليمني.
وتلعب مدينة تعز دوراً بارزاً في تحريك الشارع اليمني، من خلال الاحتجاجات السلمية، وإحداث تغيير كبير في مختلف المجالات، كما حدث في ثورة 2011، ويتكرر اليوم.
ويؤكد داود الوهباني، أحد المشاركين في “شباب فوق السلطة”، أن ثورة الجياع ستستمر، ولن تتوقف، طالما استمر الجوع، واستمر تدهور الريال اليمني، ولم يتم عمل معالجات لإيقاف ذلك.
ويقول الوهباني لـ”المشاهد” إن الاحتجاجات والمسيرات ستستمر حتى تحقيق مطالب المتظاهرين. مُراهناً على الشارع التعزي الذي قال إنه يملك القرار.
ولفت إلى أن المحلات التجارية ستعود للعمل، وهم ضد أية ممارسة تخريبية، وضد أي اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، كونها جزءاً من هذا الشعب الجائع.
ويرى الصحفي والكاتب عمار زعبل، أن صوت المظاهرات في تعز، وغيرها من المدن والمحافظات اليمنية، يجب أن يصل إلى كل دول العالم، ولا بد أن تواكب بتغطية إعلامية لإيصال معاناة الناس المكلومين ليس على اقتصادهم المتهاوي، بل على بلدهم الذي أصبح غنيمة تتقاسمه الفوضى وغياب الدولة، وتنامي الجماعات المسلحة.
وأضاف لـ”المشاهد”: هناك أسباب للأزمة الاقتصادية التي وصلنا إليها، الكل يعلمها، وإن حاولت النخب اليمنية، الهروب من التوصيف الحقيقي لها. وهذه المظاهرات تريد مواقف واضحة من كل الأطراف، سواء في التحالف العربي، أو الحكومة الشرعية، أو الأمم المتحدة التي تقف موقف المتفرج على ما يحدث في اليمن حتى الآن.
الأزمة لا تحتاج لتهدئة، أو إيقاف تدهور العملة، وحلول إسعافية فقط، بل تحتاج لحلول جذرية، ومنها تحرير المدينة، وإنهاء الانقلاب، وعودة مؤسسات الدولة، وخاصة ميناء المخا، شريان تعز الحيوي، وتصدير النفط، وهو ما يريد الشارع المتظاهر في تعز إيصاله للجميع، بحسب زعبل، متابعاً بالقول: “الأصوات تطالب بإيقاف الفساد الذي يراد له أن يستمر من قبل أطراف، في وقت يفتك الجوع باليمنيين”.
ويتهم المتظاهرون في تعز، مسؤولين حكوميين وجماعة الحوثي، ودولاً في التحالف العربي، بالتسبب بالأزمة الاقتصادية، لتحقيق أجندة خاصة، وهو ما يعني إعاقة استكمال استعادة الدولة المنهوبة.

مقالات مشابهة