المشاهد نت

السيطرة على المساجد في مناطق خاضعة لجماعة الحوثي..منطق القوة هو الحاضر

صنعاء -حسان محمد :
يترك عبدالله احمد حارته، قاطعا مسافات طويلة لأداء صلاة الجمعة، هروبا من مسجد حارته بمنطقة الروضة (شمال صنعاء) الذي فرضت جماعة الحوثي له خطيب بالقوة، رغم أنه لم يترك صلاة الجمعة في مسجد حارته طوال حياته، والكثير من أبناء حارته والحارات الأخرى في أمانة العاصمة والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثي، يفعلون الأمر نفسه في كل جمعة، بحثا عن مسجد، خارج سيطرة جماعة الحوثي أو خطيب اقل تشددا على أقل تقدير.
ويقول عبدالله لـ”المشاهد”:” بعد سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء بفترة وجيزة صعد إمام الجامع على المنبر لإلقاء الخطبة لكننا تفاجئنا بشخص مسلح يصعد خلفه لينزله ويصعد شخص”، مضيفا دفع هذا التصرف كثير من الناس إلى الخروج من الجامع والعودة إلى منازلهم ثم فرضت الصرخة عقب الخطبة أو بعد الصلاة وجعلت الناس تنفر من الجامع أكثر وتبحث عن جوامع أخرى.
ممارسات الحوثيين الطائفية وتجيير المساجد لخدمة أهداف الحركة ونشر مذهبهم بالاعتماد على قوة السلطة والسلاح جعلت بعض الناس يتوقفون عن صلاة الجمعة والاكتفاء بصلاة الظهر بالمنزل كما يفعل إبراهيم عباس الذي يقول لـ”المشاهد” ان المسجد القريب من منزله صار شبه فارغ من المصلين بعد فرض الخطيب الجديد، وهذا ما يؤكد عليه عبدالله احمد الذي يري ان المساجد في عهد الحوثيين فقدت قدسيتها وتحولت إلى وسائل ترويجية لمعتقداتهم ومناسباتهم الطائفية أو للتحشيد والدفع بالناس إلى المشاركة بالحرب في صفوف الجماعة.
واعتقل مسلحو جماعة الحوثي 150 خطيب وإمام جامع وتم ايداعهم في سجون سرية وتعذيبهم .
و احتلت أمانة العاصمة النصيب الأكبر بعدد 85 خطيب وإمام جامع، وتلتها محافظات الحديدة واب وصنعاء كما جرى اقتحام 100 مسجد منها 90 مسجدا بأمانة العاصمة وفرض خطباء لها وأجبرت المصلين تحت تهديد السلاح ليكونوا مأمومينً لخطيب الجماعة المعين بحسب إحصائيات رصدها برنامج التواصل مع علماء اليمن منذ نهاية 2013 حتى نهاية 2016 والتي أكدت أن ممارسات الحوثيين مازالت متواصلة بحق المساجد، واقتحام القرى ومراكز المدن، بحثاً عن خطباء المساجد الذين لا ينتمون لجماعة الحوثي.
وقال وزير الأوقاف والإرشاد أحمد عطية في تغريدات على صفحته في “الفيسبوك” إن الحوثيين لهم سجل حافل في الاعتداء على المساجد وكان لهم هدفا دينيا خالصا يتمثل بتغليب مذهب وسلالة وطائفة معينة على كل الأراضي اليمنية وكانت باكورة عملهم في دماج بمحافظة صعدة (شمال صنعاء) وهو تفجير المسجد، واستمروا في هذا النهج تباعا، منوها إلى أن انتهاك الحوثيين لبيوت الله يعد عملا إجراميا بكل المقاييس.
وقسم عطية ممارسات الحوثي ضد المساجد إلى تفجير، أو تحويلها إلى مخازن أو مقيل للقات وأخيرا ابتكروا طريقة الحرق كما حدث مؤخرا بأحد المساجد بمحافظة ذمار، وهذا ما أكدته إحصائيات برنامج التواصل مع علماء اليمن حيث أوردت في تقريرها أن جماعة الحوثي لم تكتفي باحتلال المساجد وتغيير الخطباء فقط، بل فجرت 29 مسجدا وقصفت 24 مسجداً كما فُجرت 16 داراً للقرآن الكريم ومركزاً دينياً لعلوم الحديث، واقتحمت 146 مسجداً وحولتها إلى ثكنات عسكرية.
الأمر ذاته تكرر في محافظة عدن الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، منذ تعرض خطباء وأئمة المساجد هناك للاغتيال والاعتقال، منذ تحرير المدينة من قبضة الحوثيين.
ويؤكد مصدر في إدارة أمن محافظة عدن أن 16 خطيب مسجد تم اغتيالهم في عشرين عملية اغتيال ، واختطاف خطيب من بداية العام 2016 حتى نهاية العام 2017.
ويقول خالد البركاني مدير مكتب الأوقاف في محافظة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، لـ”المشاهد”: “من الطبيعي ان اي جماعه تسخر المسجد والدعاة لخدمتها”، مضيفا أن الصوت السياسي غالبا ما يريد الصوت الديني مؤيد له وكثيرا ما كانت المنابر داعم اساسي للحاكم.
وفي لقاءات أجراها “المشاهد” مع خمسة مواطنين في أمانة العاصمة، أكدوا ان المساجد تتعرض لأسوء استغلال في تاريخها من خلال التحريض الطائفي ونشر الأفكار المتشددة في المذاهب الشيعية الدخيلة على اليمن وتحويل بيوت الله إلى أماكن دعائية لصالح فكر جماعة معينة ، كما لم يشهد اليمن مطلقا ولا البلدان الإسلامية عمليات تفجير مساجد من قبل جماعة تدعي انها جاءت لإحياء الدين وتغلف مطالبها وأهدافها بصبغة دينية.
وقال المواطن حامد السريحي ان الحوثيين استخدموا المساجد ثكنات عسكرية في أماكن المواجهات المسلحة أو لجلسات المقيل، ومنعوا بذلك، الناس من صلاة التراويح في عدد من المساجد بأمانة العاصمة والمحافظات الخاضعة لهم في رمضان الماضي ، مضيفا أن الجماعة عملت على تأسيس حلقات تدريس أطفال ملازم حسين بدر الدين الحوثي وكتب متشددة في بعض المساجد بأمانة العامة.
حاول محرر “المشاهد” التواصل مع مصدر في وزارة الأوقاف التابعة لجماعة الحوثي ، لكنه اعتذر عن الحديث، فيما أكد مصدر مقرب من جماعة الحوثي أن وزارة الأوقاف من تشرف على المساجد في المحافظات التي تخضع لسيطرتهم، وهي من تحدد من هو خطيب وإمام الجامع وليس الحوثيين.
لكن هذا الطرح يتجافى مع حقيقة ما يجري في مساجد صنعاء من سيطرة على منابرها بقوة السلاح بحسب تأكيد المصادر التي تحدثت مع “المشاهد”.

مقالات مشابهة