المشاهد نت

من السر إلى العلن إحتفالات دينية لا تنتهي في صنعاء

صنعاء – حسام محمد: 

ما يزال المواطن كمال محمد يتذكر أول احتفال خاص بالحوثيين بعد اقتحام صنعاء في 21 سبتمبر 2014، بـ3 أسابيع، بعيد الغدير، حيث اشتعلت سماء صنعاء بالأعيرة والألعاب النارية، وصار الاحتفال علناً، بعد أن كان يمارس سراً بصعدة قبل سنوات مضت.
احتفالات ومناسبات وفعاليات مذهبية لا تكاد تنتهي، فما إن يطوى احتفال حتى تبدأ الاستعدادات لآخر، هكذا هي سنوات الحوثيين منذ انقلابهم على الحكومة وسيطرتهم على مؤسسات الدولة بصنعاء، ليس لها هدف إلا استجرار خلافات وصراعات الماضي التي لم يكن لليمن واليمنيين عهد بها، وإضفاء القدسية على رموزهم، والصبغة المذهبية للجماعة على المجتمع، فمن الاحتفال بيوم الولاية أو الغدير وعاشوراء وإحياء ذكرى وفاة الإمام علي وزيد ومولد الزهراء، إلى أسبوع الصرخة وأسبوع الشهيد وذكرى مقتل حسين بدر الدين الحوثي، وصولاً إلى ما يسمونها الفعاليات الثقافية الأسبوعية المفروضة على موظفي الدولة، وفق ما أكده موظفون لـ”المشاهد.

احتفالات دينية متعددة

تقول الدكتورة نبيل الحكيمي، لـ”المشاهد”: لو كان علي بن أبي طالب موجوداً في عصرنا، لتبرأ من هذه الفعاليات، مضيفة أن الفعاليات الاحتفالية التي يحرص على إحيائها الحوثيون منذ 3 سنوات، تهدف إلى التعبئة العقائدية، وليست لها علاقة بالدين، وتعد جديدة على اليمنيين الذين لم يكونوا يحتفلون عدا بمولد رسول البشرية جمعاء، دون تطرف أو دعوات لشق النسيج الاجتماعي والتفاضل بنسبه، وبعيداً عن المظاهر التي استحدثها الحوثيون.
الحوثيون يغلفون مناسباتهم الدينية بغطاء طائفي يعمل على تفكيك النسيج الاجتماعي، واستحضار عداوات مر عليها قرون، وإبراز قضايا عفا عليها الزمن، للبحث عن مظلوميات يخادعون الناس البسطاء على أنهم سينتصرون لها، ويسخرون الدين لخدمة مصالحهم، بحسب أحد الدعاة بصنعاء لـ”المشاهد”، الذي أكد أن هذه الفعاليات بمثابة محاولات للتكريس في عقول الناس بأنهم ورثة الولاية، والمستحقون للاستخلاف والحكم، والقائمون على الدين، وبلغ تزييف الفعاليات أنهم حولوا يوم عاشوراء الذي صامه الرسول حين جاء ويهود المدينة يصومونه حمداً لله لنجاة موسى وقومه من فرعون، إلى مناسبة خاصة باستشهاد الحسين، وحتى اليوم العالمي للمرأة تحول إلى ذكرى مولد الزهراء.

الجباية من التجار

مليحة الأسعدي، رئيسة مؤسسة وجوه للثقافة والتراث، لا ترى مانعاً من تنظيم الاحتفالات الدينية الخاصة بهم إذا لم يفرضوها على الآخرين، مؤكدة لـ”المشاهد” أن أسباب الاعتراض على إقامة هذه الفعاليات الاحتفالية، تتمثل في هدر المال العام، وخاصة في ظل الظروف التي يعيشها اليمن، ومحاولات فرضها على الناس.
وتكلف الاحتفالات المتكررة للحوثيين ملايين الريالات، في الوقت الذي يعيش 14 مليون يمني على حافة المجاعة، بحسب أحد الدعاة الذي (فضل عدم ذكر اسمه)، مشيراً إلى أن تكاليف الاحتفالات والفعاليات التي ينفقونها من المال العام، كان الأجدر إنفاقها على مرتبات الموظفين والناس الذين لا يجدون قوت يومهم.
ويقول إن الفعاليات تسعى إلى طمس هوية اليمن، كما تطمس ملامح الشوارع وقباب المساجد وأسوار مدينة صنعاء الأثرية بالألوان الخاصة بهم، والصور التي تخص من ينتمون إليهم، واستخدام أساليب التقديس لقياداتهم، كشعارات الاحتفال بمقتل حسين الحوثي الذي أطلقوا عليه القرآن الناطق وقرآن يمشي على الأرض وقرين القرآن، والترسيخ بعقول الناس أوهام مسيرتهم القرآنية وقائدها ابن النبي كما يزعمون، وغيرها، وفقاً للشعارات المعلقة على شوارع مدينة صنعاء.
ويسعى عدد من أنصار الحوثي، على المحلات التجارية في العاصمة صنعاء، ومناطق سيطرتهم الأخرى، لتحصيل مبالغ مالية، يزعمون أنها دعم لمقاتليهم في الجبهات، بينما هي لتمويل احتفالاتهم المتكررة، ومن يدفع من التجار يمنح سنداً بالمبلغ الذي سلمه، كما يفعل نبيل حامد أحد الذين يجمعون المبالغ المالية من التجار.

إقرأ أيضاً  كرة القدم و التحصيل العلمي للطلاب

فعاليات أسبوعية في المؤسسات

الفعاليات الخاصة بالحوثيين ما تزال تتسع، وتستحدث فعاليات جديدة أحياناً يكون الدافع منها الاستعراض، وإظهار أنهم ما يزالون يمتلكون القوة والقواعد الشعبية المناصرة لهم، ولهذا تراهم يتوسعون بتنظيم الاحتفالات، ويجبرون السلطات المحلية بالمحافظات والمديريات التابعة لهم على المشاركة والدفع بالمواطنين، بحسب المواطن كمال محمد، الذي يشير إلى أن الفعاليات لم تعد تقتصر على الاحتفالات بذكرى رموزهم القديمة والحديثة، وإنما وصلت لتنفيذ فعاليات ثقافية أسبوعية لاستقطاب موظفي الدولة.
وتعتقد نبيلة الحكيمي أن تحقيق العدالة الاجتماعية والشراكة الوطنية والاقتداء بنهج رسول الله عليه الصلاة والسلام بعيداً عن التطرف والغلو، النهج الصحيح لمن أراد أن يحكم، وليست هذه الفعاليات التي تقام بشكل متكرر.

مقالات مشابهة