المشاهد نت

صرف غير عادل لأراضي حضرموت يشعل سوق العقارات

حضرموت -عبدالمجيد باخريصة:

اندلعت الحرب في اليمن، محدثة كوارث ومآسي جراء العمليات العسكرية والمعارك التي تدمر الأخضر واليابس، وتقضي على كل جميل، أينما حلت.
وعلى الرغم من أن حضرموت الواقعة شرق اليمن، ظلت بعيدة عن كوارث الحرب، بعد طرد تنظيم القاعدة من ساحل حضرموت، في 24 أبريل 2016، بعد سيطرتها عليه لمدة عام كامل، إلا أن الحرب ألقت بظلالها على جوانب الحياة الاقتصادية والمعيشية، بصورة كبيرة، وعلى سوق العقارات تحديداً، حيث ارتفعت أسعار بيعها بصورة مهولة، إضافة لأسعار إيجارات الشقق السكنية، ما جعله يحتل الحيّز الأكبر من اهتمامات الشارع في حضرموت.
ويقول عبد الله سالم، مالك أحد مكاتب العقار بساحل حضرموت، لـ”المشاهد” إن الفترة من العام 2014 قبل اندلاع الحرب في اليمن، حتى العام الجاري، شهدت زيادة في أسعار البيع والإيجار للعقارات، بنسبة تصل إلى 200%، مضيفاً أن قطعة أرض بمساحة 12 في 12 متراً بمدينة فوة المكلا، كانت تباع بـ80 ألف ريال سعودي في العام 2014، وصل سعرها الآن 250 ألف ريال سعودي.
ويؤكد أن الإيجارات ارتفعت في الأحياء التجارية والمهمة بالمدينة، من 300 ريال سعودي للوحدة السكنية في فترة ما قبل الحرب، إلى 1000 ريال سعودي، مشيراً إلى أن زيادة ارتفاع العقارات جاءت نتيجة لزيادة الطلب على العقارات، نتيجة لقيام التجار بشراء معظم الأراضي في الأماكن الحيوية والاستراتيجية، بهدف السيطرة والتحكم في أسعارها.
ويتابع أن كثيراً من المواطنين أيضاً كان لهم الدور في هذا الارتفاع، حيث قام بعضهم ببيع أراضٍ وراثية ورفض بيعها في انتظار ارتفاعها بصورة أكبر.
لكن الدكتور بقسم العلوم المالية والمصرفية بجامعة حضرموت، وليد العطاس، يعيد سبب مشكلة ارتفاع العقارات إلى صرف غير عادل للأراضي، حيث حصل بعض الأشخاص على مئات الأراضي، وهو ما أدى لاحتكارهم لسوق العقارات، والذي قال لـ”المشاهد” إن المشاريع الاستثمارية التي صرفت لها مواقع منذ أكثر من 20 عاماً، بموجب دراسات جدوى اقتصادية وهمية وغير فعلية، أحدثت هذه الحالة من ارتفاع أسعار العقارات.
وتسبب الانهيار الكبير للعملة الوطنية أيضاً بارتفاع أسعار العقارات في حضرموت، حيث أصبح مالكو العقارات ومؤجروها يطالبون بتسليمهم قيمة الإيجار بالريال السعودي، وهو ما أثقل كاهل المستأجرين، خاصة من ذوي الدخل المحدود والفئات المتوسطة، وهي الطبقة الكبيرة في المكلا.
وتتواصل المطالب الشعبية بتدخل السلطة لوقف هذا الارتفاع في أسعار العقارات بحضرموت.
ونزحت الكثير من الأسر في بعض المناطق الشمالية التي تشهد معارك، إلى محافظة حضرموت، حيث البعد عن آلة الحرب والموت، إضافة للاستقرار الأمني الذي تشهده المحافظة، والذي ينعدم في عدد من المحافظات المحررة، ما تسبب في زيادة أسعار الإيجارات للوحدات السكنية، إلى جانب عودة آلاف المغتربين من السعودية، العام الجاري، بعد فرض السعودية رسوماً إضافية عليهم.
ويقول سالم العمودي، أحد المغتربين العائدين من السعودية، لـ”المشاهد”: إننا وقعنا بين سندان الرسوم السعودية ومطرقة الاستغلال من قبل ملاك العقارات في حضرموت، مشيراً إلى أنه من غير المعقول أن يستطيع المغترب تحمّل هذه الأسعار الكبيرة جداً.
يجب على الدولة أن تعيد النظر في آلية صرف المخططات، وتراجع سياساتها، فحضرموت كما يقول الدكتور العطاس، تمتلك مساحات واسعة لم تستغل بعد، ولابد أن تقوم بطرح مخططات استثمارية للمناقصة في هذه المناطق، مع توفير الخدمات لها، وتتوسع من خلال الخروج من المدينة الحالية، مقترحاً أن تقوم الدولة بطرح مناقصة للمستثمرين، بشرط أن يكون المخطط عبارة عن وحدات سكنية تضمن من خلالها الاستغلال الأمثل للمساحات، وضمان توفير سكن لأكبر عدد ممكن من المواطنين، أما الاستمرار في صرف مخططات على شكل قطع أراضٍ، مع الارتفاع الحاصل في كلفة البناء، سيؤدي للاستمرار في المضاربة على أسعار الأراضي.

مقالات مشابهة