المشاهد نت

الاعتقال التعسفي والتعذيب الوحشي يفقد الفضلي صحته

عدن – هويدا الفضلي :

ما زال الخمسيني محمد الفضلي يتذكر آلام عامين من التعذيب في أحد سجون الحوثي بمحافظة ذمار (جنوب صنعاء)، دون تهمة تذكر، كما هو حال المخفيين قسراً في سجون الجماعة في مناطق سيطرتها، وسجون الإمارات في مناطق سيطرة الشرعية.
واعتقل الفضلي في مارس 2015، في إحدى نقاط مسلحي جماعة الحوثي، عند سفره من مدينته عدن إلى العاصمة صنعاء، تحت مبرر أنهم وجدوا رسائل على تطبيق “واتساب” في هاتفه الشخصي، لا تتماشى مع توجهاتهم، وهذا أمر غير صحيح، بحسب روايته لـ”المشاهد”، واصفاً أن ما حدث له كان مروعاً.
الفضلي الذي اعتاد السفر من عدن إلى صنعاء، قبل ذلك التاريخ، لم تستوقفه أية نقطة أمنية على طول الطريق، كما يقول، والذي يتابع ما حدث له لحظة الاعتقال: “أوقف مسلحو النقطة سيارة الأجرة التي كانت تقلنا، وطلبوا منا بطائقنا الشخصية، ولم يعترضوا على أحد سواي، إذ طلب مني أحدهم النزول من السيارة، دون الرد على سؤالي، عن سبب إيقافي، واكتفى بالقول: “تفاهم مع المشرف”. بعدها أوصلني إلى غرفة المشرف الذي يطلقون عليه أبو علاء، القريبة من النقطة، وعلى الفور تم التحقيق معي لمدة ساعتين، بعدها حملوني فوق طقم عسكري، وعصبوا على عيني، وساروا بي في جو بارد إلى السجن”.

الاعتقال التعسفي والتعذيب الوحشي يفقد الفضلي صحته
المعتقل محمد الفضلي

ويواصل حديثه: كنت أريد أن اخبر أهلي فقط، بما حدث لي، ولكني لم أستطع، فقد تم أخذ هاتفي الذي كانت محتوياته سبباً في تعزيز قناعة المحقق الحوثي، أني ضدهم، من خلال رسائل في “واتساب”.
وتشير آخر إحصائية رصدتها رابطة أمهات المختطفين، إلى أن عدد المخفيين قسراً 721 في مناطق سيطرة جماعة الحوثي المسلحة، وفي محافظة عدن الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، بلغ عدد المخفيين قسراً 30 شخصاً، وفي محافظة الحديدة 142، تم نقل العشرات منهم دون علم عائلاتهم إلى مناطق أخرى غير معلومة أيضاً، وفي محافظة تعز 185 مخفياً قسراً.
وأكدت مصادر أن الحوثيين حولوا مدارس ومنازل وقلاعاً تاريخية إلى سجون سرية يمارس فيها التعذيب ضد المعتقلين، بمن فيهم الأطفال والنساء، كما أن الآلاف من المعتقلين والمختطفين لا تعلم عوائلهم أماكن اعتقالهم، وهم لا يعلمون بالأساس هل ذووهم على قيد الحياة أم لا، مما يمثل تعذيباً نفسياً يضاف لعوائل المعتقلين.
وشهد النزاع في اليمن، تصعيداً مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس 2015، بعدما تمكن الحوثيون من السيطرة على مناطق واسعة في اليمن.
وخلّف النزاع اليمني أكثر من 8600 قتيل، وأكثر من 58 ألف جريح، فيما تسبب داء الكوليرا بمقتل 2100 شخص آخرين، وتسبّب بأزمة إنسانية حادة، بحسب منظمة الصحة العالمية.
الفضلي الذي يعول أسرة مكونة من 5 أشخاص، أصيب بمرض السكري ومشاكل في العمود الفقري، جراء تعرضه للتعذيب الشديد لمدة عامين، فيما ظلت أسرته محرومة من أدنى مقومات العيش، كونه عائلها الوحيد، ناهيك عن القلق الذي أفقدهم الأمل بإمكانية عودته إليهم.
ويقول إن الحوثيين استخدموا معه ومع كافة المعتقلين أسوأ أنواع التعذيب النفسي والبدني، ويتمثل التعذيب النفسي بالحديث بكلام جارح، ونعتهم وسبهم بألفاظ سيئة، مضيفاً أن الزنزانة التي مكث فيها لا تصلح للعيش أبداً، فهي مليئة بالقذارة.
وتقول الناشطة في المجال الحقوقي والإنساني، آثار مصطفى، لـ”المشاهد”، إن أوضاع السجناء صعبة جداً، فواقعهم غير طبيعي، وعندما يخرجون من السجن يعانون من أمراض نفسية نتيجة التعذيب النفسي والجسدي.
وتضيف أن المادة1 من قانون العقوبات اليمني، تتص على أنه يعتبر كل عمل من أعمال الاختفاء القسري جريمة ضد الكرامة الإنسانية، ويدان بوصفه إنكاراً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكاً خطيراً وصارخاً لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأعادت تأكيدها وطورتها الصكوك الدولية الصادرة في هذا الشأن.
لكن الفضلي لا يؤمن بتطبيق القانون في أوضاع غير طبيعية تعيشها البلاد، الأمر الذي جعله يتخذ قرار الالتحاق بجبهات القتال التابعة للقوات الحكومية، ليعيد لنفسه وكرامته الاعتبار الذي حاول الحوثيون سلبه منه، كما يقول.

مقالات مشابهة