المشاهد نت

اسرار اقالة بن دغر، تضع الحكومة الجديدة أمام تحديات كبيرة

صنعاء – معاذ الحيدري:

يتطلع اليمنيون بلهفة إلى ما يمكن أن تقدمه الحكومة الجديدة، برئاسة معين عبد الملك سعيد، الذي عين، خلفاً لأحمد عبيد بن دغر، بعد إطاحة الرئيس عبدربه منصور هادي، به، وإحالته للتحقيق.
وتضمن قرار إقالة بن دغر، حزمة من الأسباب التي دفعت الرئيس هادي إلى إعفائه من رئاسة الحكومة، وعلى رأس تلك الأسباب، “الإهمال الذي رافق أداء الحكومة خلال الفترة الماضية، في المجالات الاقتصادية والخدمية، وتعثر الأداء الحكومي في تخفيف معاناة الشعب وحلحلة مشكلاته وتوفير احتياجاته، وعدم قدرتها على اتخاذ إجراءات حقيقية لوقف التدهور الاقتصادي في البلد، وفشلها في مواجهة إعصار “لبان” الذي ضرب محافظة المهرة (شرق البلاد)، في الـ15 من أكتوبر الجاري.
لكن مصادر في الشرعية اليمنية، أكدت لـ”المشاهد” أن قرار الإطاحة بـ”أحمد عبيد بن دغر”، والتعديلات التي جرت في الحكومة، كان لها أسباب أخرى، غير تلك التي ذكرها الرئيس هادي في مضمون القرار، علماً أن التغيير جاء نتيجة وساطة سعودية بين هادي والإمارات، بشأن تهدئة التصعيد الأخير من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي، انتهت إلى تغيير بن دغر، وتعيين عبد الملك بدلاً عنه. ويبدو أن الضغوط الإماراتية لعبت دوراً في تشكيل حكومة جديدة.
وذهب البعض إلى تفسير إحالة بن دغر للتحقيق التي تضمنها قرار الإقالة، إلى وجود عداء شخصي ربما بين بن دغر، وبين الرئيس هادي، لأن الأسباب التي وردت في قرار الإطاحة لم تكن مقنعة لدى كثيرين، إذ إن الفساد كان مرتبطاً بهذه الحكومة منذ وقت مبكر، وليس من اليوم.
مصادر سياسية في الرياض، كشفت لـ”المشاهد”، عن وجود “عداء وحساسيات فعلاً بين أحمد عبيد بن دغر، وبين الرئيس عبدربه منصور هادي.
وقالت إن بن دغر بدأ يفكر مؤخراً في تقديم نفسه للمجتمع الدولي والإقليمي أنه البديل ورجل المرحلة القادمة، على اعتبار أن الرئيس هادي لن يستمر طويلاً في الحكم، وفي حال أية تسوية سياسية قادمة سيكون مصيره المغادرة ونقل السلطة إلى نائب توافقي، وهذه من النقاط التي تجعل كل من حول الرئيس هادي يفكر بها ويطمح للصعود بدلاً عنه”. هذا السبب، طبقاً لمصادر “المشاهد”، دفع بهادي إلى الموافقة على الإطاحة بالرجل.
وكشفت المصادر أن الرئيس هادي وصل إليه، ما كان يطرحه بن دغر ضد هادي، في بعض اللقاءات التي كانت تتم بينه وبين مسؤولين ودبلوماسيين غربيين.
وقال مصدر حكومي سابق في حكومة باسندوة، إن أحمد عبيد بن دغر، ظل يعمل ضد الرئيس هادي، في تلك الفترة، من خلال دس السم بين حكومة باسندوة وبين الرئيس هادي، علماً أن الرئيس السابق صالح أقدم، في تلك الفترة، على إقالة هادي من المؤتمر الشعبي العام، وتعيين أحمد عبيد بن دغر نائباً لرئيس المؤتمر، إلى جانب مساعي بن دغر بتقديم نفسه في إطار المؤتمر الشعبي العام، متجاوزاً هادي بهذه الخطوة، ناهيك عن تورط بن دغر في فساد مالي وإداري كبير، إضافة إلى أن الرجل ضعيف، ولم يتمكن من إقناع أعضاء حكومته بالعودة إلى عدن.
وذهبت المصادر الخاصة في حديثها لـ”المشاهد”، إلى أن الأجواء توفرت لهادي، فضرب عدة عصافير بحجر واحد، وعمل على إقالة بن دغر.
وكشفت مصادر خاصة لـ”المشاهد”، أن إقالة الرئيس هادي لـ”بن دغر”، كانت استباقاً لفرض خالد محفوظ بحاح عليه، فقرر ووافق على الإطاحة بالحكومة وتعيين رئيس جديد لها من محافظة تعز.
وأراد هادي، من خلال ذلك، إيصال رسالة لـ”الانتقالي”، في قدرته على فرض رأيه وإرادته في تعيين من يريد ومن خارج مربع المجلس الانتقالي، وحتى لا يظهر هادي ذليلاً، فقد كان اختيار معين عبد الملك سعيد من خارج الانتقالي ومن خارج الجنوب، رسالة واضحة، بحسب المصادر.
وتقول مصادر إن قرار هادي بإقالة بن دغر وتعيين معين من محافظة شمالية، جاء استباقاً لانعقاد البرلمان الذي من المقرر أن يعقد في الرياض، لاختيار رئيس للبرلمان، مؤكدة أن اسم البركاني كان مطروحاً بقوة لرئاسة البرلمان.
ويرى ناشطون وسياسيون يمنيون أن بن دغر لم يكن فاسداً لوحده، وتحميله المشكلة كلها ليس منطقياً، ومنهم الكاتب والصحفي مصطفى راجح، الذي قال في منشور على صفحته في “فيسبوك”: “توجه الإمارات ضد وجود دولة للجمهورية اليمنية في عدن والجنوب، والسعودية ساكت، والسكوت علامة الرضا! وقد أصبح بن دغر مشكلة في نظرهم لأنه خالفهم في هذه، وقال لهم: لا.. وإقالته بهذه الطريقة تأييد صريح للتوجه الذي ناهضه ووقف في وجهه، وسن هذا المسلك يعني أن من يقول لا لهذا النهج سيقال، أكان معين عبدالملك، أو أي مسؤول آخر، سيقال بقرار من هادي.
ويقول الصحفي والناشط الجنوبي، ماجد الشعيبي، لـ”المشاهد: “أعتقد أن المشكلة بالأساس لم تكن في شخصية بن دغر بذاته، إنما بكل الحكومة التي ذاع فسادها ورافقها الفشل خلال السنوات الماضية، وعلمياً لم تحقق أي شيء، ولم يتمكن أي وزير أو مسؤول حكومي من تحقيق إنجاز واحد يخدم المواطن على الأقل، بالتالي وجود رئيس وزراء شاب جديد قد لا يكون الحل الناجع أمام وضع معقد كالذي نعيشه اليوم في الداخل.
وأثار قرار تغيير رئيس الحكومة، انتقادات سياسية يمنية للرئيس هادي، لأن الجميع كانوا يتطلعون إلى تغيير شامل للحكومة، التي فشلت في مهامها منذ الأسابيع الأولى لتشكيلها، حيث ظلت على الدوام في الرياض، دون أي تواجد لها في المناطق المحررة، ولاسيما في العاصمة المؤقتة عدن. ولكن في اليوم التالي من تغيير رئيس الحكومة، جرت تغييرات واسعة في الحكومة، شملت الكثير من الوزراء، وبقي البعض في أماكنهم.
ويبقى السؤال: ما الذي ستقدمه الحكومة الجديدة؟ خصوصاً في ظل التقاطعات والتناقضات الحاصلة في المشهد وعلى مستوى الجنوب تحديداً.
وتقول مصادر إن رئيس الحكومة الجديد على علاقة جيدة مع جميع القوى والأحزاب السياسية، وستكشف الأيام القادمة عن مدى تهيئة الأجواء له، للعمل، من عدمها.
ويقول بعض الناشطين والسياسيين اليمنيين، إن معين عبد الملك، يستحق أن ينجح، وإن كانت كل الظروف غير مهيأة لهكذا نجاح، نتيجة العبث الداخلي والخارجي في اليمن.
وينبغي على رئيس الحكومة الجديد، العمل أولاً على تقليص عدد فريقه الحكومي، والعمل على العودة السريعة إلى الأرض، وإن كان القرار ليس بيده، لكنه يستطيع التغيير وعمل شيء وسط كل هذا العبث.
الصحفي والخبير الاقتصادي اليمني، مصطفى نصر، علق على تعيين عبدالملك بالقول: “الرجل فني ومهني، ويستطيع أن ينسج علاقات جيدة مع الشركاء الإقليميين والدوليين”، مضيفاً أنه سيكون أمام تحدٍّ كبير، لاسيما أنه قادم من خارج المربع السياسي. كما أنه يحتاج إلى فريق حكومي مصغر من الكفاءات، وقبل كل شيء هو بحاجة لمساندة مؤسسة الرئاسة والأحزاب والمؤثرين الإقليميين على القرار اليمني.
من جهته، يقول الشعيبي: “بعيداً عن السجال الإعلامي الذي تصدر مواقع التواصل الاجتماعي، حول شخصية رئيس الوزراء الجديد، إلا أن تحديات جمة تقف أمامه، أهمها إعادة الاعتبار للأداء الحكومي الذي شابه القصور والفساد، الذي انعكس سلباً على الكثير من الأوضاع، أهمها الاقتصادية”.
ووفقاً لمعطيات الواقع، بحسب الشعيبي، فإن الطريق الذي سيمضي فيه الوزير الشاب الجديد ملغم بالكثير من المطبات والصعوبات، في ظل تردي الوضع المعيشي في البلاد، وانهيار الاقتصاد وارتفاع سعر العملة الأجنبية أمام الريال اليمني.
ويفترض أن يكون رئيس الوزراء الجديد صاحب رؤية واضحة وشفافة حيال علاقته بالتحالف، وهمزة وصل بين الطرفين على طريق إعادة الأمور إلى نصابها في ما يخص علاقة الشرعية بالتحالف، وخصوصاً أبوظبي التي تدير المشهد العسكري والأمني في المحافظات المحررة، بحسب الشعيبي.

مقالات مشابهة