المشاهد نت

الصحفيون في اليمن… معتقلٌ ومشردٌ وآخر مسكونٌ بالخوف

صنعاء -موسي ناجي :

على وقع الحرب المستمرة في اليمن، يعيش الصحفيون اليمنيون واقعاً مريراً، فالصحفي إما مقتول أو ملاحق، أو يتضور جوعاً، كما هو الحال مع محمد القادري الذي فقد عمله وتشرد من منزله بسبب التعبير عن آرائه.
يتنقل العشريني القادري من قرية إلى أخرى في محافظة إب التي يسيطر عليها الحوثيون، منذ 3 أعوام، خشية من الاعتقال، وبحثاً عن مصدر رزق من خلال عمله في البناء.
الأمر مختلف كلياً مع الصحفي نادر الصلاحي الذي يقبع في سجن الحوثيين بالأمن السياسي بصنعاء، منذ 3 أعوام، فصحته تتدهور بشكل كبير، ووضعه النفسي يسوء يوماً بعد آخر، بحسب تأكيد مصدر من أسرته لـ”المشاهد”.

انتهاكات مستمرة

ورغم المحاولات المتكررة التي تقوم بها أسرته، لإطلاق سراحه، إلا أنها تقابل بالرفض الشديد من قبل سجانيه.
تهمة الصلاحي بنظر سجانيه إدارة مجموعة على تطبيق “واتساب”، تنقل الأخبار من مصادرها المختلفة.
ويقول محمد صادق العديني، رئيس مركز الحقوق وحماية الحريات الصحافية، في حديثه لـ”المشاهد”، إن اليمن يشهد أسوأ مرحلة في تاريخ الصحافة في ظل الوضع الراهن، مشيراً إلى عدم وجود صحافة ولا حرية صحافة في اليمن، لا في مناطق نفوذ الحوثي ولا في المناطق التي في يد الحكومة، فمن ينتقد مصيره السجن. اليمن أضحى منطقة منكوبة للحقوق والحريات والحياة إجمالاً، حسب قوله.
ويؤكد الزميل عامر الدميني، رئيس تحرير “الموقع بوست”، لـ”المشاهد” أن الانتهاكات ضد الصحفيين ازدادت حدتها بشكل غير مسبوق، وتنوعت لتصل حد قتل الصحفيين واستهدافهم واختطافهم، وممارسة كل أشكال الإرهاب بحقهم من قبل جماعة الحوثي، مضيفاً أن الأرقام مخيفة في الانتهاكات التي تطال الصحفيين.
وتتنوع الانتهاكات بين التضييق عليهم في وسائلهم الإعلامية، وبين استهداف حياتهم بشكل مباشر، بحسب الدميني، مشيراً إلى أن جماعة الحوثي أطلقت الرصاصة الأخيرة على الصحافة في اليمن، فالكثير من المؤسسات الإعلامية أغلقت في وجه الصحفيين الذين نزحوا، ولم تبق إلا على الوسائل المؤيدة للحوثيين.
وبحسب الدميني، فهناك عشرات المواقع والصحف المغلقة والمحجوبة، والعديد من الصحفيين في السجون، والعشرات من الصحفيين النازحين إلى مختلف دول العالم جراء أساليب القمع التي يمارسها الحوثي.

أرقام مفزعة

أعلنت نقابة الصحفيين اليمنيين، في تقريرها نصف السنوي الأول للعام الجاري 2018، أنها رصدت 100 حالة انتهاك طالت الحريات الصحفية والإعلامية في اليمن، استهدفت الصحفيين ومؤسسات إعلامية كانوا ضحايا للانتهاكات المختلفة من قتل واعتداءات وتهديد ومصادرة وتعذيب وشروع بالقتل وحجب مواقع إخبارية ومصادرة مقتنيات الصحفيين وممتلكاتهم ومحاكمتهم.
وأشارت النقابة في تقريرها، إلى أنها رصدت 300 حالة انتهاك منذ مطلع العام 2017، طالت صحفيين ومصورين وعشرات الصحف والمواقع الإلكترونية ومقار إعلامية وممتلكات صحفيين.
وتورطت جماعة الحوثيين، وفقاً للتقرير، في 204 حالات انتهاك بنسبة 68% من إجمالي الانتهاكات، فيما ارتكبت جهات حكومية تتبع الحكومة الشرعية 54 انتهاكاً، بنسبة 18%، وارتكب مجهولون 28 انتهاكاً، بنسبة 9%، والتحالف العربي لدعم الشرعية 8 حالات، بنسبة 3%، يليه الحراك الجنوبي بـ3 حالات، بنسبة 1%، وأنصار الشريعة (فرع القاعدة باليمن) بحالتين، بنسبة 1%، ونشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي بحالة واحدة، حسب التقرير ذاته.
وتنوعت الانتهاكات بين الاختطافات والاعتقالات بـ103حالات، بنسبة 34% من إجمالي الانتهاكات، و37 حالة حجب للمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، بنسبة 12%، ثم الاعتداءات بـ34 حالة، بنسبة 11%.
وسجلت التهديدات وحملات التحريض التي تعرض لها الصحفيون، 31 حالة، بنسبة 10%، يليها الشروع بالقتل بـ29 حالة، بنسبة 10%، ثم المصادرة والنهب لممتلكات الصحفيين ووسائل الإعلام بـ17 حالة، بنسبة 6%.
ورصد التقرير ذاته 11 حالة محاكمة، بنسبة 4%، و11 حالة تعذيب لصحفيين في المعتقلات، بنسبة 4%، و8 حالات إيقاف رواتب وإيقاف عن العمل.
وسجل التقرير 3 حالات قتل، بنسبة 1%، تورطت فيها جماعة الحوثي، فيما توزعت 16 حالة بين المنع من التغطية، ومنع عن الزيارة، وإيقاف وسائل إعلام، وإصدار لوائح وتعميمات قمعية.
ويعد العام 2017 الأعنف في انتهاك حقوق الصحفيين، حيث رصدت النقابة 300 انتهاك طال حرية الصحافة في البلاد، تورطت فيها أطراف النزاع المختلفة باليمن، بحسب تقارير النقابة.
ويؤكد عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين، نبيل الأسيدي، أن الصحافيين المختطفين في سجون الحوثيين بصنعاء، يتعرضون لتعذيب وحشي، نتج عنه إصابات متفرقة، وأمراض خطيرة.

إقرأ أيضاً  اقتصاديون ومواطنون: الوضع المعيشي «لم يعد يطاق»

حلم العودة المؤجل

الجماعات الخارجة عن القانون اتخذت من القمع وسيلة لكبت الحريات، في محاولات يائسة، تنم عن ضعف وعجز شديد، بحسب الصحفي إيهاب الشرفي، مشيراً لـ”المشاهد”، إلى أن الصحفيين يتعرضون للقمع والملاحقة والاعتقال على يد جماعات خارجة عن إطار الدولة، ولا تؤمن بحرية الرأي والكلمة، مشروعها قائم على العنف والفوضى وتكميم الأفواه، إلى جانب الملاحقات العسكرية والأمنية للناشطين والإعلاميين، وهو أمر خطير من شأنه شل الحرية الصحفية وحركة الصحفيين داخل اليمن في ظل الحرب المفروضة منذ أكثر من 3 أعوام.
ويخشى الصحفيون بالخارج من العودة إلى أراضي الوطن في ظل تفاقم أوضاع الكثير منهم، وتراكم الديون عليهم، و غياب الحاضن الحكومي لهم، ناهيك عن التهديدات التي تنتظر عودتهم، كما يقول الشرفي.

 

مقالات مشابهة