المشاهد نت

الوزير جابر من واجهة الحوثيين إلى حضن التحالف

تعز – سامر محمد : 

بعد مرور عشرة أشهر على تعيينه وزيراً للإعلام وناطقاً باسم حكومة الحوثيين، يتحدث هذه المرة، عبدالسلام جابر، من الرياض، كأول مسؤول بهذا المستوى، ينشق عن الحوثيين، ويلتحق بالشرعية والتحالف، في ظرف شديد الحساسية، لتزامنه مع انكسارات عسكرية متوالية، في أهم جبهات القتال الملتهبة، الحديدة وصعدة.
وبعد مرور ثلاثة أيام على تسريب أخبار مغادرته وأسرته صنعاء، نظمت السفارة اليمنية بالرياض مؤتمراً صحفياً لجابر بنسخته الجديدة، وبمفاهيمه وقناعاته المختلفة.
فمن كان يصفهم بالعدوان ومرتزقته، غدوا تحالفاً وقوى وطنية وشرعية، فيما تحولت القوى الوطنية وحصون المقاومة، وقادة ثورة، الى “ميليشيا كهنوتية إنقلابية بلا شرعية، يأمل في الخلاص منها قريباً، كما وصفهم في المؤتمر الصحفي ،بعد نحو خمس سنوات من الإرتباط بالجماعة صحفياً ومسؤولاً ووزيراً وناطقاً.
فجابر اليوم يشعر بـ”سعادة غامرة”، لالتحامه بالقوى الوطنية، وأظهر أمارات الغضب والحرج لاضطراره أن يكون أحد واضعي سياسات التضليل خلال الفترة التي عمل مجبراً في أوساط مليشيا “الانقلابيين”.
لكن الجو لم يصف له لاستعراض فلسفته للعهد الجديد، إذ طار في وجهه حذاءٌ مصدره أحد حضور المؤتمر الصحفي، معلياً صوته شتماً واتهاما بممارسة الخيانة لأربع سنوات، في تصرف يعكس جانباً من ردود الأفعال المتباينة في أوساط مؤيدي الشرعية والتحالف إزاء ذلك الإنشقاق والإستعراض معاً.

ردود الفعل في مواقع التواصل 
وزير الإدارة المحلية عبدالرقيب فتح، وضع محددات لـ”أمان” المنشقين عن الحوثيين، تتمثل في القبول بالشرعية، وبهادي رئيساً شرعياً، لكن أشار أن مكانه ليس المؤتمرات الصحفية والقنوات الفضائية كبطل مغوار، ولكن لجان التحريات، ومكان جيد ومرتب يكفيه، ثم العدالة الانتقالية بين الجميع.
الصحفي عبدالرقيب الهدياني، في صفحته في الفيس بوك قال إن جابر كان ذكياً لعب مع كل المتناقضات ويتحكم بالظروف وتقلبات الأحداث، “كان اشتراكيا بصحيفة الثوري في أوجها ثم رئيسا لتحرير صحيفة القضية في زخم الحراك الجنوبي وحوثياً في عنفوان الإنقلاب.. وصل الى وزير لدى الحوثيين وعندما رأى قرب نهايتهم ترك السفينة وقفز إلى عاصمة التحالف ليظهر اليوم كبطل يقدم خطاباً رائجاً للتحالف ضد الحوثيين.

ووصف الصحفي الهدياني جابر أنه يجيد عرض بضاعته في الوقت المناسب وبالثمن الذي يريد.

وترى الكاتبة والناشطة بشرى المقطري أن تعيين جابر وزيراً في حكومة اﻹنقلاب، كان نتيجة تحالف خط (علي ناصر محمد) مع جماعة الحوثي، ومن ثَمّ فإن انشقاقه يعتبر تفككاً لذلك التحالف المضمر وليس مجرد انشقاق شخص مغرر به.

سيرة التناقضات

وجابر هو صحفي يساري، ينحدر من مديرية الأزارق، بمحافظة الضالع، وجنوبيته تلك، ومواقفه المؤيدة للحوثيين أكسبته ثقة الجماعة ليقفز سريعاً إلى سدة وزارة الإعلام.
عين عام 2005، سكرتيراً لتحرير جريدة الثوري التابعة للحزب الاشتراكي، ليؤسس عام 2009، صحيفة القضية، وانخرط مع جماعة الحوثي التي استقطبته قبل سيطرتها على صنعاء في سبتمبر 2014.. كان من الأصوات البارزة المؤيدة لجماعة الحوثي والمدافعة عنه، وكان موثوقاً لدرجة اختياره مستشاراً للوفد الحوثي المشارك في مفاوضات الكويت عام 2016.
منتصف أكتوبر 2017 عين جابر على رأس صحيفة الجمهورية الرسمية التي أعادت إصدارها من صنعاء، وافتتح عددها الأول بمقابلة مع القيادي الحوثي الراحل صالح الصماد، الذي يشار إليه باعتباره الداعم الرئيسي لجابر.

إقرأ أيضاً  تفوق أطفال اليمن في مسابقات الحساب الذهني

جابر وزيراً للاعلام
مطلع يناير 2018 أصدر الصماد قراراً بتعيينه وزيراً للإعلام في حكومة جماعة تصنف باعتبارها الثانية بعد داعش في انتهاك الحريات الإعلامية، ويقاسي العشرات من زملاء الوزير القادم من عمق الوسط الصحفي، ويلات التنكيل غير المسبوق حتى في العهد الشمولي، بين القتل والإعتقال والإخفاء القسري والتعذيب والتهجير والتخوين وحرمانهم من مصادر رزقهم، ومنعهم من مزاولة الصحافة، ومصادرة المؤسسات العامة والخاصة ونهبها، وإغلاق الفضاء الإعلامي العام عند حدود الإعلام الدائر في فلكهم، ووفقاً لأجندتهم وبشكل مطلق.
وبعد مقتل الرئيس السابق علي صالح على يد الحوثيين في 5 ديسمبر 2017، غادر صنعاء عددٌ من رموز حزب المؤتمر وقياداته وآخرون موالون للحوثيين، بينهم وزراء سابقون وبرلمانيون وقيادات عسكرية وصحفيون، وكان أبرزهم نائب وزير التربية والتعليم في حكومتهم، عبدالله الحامدي، الذي انشق في أكتوبر الماضي، بعد إدراكهم استحالة الشراكة والعمل تحت سطوة الحوثيين.
وحتى كتابة التقرير لم يعلق الحوثيون على انشقاق جابر، لكنهم عينوا مساء السبت القيادي الحوثي ضيف الله الشامي وزيراً للإعلام، تزامناً مع لقاءات مكثفة عقدها رئيس مجلسهم السياسي مهدي المشاط، مع عدد من الوزراء والمسؤولين ورئيس مجلس النواب يحيى الراعي، وآخرين، في محاولة لتفادي أي انشقاقات أخرى.
لكن انشقاق جابر، في هذا التوقيت يشكل حدثاً مهماً، أربك الجماعة التي لم تكن تضع أمراً كهذا في الحسبان، وهي التي تضع أغلب وزراء ومسؤولي حكومتها، في وضع أقرب للإقامة الجبرية، وتفرض عليهم مسؤولاً موازياً (المشرف) ينازعهم الصلاحيات والنفوذ.
وأمرٌ كهذا – يأتي في ظل انكسارات عسكرية متوالية للجماعة في جبهات القتال، وانحسار رقعة سيطرتها ونفوذها على الأرض لصالح خصومها- يضيف إلى هزائمها العسكرية انتكاسة سياسية، ستدفعها لمزيد من التضييق على الوزراء والمسؤولين والشك بولائهم، لتواجه شتاتاً عسكرياً وخيبات سياسية، قد يكون لها أثرها البارز على مسار الحرب ومستقبل اليمن.

مقالات مشابهة